خفض إنتاج أوبك لن يجدي كثيرا، وإن أجدى سيكون مؤقتا، كميات العرض للنفط في الأسواق الدولية زائدة، ولا بد من تغيير استراتيجيات تسويق النفط.
إضافة إلى أدوارها الأخرى، تلعب منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" دورا رئيسيا في توفير الإمدادات النفطية لدول العالم.
تتكون الأوبك من 13 دولة (السعودية، قطر، الإمارات، الكويت، العراق، إيران، الجزائر، ليبيا، نيجيريا، أنجولا، الإكوادور، إندونيسيا، فنزويلا)، أما أكبر الدول المستوردة فهي (الولايات المتحدة الأميركية، الصين، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية، ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، هولندا، إسبانيا، المملكة المتحدة).
دور الأوبك الرئيسي (مكمل) لتوفير الإمدادات النفطية لدول العالم، فمثلا عندما كان (الطلب) على النفط 90 مليون برميل يوميا للدول من داخل وخارج الأوبك، قُدرت الإمدادات النفطية من خارج الأوبك بـ60 مليون برميل يوميا، فكان دور أوبك توفير 30 مليون برميل يوميا تتكفل بها دول الأوبك نسبيا حسب قدرة كل دولة الإنتاجية، لكي تضمن توفير الإمدادات الناقصة لدول العالم، وتضمن أيضا عدم وجود فائض لكي لا يؤثر على الأسعار سلبيا بالنسبة للدول المصدرة، وتعمد الأوبك هنا إلى عدم إغراق الأسواق لكي لا تنخفض الأسعار.
يلاحظ هنا، ليس كل الدول المصدرة تابعة لمنظمة أوبك مثل روسيا، وليس كل الدول المستهلكة من خارج أوبك، فالسعودية مثلا تستهلك من الـ90 مليون برميل نفط. طبعا هذا في السابق.
فرض الحظر الاقتصادي على إيران قبل سنوات، ومنعت من تصدير مليون برميل يوميا، وبعدها بسنوات قليلة نقصت صادرات ليبيا مليون ونصف المليون برميل يوميا، بسبب الفوضى الأمنية بعد ثورة 2011، إضافة إلى ضعف الإنتاج في بعض دول العالم، وزيادة الطلب على النفط، خصوصا من دول آسيا، جميع هذه الأسباب جعلت السوق يشتد طوال السنوات الخمس أو السبع الماضية وارتفعت الصادرات وارتفعت الأسعار أيضا، فكانت الأسواق مشجعة لدخول النفط الصخري بما أن أسعار النفط مرتفعة وتستطيع تغطية تكاليف إنتاجه المرتفعة نسبيا.
بعد ارتفاع الإنتاج من النفط الصخري، أصبح هناك فائض في الأسواق، وبما أن النفط الصخري الأميركي يحظى بميزة البيع في أميركا قبل النفط المستورد، فكانت دول الأوبك أمام أمر واقع لخفض إنتاجها لتبقي دورها الأساسي كدولة مكملة وتحافظ على الأسعار مرتفعة، ولكن كان هذا يتطلب خفض الإنتاج بحوالى 3 ملايين برميل نفط يوميا، وكل دولة من دول الأوبك تريد من الأخريات خفض الإنتاج ولم يكن عند الغالبية الاستعداد لخفض إنتاجها. فرأت الأوبك أن تبقي إنتاجها على نفس مستوى الإنتاج 30 مليون برميل يوميا وهذا سيبقي الكميات المعروضة مرتفعة والأسعار منخفضة، طبعا هذا سيرهق شركات النفط الصخري لأن تكلفة إنتاجه عالية.
بفضل تطور التكنولوجيا، استطاعت شركات النفط الصخري المقاومة في ظل الأسعار المتدنية فاضطرت لخفض تكاليف الاستخراج، وهي لا تزال صامدة ولكن بعزم أقل من السابق وبدأ ضعف اللياقة يظهر عليها.
في المقابل، تعتمد غالبية دول الأوبك على النفط بشكل كبير في إيرادات تلك الدول، بينما منافستها شركات نفط صخري، وليست دولا لديها أعباء أخرى، فكلاهما بحاجة إلى بيع النفط بسعر 70 أو 80 دولارا لكي يغطي التكاليف ويبقي قليلا من الأرباح.
صحيح أن تكلفة الإنتاج في بعض دول الأوبك رخيص مثل السعودية التي تنتجه تقريبا بعشرة دولارات للبرميل، ولكن هذا تكلفة إنتاج الشركة القائمة على إنتاج النفط "أرامكو"، ولكن المملكة بحاجة إلى بيعه بـ75 دولارا تقريبا لتغطي تكاليف ميزانية الدولة، بينما في المقابل شركات النفط الصخري ليس لديها التزامات أخرى غير تكلفة النفط، بما أن الضرائب نسبية، فربما البيع بسعر 60 دولارا أحيانا يكون مربحا لبعض الشركات. هناك عوامل أخرى غير مباشرة، ففي النفط الصخري ونفطنا التقليدي حسابات أخرى كبناء الجدوى الاقتصادية لعشرات السنين قبل الجرأة على استثمارات عالية في الصرف على اكتشافات النفط، وأيضا حفر الآبار والإنتاج والنقل وغيرها.
الوضع الحالي، الطلب على النفط تقريبا 91.5 مليون برميل يوميا، الإنتاج مرتفع من الكل، والفائض من الإنتاج أكثر من 3 ملايين برميل يوميا، والأسعار متدنية والكل يملأ خزاناته وصهاريجه الاحتياطية مستغلا انخفاض أسعار النفط، والكل متضرر، دول من داخل الأوبك متأثرة اقتصاديا وشهدنا فنزويلا بداية الأسبوع أعلنت حالة الطوارئ لاقتصادها، وهناك دول كثيرة تكبدت ديونا كثيرة، ودول خسرت كثيرا من الدخل المفترض بأسعار نفط عالية. وفي المقابل شركات النفط الصخري تتكبد خسائر وإن استطاعت المقاومة حتى اليوم، وبعضها يفقد أرباحا افتراضية، ولكن تعمل على تحسين الأداء وخفض عدد العمالة والمعدات لخفض تكاليف الإنتاج وتستعين ببعض الأرباح التي جنتها خلال السنوات الخمس الماضية، وهناك عوامل أخرى.
كتبت مقالا قبل ثلاثة أشهر بعنوان "سيناريوهات مستقبل النفط 2016"، ومختصره (سيناريو 1) استمرار الوضع كما هو عليه وزيادة الضغط على الشركات والدول وتكبد مزيد من الخسائر، (سيناريو 2) انخفاض إنتاج النفط الصخري بأقل من مليون برميل، وهذا سيرفع من أسعار النفط قليلا، (سيناريو 3) انخفاض إنتاج النفط من الدول الأخرى، سواء من داخل أو خارج الأوبك، (سيناريو 4) دخول عوامل جديدة تزيد الوضع تعقيدا كالسماح لإيران بزيادة صادراتها بمليون برميل والتي فرض عليها حظر اقتصادي، وزيادة الصادرات من النفط الليبي الذي قد يصل إلى مليون ونصف المليون برميل، أضف إلى ذلك، أي طارئ قد يطرأ على دولة أخرى، إما انهيار اقتصادي أو غيره يؤثر على إنتاج النفط سلبا أو إيجابا.
كل السيناريوهات غير مطمئنة وأي حل سيكون مؤقتا، فمنافس الأوبك ليس شركات النفط الصخري التي قد يغلق بعضها مؤقتا ويعود متى ما ارتفعت الأسعار، المنافس الحقيقي للأوبك هو وجود النفط الصخري في مأمن تحت الأرض وأيضا وجود التكنولوجيا التي تستطيع استخراجه.
نقلا عن الوطن
استمرار اسعار النفط عند مستوى ثلاثين دولارا او اقل للبرميل طوال عام ٢٠١٦ كفيل بتعديل كثير من المعادلات القائمه حاليا .... ولكن ليس من المتوقع ان يستمر انخفاض اسعار النفط الى اقل من خمسين دولارا العام القادم ٢٠١٧......ربما تتفق الدول المصدره من داخل وخارج اوبك على آليه لخفض الانتاج اذا وصل سعر البرميل الى عشرين دولارا او اقل نهاية العام ٢٠١٦ والله اعلى واعلم .
من يصدق ان زيادة مليونين برميل تخسف بسبعين بالمائة من سعر النفط لعبة بني اسرائيل اليهود والنصارى لابد من الحذر