على الرغم من وضوح المؤشرات الخاصة ببعض القطاعات بالسوق ومنها العقارية والتشييد، مازالت هناك موافقات تصدر لطرح شركات عقارية ومقاولات للاكتتاب وتأسيس صناديق استثمار عقارية ومطالبات بتأسيس شركات تطوير عقاري وفق أسعار الطفرة، وفي وقت تعاني فيه جميع الشركات من شح الطلب ونقص السيولة النقدية، وهو الأمر الذي قد يتسبب في تخارج المؤسسين بأرباح عالية من خلال رفع رأس المال وعلاوة الإصدار وكما هو مشاهد في شركات أوقفت لإفلاسها أو شركات في طريقها للإيقاف بسبب خسائرها بعد الطرح.
وأيضا مع وضوح المصاعب التي تواجه قطاع المقاولات والمخاطر بآلية احتساب الأرباح بالقطاع، التي تعتمد على التقدير الافتراضي وتعلن بشكل ربع سنوي كنتيجة لعقود مازال يجري تنفيذها ولم يتضح بشكل دقيق إجمالي الحسميات والغرامات عليها، لم يؤيد البعض ما طرحته في 15 مارس 2015م "مخاطر طرح شركات المقاولات للاكتتاب العام" حيث تم الاستناد على رؤية مختلفة عما طرح بالمقال وتعتمد على هالة إعلامية غير صحيحة بأن لدينا شركات كبرى، وغيرها لديهم مشروعات ضخمة ويرون انه يجب أن يشارك المواطن في أرباحها، في حين أن الحقيقة هي أن معظم الشركات وخصوصا التي تعمل بقطاع المقاولات كانت تواجه مصاعب مالية وإدارية وانكشفت للجميع قبل عدة أشهر، فماذا سيكون عليه الوضع لو أنها كانت مطروحة للمواطنين عند تطبيق العقوبات عليها وحرمانها من المشاريع الجديدة وإعادة النظر كليا بأعمالها؟!
فقبيل الطرح لابد من استئثار ملاكها بالأرباح العالية كفوز بالمشاريع الضخمة حتى وإن لم تظهر نتائج تنفيذها، وبالتالي عند التفكير بطرحها وبعلاوة عالية سيكون بعد القناعة بأن من مصلحة المؤسسين بيع جزء منها للعموم ومن ثم بيع المزيد منها مع تداول أسهمها، وكما حدث بطرح مثل تلك الشركات بالسوق وما شاهدناه من تورط عشرات الآلاف من المواطنين في شركة المعجل التي تم إقناعنا إعلاميا بأنها فرصة لتعاملها مع شركة أرامكو ويوجد غيرها من الشركات التي تعاني من تزايد حجم القروض وعدم إمكانية السداد في ظل تبعات انخفاض أسعار النفط على المشاريع الحكومية والخاصة، والمؤسف أن لدينا أيضا شركات أخرى طرحت بالسوق تعاني من تضخم القروض وصعوبات في سدادها وستبرز المشكلة أكثر مع انخفاض الإنفاق الحكومي وبرمجة صرف المستحقات المالية، كما أنه أيضا مع طول حالة الركود بالقطاع العقاري وتضرر الملاك من عدم البيع لسداد قيمة القروض والرهونات للعقارات، برزت أفكار الطرح للصناديق الاستثمارية لجني الأرباح ولترحيل مشاكل التعثر عن السداد وانخفاض أسعار الأراضي وتبعات رسومها وكذلك بتأسيس شركات تطوير عقاري لتغطية قيمة استثمارات عزف المواطن عن شرائها لمجمعات سكنية وتجارية ليتم تصريفها على من وثق بتقييم وتقارير صناديق وشركات الاستثمار، ولذلك مع التوجهات الجديدة للتحول الاقتصادي وتأثير ذلك على رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وإعادة النظر بالمشاريع ووسائل الدعم وفق مراحل وخطط معلومة فقط للبعض ستخلق كيانات قوية بالقطاع الخاص وستخرج شركات لم تؤسس أساسا على أسس اقتصادية بمختلف القطاعات ومنها شركات مساهمة، فإن الأمر يتطلب من الجهات الرقابية التنبه لعدم استغلال عدم الوضوح في تبعات التحول خلال الفترة القادمة لتحويل أزمات ملاك الأراضي مع قروض البنوك ومشاكل شركات المقاولات للمواطنين عبر طرحها للاكتتاب أو ببيعها على صندوق استثماري تأخر كثيرا في تأسيسه إلى مابعد انتهاء الطفرة أو من خلال مانراه ببيعها بأسعار غير معقولة بتقييمات ومزادات شكلية لتضليل من يبحث عن سكن أو استثمار وكما حدث بتقييم علاوات الإصدار!.
نقلا عن الرياض