عقلية جديدة للاقتصاد العالمي المتغير (2)

31/01/2016 0
محمد عبد الله العريان

لا يوجد شيء لا مفر منه حول مسار المستقبل.

ما تفعله الشركات والحكومات والأسر يمكن أن يكون له تأثير مهم على ما يعتبر حاليا «احتمالات متوازنة بدقة».

بتعبير بسيط، فإن المحفز الرئيسي لاتخاذ الطريق السليم من «التقاطع T» هو مزيج أفضل من السياسة والمحركات القوية للاقتصاد.

هذا يمكن أن يحدث إذا كانت السياسات الوطنية التي وضعت في عدد قليل من البلدان ذات الأهمية النظامية تواجه «لحظة سبوتنيك» (أي لحظة الانتباه والكشف) التي توحد السياسيين وراء رؤية مشتركة وهدف وطني.

ومن شأن ذلك أن يسمح بمواصلة تنفيذ التدابير بما في ذلك الإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو، والطلب الكلي الأكثر توازنا، ورفع الديون العالقة بشكل عنيد، جنبا إلى جنب مع تعزيز تنسيق السياسة العالمية.

التحدي هو ضمان أن الجانب الذي سيخرج من عنق التقاطع T سيشير إلى وجود اقتصادي ومالي أفضل، وليس أسوأ.

وإلا فإن الاقتصاد العالمي سوف يجد نفسه غارقا في نمو أقل حتى من قبل، وزيادة عدم المساواة وعدم استقرار السوق - كل ذلك من شأنه أن يضغط على التماسك الاجتماعي والسياسي وفي الوقت نفسه يزيد من مخاطر التوترات الجيوسياسية.

مهما بذلتُ من جهود ومحاولات، مع أني حاولتُ بمنتهى الجد، فإن من الصعب التنبؤ بدقة متى سوف نصل إلى عنق التقاطع T، أو أي طريق سنسلك. ولكن الوضع الحالي لا يتعلق بالمصير بقدر ما يتعلق بالبدائل التي ينتهي بنا المطاف بأن نتخذ قرارا بشأنها بشكل جماعي، إما بقصد أو بدون قصد.

ونتيجة لذلك، فإن هناك سؤالا رئيسيا، وهو كيف من المرجح لنا أن نتفاعل عندما تختفي البيئة التي تعودنا عليها لتحل محلها بيئة أكثر غموضا وما يمكننا القيام به الآن لتعزيز احتمالات النجاح لدينا.

هناك نهج مغر، وهو انتظار الآخرين حتى يجعلوا الأمور أفضل بالنسبة لنا.

من خلال استغلال الجسور التي بنتها البنوك المركزية بنفقة ضخمة وتم تمكينها من قبل النظام السياسي، تستطيع الحكومات وينبغي عليها، أن تفعل الكثير لتحسين التوزيع الاحتمالي للنتائج المستقبلية، سواء من تلقاء نفسها، من خلال التعاون المتعدد الأطراف على نحو أفضل، وعبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

كل واحد منا يمكن أن يلعب دورا في مجال الدعوة. ولكن هذا لا يقتصر فقط على الحكومات التي تعمل معا.

يمكننا وينبغي علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة، ويمكننا أن نبدأ من خلال التعرف على التغيرات المقبلة وماذا نفعل حيالها.

ينبغي أن يكون التركيز على تطوير ردود على التوزيعات ثنائية الصيغة غير المألوفة.

عند محاولة توقع أحداث مستقبلية، معظمنا يعتمد على النماذج التي تحتوي على التوزيعات العادية ذات السلوك الحسن التي تشمل احتمالا مهيمنا لنتيجة معينة.

وفي الوقت الذي ندخل فيه عالم الصيغة الثنائية، مع الاحتمالات العالية لكل من النتائج الجيدة والسيئة، فإن ردود الفعل المعتادة لدينا ستكون أقل فعالية بكثير، مما يهدد بالشلل التام أو القصور الذاتي النشط.

الاعتراف بأن التغيير قد بدأ، وفهْم هذا التحول الأساسي، هو الخطوة الأولى نحو الإدارة الأفضل للمشهد في المستقبل.

هو شرط ضروري، لكنه ليس كافيا. فهو بحاجة إلى مساندة من الأدوات المناسبة، والهياكل المجدَّدة، والعمليات المحدَّثة، والعقليات المفتوحة، وتعديل السلوكيات.

(المقال مأخوذ من كتاب للمؤلف بعنوان «اللعبة الوحيدة في المدينة، وعدم الاستقرار، وتجنُّب الانهيار التالي»، الذي صدر الأسبوع الماضي عن دار بنجوين راندوم هاوس.)

نقلا عن اليوم