تقدم في المقال السابق أن اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني جاءت بما يصرف التأمين عن ذلك إلى التأمين التجاري – بل إن اللائحة بنيت على التأمين التجاري، ويوضح ذلك الآتي:
أولاً: أنها تنص على إعادة 90٪ من الفائض إلى أصول المساهمين (أصحاب الشركة) وذلك في المادة السبعين الفقرة (1/هـ) ونصها:"توزيع الفائض الصافي، ويتم إما بتوزيع نسبة 10٪ عشرة بالمئة للمؤمن لهم مباشرة، أو بتخفيض أقساطهم للسنة التالية، وترحيل ما نسبته 90٪ تسعون بالمئة إلى قائمة دخل المساهمين"، وهذه معاوضة على الفائض تجعل التأمين تجارياً؛ وتقرر عدد من جهات الفتوى أن مقتضى التأمين التعاوني أن يكون الفائض لصالح حملة الوثائق (طالبي التأمين) بأن يعاد إليهم أو يُرحًل إلى عام آخر لتقلّ به الأقساط المأخوذة من طالبي التأمين ، أو يُنشأ به وقف لهم أو غير ذلك من التصرفات العائدة لمصلحة حملة الوثائق.
ثانياً: أن اللائحة -في المادة الأولى الخاصة بالتعريفات-عرَّفت التأمين بأنه (تحويل أعباء المخاطر من المؤمَّن لهم إلى المؤمِّن، وتعويض من يتعرض منهم للضرر أو الخسارة من قبل المؤمن) وعرفت اللائحة الاشتراك (القسط) في الفقرة (18) بأنه: (المبلغ الذي يدفعه المؤمَّن له للمؤمِّن مقابل موافقة المؤمِّن على تعويض المؤمَّن له عن الضرر أو الخسارة التي يكون السبب المباشر في وقوعها خطر مؤمن منه)، كما عرفت اللائحة وثيقة التأمين في الفقرة (17) بأنها: ( عقد يتعهد بمقتضاه المؤمِّن بأن يعوض المؤمَّن له عند حدوث الضرر أو الخسارة المغطى بالوثيقة، وذلك مقابل الاشتراك الذي يدفعه المؤمَّن له) وواضح من كل هذا أن اللائحة ألغت التعاون والتضامن والتكافل بين المؤمِّنين (حملة الوثائق)، وعلَّقت المغانم والمغارم بذمة المؤمِّن (صاحب الشركة)، وبذلك عاد الأمر إلى معاوضة بينهم وبين المؤمِّن.
ويراد بالمؤمِّن كما جاء في تعريفه في فقرة 14 من المادة الأولى (المؤمِّن: شركة التأمين التي تقبل التأمين مباشرة من المؤمَّن لهم) ويراد بشركة التأمين كما جاء في الفقرة 13 من المادة نفسها (الشركة شركة المساهمة العامة التي تزاول التأمين أو إعادة التأمين أو كليهما).
ويرى المنتقدون للائحة أن المفترض في التأمين التعاوني أن يتضامن دافعو أموال التأمين؛ بحيث يكون التعويض منهم بمجموعهم؛ ويكون دور الشركة المساهمة إدارة التأمين فقط بصفتها أجيراً، وتأخذ على إدارتها أجراً يُحدد بنسبة من كل قسط يدفعه المشترك.
ويأمل المختصون في التأمين أن تلتفت الجهة الرقابية على صناعة التأمين - وهي مؤسسة النقد العربي السعودي – إلى هذا الفصام بين اللائحة والنظام، وهذا يعود بالفائدة لشركات التأمين والمؤمنين والجهات الرقابية والقضائية.
وفي الجزء التالي من المقال بيان لبعض الملحوظات الأخرى على اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني.
ممتاز ياأباسعد مقال في الصميم ويخدم المواطن والمقيم