تناقلت وكالات الأنباء خبر توقيع صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال ولوران فيجير الرئيس التنفيذي لشركة (سي دي سي أي سي) لاتفاقية إطار العمل بين الصندوق السيادي الفرنسي ومجموعة من كبرى الشركات الفرنسية من جانب، وشركة المملكة القابضة من جانب آخر، وذلك بحضور وزير الخارجية عادل الجبير ووزير التجارة والصناعة د. توفيق الربيعة، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.
ومن الأهداف الرئيسية للاتفاقية تنمية العلاقات الاقتصادية بين المملكة وفرنسا، من خلال المشروعات في مجال الطاقة، ومجال الإنشاءات والمقاولات، ومجال الاتصالات، والمجال الأمني، ومجال معالجة المياه والنفايات، وعدة مجالات داخل المملكة وحتى الدول المجاورة.
وستبلغ الاستثمارات المبدئية للصندوق السيادي الفرنسي ومجموعة من الشركات الفرنسية الكبرى في شركة المملكة القابضة ما قيمته 563 مليون ريال بحسب المعلن.
ولا تعليق لي على استثمارات الأمير الوليد غير أنه رجل أعمال عالمي ناجح، يمكن اعتباره قدوة في تطوير الذات والأعمال في مجالات متعددة، آخرها برج (الكيلو) الذي سيشق عنان الفضاء شمال أبحر في مدينة جدة الساحلية بحلول 2020.
وأتفهم أن تشتري شركات فرنسية حصصا في شركة المملكة القابضة التي تحتفظ باستثمارات مميزة في عدة قطاعات اقتصادية فرنسية أهمها القطاع السياحي، فالشركة تملك وتدير فندق جورج الخامس فورسيزونز، وفندق لو رويال مونسيو (رافلز Raffles)، وتشترك في ملكية يورو ديزني باريس، و7 فنادق في ديزني باريس، بالإضافة إلى إدارة فندق غراند دو كاب فيرا في جنوب فرنسا، كما أنها تستثمر في القطاع البنكي الفرنسي من خلال تواجد سيتي جروب التي يملك الأمير الوليد فيها حصة كبيرة.
وبالتالي أتفهم أيضا دخول الصندوق السيادي الفرنسي على خط استثمارات شركة المملكة القابضة في فرنسا وفي حدود السيادة الفرنسية حتى تتمكن الحكومة الفرنسية من المشاركة في إدارة هذه الاستثمارات الهامة للشركة في فرنسا والرقابة عليها.
ولكن ما لا أفهمه هو: هل تتعدى مشاركة الصندوق السيادي الفرنسي في ملكية شركة المملكة القابضة في حدود السيادة الفرنسية إلى ملكية الشركة داخل المملكة ذاتها؟ فهذا ما توحي به التصريحات الصحافية للأطراف الموقعة على الاتفاق.
ومن التساؤلات التي لا أجد إجابة شافية عليها: هل لدينا نظام يحكم الاستثمارات (السيادية الأجنبية) في المملكة؟ ومن المسؤول عن تطبيقه أهي وزارة التجارة أو الخارجية التي تظهر صورتا وزيريهما وقوفا في خلفية الصورة المتداولة لحفل التوقيع؟ وما دور هيئة الاستثمار العامة؟ وهل من الضروري أن يمر أي استثمار سيادي للمصادقة عبر مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية؟.
فقد تعلمنا من صفقة موانئ دبي قبل عدة سنوات أن الدول الكبرى تدقق أي ملكيات أجنبية لشركات تجارية قد تتبع حكومات كما هو الحال مع شركة موانئ دبي التي تعتبر أحد الأذرعة الاستثمارية لحكومة دبي، حيث خرج الأمريكيون يعلنون رفضهم لصفقة شراء الشركة الإماراتية لشركة بريطانية، لأن الشركة البريطانية تمتلك حق إدارة ستة موانئ أمريكية وكان من الممكن أن ينتقل هذا الحق إلى الشركة الإماراتية بعد إتمام الصفقة.
وقد اشترك القضاء الأمريكي وجلس النواب في إسقاط الصفقة ما اضطر شركة موانئ دبي لإرجاء البت فيها قبل صرف النظر عنها.
وتبقى جزئية هامة قبل الختام وتتمثل في أن لائحة استثمار رأس المال الأجنبي في سوق الأسهم السعودي تمنع تملك الجانب العقاري في مكة المكرمة والمدينة المنورة من خلال شركات مكة وجبل عمر وطيبة القابضة. ولكن ماذا عن الشركات الأخرى مثل شركة المملكة القابضة ذات الذراع العقارية الطويلة؟
ولقد رأينا أعضاء مجلس الشورى السعودي في جلسته الـ31 يعترضون على استثناء فئات البنوك التي تمتلك فروعا أو مقرات في المملكة، والشركات المساهمة المدرجة التي يتملك غير السعوديين فيها أسهما من نظام تملك غير السعوديين للعقار واستثماره في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقالوا بأن تملك غير السعوديين في المنطقتين له جوانب سياسية سلبية يجب التنبه لها وعدم الوقوع في أخطاء دول أخرى فتحت الباب لمستثمرين أجانب للتملك في مدن لها صفة دينية وتدفع الآن ثمن أخطائها، ووصفوها بـ«المفسدة العظمى التي تخترق الاستثمار في المملكة» ولذلك أتساءل: ما هو موقف الشورى ومؤسسات الدولة الأخرى من هذا الاستثمار الفرنسي السيادي في شركة سعودية مساهمة تمتلك عقارات في مكة المركرمة والمدينة المنورة؟.
نقلا عن عكاظ