نترقب إعلان الموازنة العامة للدولة خلال اليوم، ولن ننظر إلى العجز المتوقع في 2016 أو عجز 2015 بكثير من القلق لأننا واثقون من قدرة الحكومة على تمويل أنشطتها خلال العام القادم من خلال الاحتياطيات الضخمة التي تمتلكها و/أو الاقتراض، فنحن ننتظر الإعلانات المرافقة لإعلان أرقام الموازنة والتي نتمنى أن تشمل التالي:
- النمو المتوقع لإجمالي الناتج المحلي خلال 2016
- أسعار النفط المتوقعة التي افترضتها موازنة الحكومة
- المشاريع التي ستعتمدها الحكومة للسنة القادمة وآلية تنفيذها وتمويلها
- نفقات التعليم وأوجه الصرف في قطاع التعليم نفسه
- نفقات الصحة وأوجه الصرف في نفس القطاع
- نفقات مشاريع البنية التحتية مياه، صرف، طرق، موانيء، مطارات
- نفقات وزارة الإسكان، وعدد الوحدات السكنية المستهدف تسليمها وبناؤها خلال 2016
- القرارات الإدارية المصاحبة لإعادة هيكلة بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية
وأرى أن الحكومة يجب أن تستمر في بناء سياسات مالية توسعية كما هو الحال في الموازنات السابقة حيث اتبعت نفس المنهج رغم هبوط أسعار النفط دون 40 دولاراً للبرميل في 2009، وذلك حفاظاً على استمرارية النمو ومنع الاقتصاد من الانكماش؛ فالانكماش بعبع يؤدي الى زيادة معدلات البطالة، وانخفاض الدخل والأجور، وخفض المعنويات وزيادة التشاؤم، وهي العوامل التي تريد الحكومة تجاوزها خلال السنة القادمة.
ويتطلب ذلك نفقات لاتقل عن 800 مليار ريال مهما كان حجم الإيرادات المتوقعة، لقد كانت توقعات موازنة 2015 عند 860 مليار ريال، وأعتقد أن لدى الحكومة القدرة في تبني نفقات 800 مليار ريال السنة القادمة وأعلى حتى مع انخفاض الإيرادات المتوقع عطفاً على ماتتمتع به الحكومة من ملائة مالية قوية، إن حجم الإنفاق بميلغ يتجاوز 800 مليار سيمكن اجمالي الناتج المحلي من النمو بأعلى من 2.5% على أقل تقدير، ورغم أنه أقل من بعض السنوات الماضية لكنه مهم في بقاء وتيرة النمو في حالة جيدة.
وإذا نجحت الحكومة في تجاوز 2016 بمعدلات نمو جيدة فإننا سنراهن على عودة النمو القوي في الصين وأوروبا مع ماقد يحدثه من عودة أسعار النفط للارتفاع في السنوات مابعد 2016؛ فالاعتماد على مورد واحد قد يجر الدول إلى تبني سياسات سنوية تهدف الى تأجيل الركود الى سنوات لاحقة حتى تظهر عوامل مساعدة (محلية أوخارجية) تحفز النمو، والمملكة ليست استثناء، حيث تلعب السياسات المالية (النفقات الحكومية) المحور الرئيس في تفادي أي ركود محتمل.
وأرى أن تبني سياسات ترفع من كفاءة الإنتاج وفعالية استخدام الموارد ستكون مهمة جداً لكن أثرها يأخذ سنوات أطول من سنة مالية واحدة، مايجعلنا نتوقع عددا من القرارات الإدارية والتشريعية تستهدف إعادة هيكلة بعض الأجهزة الحكومية، وهذه القرارات إن أعلنت مع إعلان الموازنة العامة خلال الأسبوع الحالي ستكتسب أهمية بالغة، وأهميتها تأتي في رفع معنويات المستثمرين والمواطنين، وستتضح دلالاتها على مؤشر سوق الأسهم أولاً، حيث إن ارتفاعه مباشرة (والحفاظ على التوجه الصعودي) بعد إعلان الموازنة قد يشير إلى نبرة تفاؤلية ومصادقة على الخطوات الحكومية المتخذة، والعكس صحيح في حال انخفاضه.
إن خروج الموازنة بكثير من التفاصيل عما عهدناه سابقاً، وإعطاء مؤشرات نمو متوقعه سيساهم بشكل كبير في رفع معنويات المتعاملين حتى لوجاءت مستويات النفقات الحكومية والعجز المتوقع أكبر مما هو الحال في السنوات الماضية، لأن مزيداً من الإفصاح والشفافية وإزالة الغموض والإجابة على تساؤلات المراقبين هو لبناء اللبنة الأولى في رفع كفاءة وفعالية الإنتاج والنمو.
نقلا عن الرياض