عندما يزور المرء قبرص، يجد بلداً صغيراً محاطاً بالبحر يواجه من شماله تحديات يونانية وتركية واستحقاقات الأزمة الاقتصادية المستمرة في أوروبا. قبرص الآن عضو في الاتحاد الأوروبي وعضو في الوحدة النقدية الأوروبية (اليورو) وهي تمثل اقتصاداً صغيراً ومحدوداً في موارده.
وقُدِّر الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 2014 بـ 23 بليون دولار، وبلغ معدل دخل الفرد السنوي 26 ألف دولار.
ويعتمد الاقتصاد القبرصي على مساهمة قطاع الخدمات بنسبة 87 في المئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي ثم الصناعات التحويلية التي تساهم بنسبة 10.6 في المئة والزراعة بنسبة 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتمثل السياحة والصناعات الغذائية ومواد البناء وإصلاح السفن والصناعات النسيجية أهم النشاطات الاقتصادية.
واستطاعت قبرص أن تطور علاقاتها التجارية مع العديد من البلدان الأوروبية وتمكنت من تصدير بضائع وسلع بلغت قيمتها 4.2 بليون دولار في 2014 في حين استوردت بضائع وسلعاً بلغت قيمتها 7.7 بليون دولار، ما يعني أن البلاد تعاني عجزاً في الميزان التجاري وصلت قيمته إلى 3.5 بليون دولار في 2014. وتعتبر بريطانيا واليونان وإسرائيل وألمانيا وهولندا وفرنسا وإسبانيا والصين من أهم الشركاء التجاريين.
ويعني ذلك أن قبرص تتعامل في شكل رئيسي مع بلدان الاتحاد الأوروبي وتتناغم مع التطورات الاقتصادية في هذه البلدان بما يعرضها للانكشاف على الأزمات التي تمر بها بلدان الاتحاد الأوروبي.
وتواجه قبرص مشاكل هيكلية، كما هي الحال في بلدان جنوب أوروبا مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، مثل ارتفاع مستوى الدين الحكومي الذي قدرت قيمته بـ 19.2 بليون يورو في 2015.
ولا تزال المالية العامة للحكومة في وضع صعب، إذ وصل العجز في الموازنة إلى ما يزيد عن 1.5 بليون يورو في 2014 أو ما يعادل 8.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل مرتفع ويزيد كثيراً عن ثلاثة في المئة، وهو المعدل المستهدف للعجز لبلدان الاتحاد الأوروبي المقرر في اتفاق الوحدة النقدية الأوروبية.
ومرت قبرص بمصاعب اقتصادية مهمة أبرزها معضلة النظام المصرفي خلال 2012 و2013 حين اضطرت الحكومة إلى الاتفاق مع مفوضية الاتحاد الأوروبي على إعادة هيكلة أوضاع أحد أكبر المصارف في البلاد، وهو "بنك قبرص الشعبي"، من خلال عملية هندسة مالية معقدة، للحصول على 10 بلايين يورو من أجل تعويم هذا المصرف، وساهمت المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي في تدبير الأموال اللازمة لذلك التعويم.
ولا شك في أن تلك الأوضاع كانت نتاج التراخي في مراقبة المصارف القبرصية ما دفعها إلى اتباع سياسات إقراض منفلتة.
واندفعت تلك المصارف إلى قبول إيداعات يمكن أن تصنف بالمشبوهة من أثرياء من روسيا وعدد آخر من البلدان، كانت تفد إلى قبرص من أجل التهرب من الضرائب في بلدان المنشأ.
ويمثل قطاع السياحة أهمية في الاقتصاد القبرصي فالجزيرة مزار للعديد من السياح من بلدان الاتحاد الأوروبي وآخرين من آسيا أو بلدان الشرق الأوسط. وبلغ الدخل الإجمالي لهذا القطاع بين كانون الثاني (يناير) وتشرين الأول (أكتوبر) 2015 نحو بليوني يورو.
وبلغ عدد الزوار لقبرص خلال 2014 حوالى 2.4 مليون، ويقدر خبراء في قطاع السياحة الدولية أن ينمو عدد السياح بنسبة اثنين في المئة سنوياً خلال السنوات القليلة المقبلة. ويمثل البريطانيون أهم فئة بين السياح إلى قبرص يأتي بعدهم الروس ثم السياح من بلدان شمال أوروبا وكذلك السياح من اليونان.
وتُعتبَر قبرص بلداً متقدماً من الناحية السكانية، إذ يبلغ عدد سكان البلاد أقل بقليل من مليون شخص ولا يزيد معدل النمو السكاني عن 0.5 في المئة سنوياً.
ويساوي معدل الإنجاب 1.5 طفل للمرأة في سنوات الخصوبة. وتقارب هذه المعدلات المستويات في البلدان المتقدمة، خصوصاً بلدان الاتحاد الأوروبي.
لكن الاقتصاد القبرصي ما زال عاجزاً عن تأمين فرص عمل لنسبة مهمة من المواطنين إذ تبلغ البطالة 15.6 من إجمالي قوة العمل، بما يفوق معدل البطالة في بلدان الاتحاد الأوروبي التي تبلغ 10.6 في المئة.
ويتعين على الإدارة الحكومية في قبرص بذل مزيد من الجهد لإقناع المؤسسات العالمية والمستثمرين الأجانب بتوظيف مزيد من الأموال من أجل خلق مزيد من فرص العمل.
إن تعافي الاقتصاد القبرصي وتجاوز أزمة المصارف خلال السنوات المقبلة سيعززان مكانة قبرص على خريطة الاستثمار العالمية.
وإذا تعززت الثقة في الأوضاع المؤسسية وانتعشت آمال توحيد قبرص، بدعم من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا بد من أن ينتعش الاقتصاد بما يمكن من زيادة تدفق أموال الاستثمار.
ويمكن للمستثمرين الخليجيين أن يجدوا في قبرص موطناً مناسباً لتوظيف الأموال في ضوء تراجع إيرادات النفط. ومهما يكن من أمر فإن العمل الاقتصادي في بلد مثل قبرص محكوم بمنظومة متسقة تعتمد على معايير الاتحاد الأوروبي التي تقوم على أخطار محسوبة.
نقلا عن الحياة
القبارصة شعب طيب و محترم لكن مشكلتهم سيطرة التفكير الارثذوكسي المتزمت على سلوكهم وان كان هذا ايجابي في ما يتعلق بالسلوك الشخصي الا انه سلبي في ما يتعلق بادارة شؤون الدولة. القبارصة واتتهم فرصة من ذهب بعد نشوب الحرب الاهلية اللبنانية لياخذوا محل بيروت في المنطقة حينها كمدينة خدمات و مصارف وتجارة اعادة التصدير لكن تحفظهم و ترددهم اضاع تلك الفرصة التي اخذتها دبي بعد ذلك. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اصبحت قبرص ملاذاً آمناً لاموال المافيات الروسية التي رحب بها القبارصة لا لشيء الا لإنهم ارثذوكس مثلهم و كانت النتيجة ما حصل للنظام المصرفي القبرصي.