منذ تأسيسها عام 1953م استطاعت وزارة النقل التي كانت تسمى وزارة المواصلات أن تصل بأطوال الطرق بالمملكة إلى أكثر من ستين ألف كم من 239 كم ببداية عملها قبل 62 عاماً ويتوقّع أن تصل أطوال الطرق خلال السنوات القليلة القادمة إلى حوالي 83 ألف كم بعد الانتهاء من المشاريع التي تنفذ حالياً مع الإشارة إلى أنه بإضافة الطرق الفرعية الصغيرة والترابية فإن إجمالي الطرق يصل إلى قرابة 140 ألف كم ومن المعروف بأن قطاع النقل يعد ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية وتشرف الوزارة أيضاً على وسائل وقطاعات النقل البحرية وكذلك القطارات مما يوضح أهمية الدور الذي يناط بالوزارة لرفد الاقتصاد بخدمات نقل ومواصلات تعزِّز من النمو الاقتصادي.
ومع التوسع بإنشاء الطرق السريعة التي تربط مناطق ومدن المملكة الكبرى وحيث إن مساحة المملكة تتخطى 2 مليوني كم مربع بقليل مما يشير إلى أن إنشاء الطرق السريعة مكلف وكذلك أعمال صيانتها وتشغيلها والحاجة للتوسع في تطويرها وتحسين الخدمات المقدمة عليها فإن الأعباء المالية والتشغيلية تصبح مرهقة بموجب الهيكل التنظيمي الذي من خلاله تتم كل الأعمال الخاصة بالطرق عموماً والسريعة خصوصاً وبذلك فإن الحاجة تتطلب إعادة النظر بأساسيات العمل الذي يتم من خلاله إدارة هذا الملف الحيوي.
فالوزارة لديها وكالة خاصة بالطرق تعد المعني الأول بهذا الملف وبما أن التكاليف ترتفع لإنشاء الطرق وتشغيلها وتصل إلى مليارات الريالات فإن الاعتمادات التي تطلبها الوزارة بالتأكيد ستخضع لمعايير عديدة ترتبط بما يمكن توفيره من قبل وزارة المالية بعد النظر بالإيرادات والعمل على الموازنة بين كل الجهات الحكومية الأخرى التي لديها خططها واحتياجاتها المالية سنوياً وبتراجع إيرادات النفط التي تشكل حوالي 90 % من إيرادات الخزينة فمن المسلم به أن تتأثر الخطط المستقبلية لقطاع النقل من إنشاء طرق جديدة أو توسعت القائم حالياً سواء بتأخير لإنجاز بعضها أو إطالة مدد التنفيذ وغيرها من الآليات التي تستخدم بمثل هذه الظروف إلا أن الوزارة أيضا قفزت بحجم مشاريعها بالخطة الخمسية التاسعة لمستويات كبيرة وصل حجم ما اعتمد لها حوالي 100 مليار ريال بخلاف ما تم اعتماده لمشاريع النقل العام بالمدن الكبرى.
وبما أن التحولات بالسوق النفطية أدت لانخفاض أسعار النفط بحوالي 55 % تقريباً مما أعاد التفكير بتحسين أوضاع المالية العامة وإيراداتها وكذلك التسريبالآليات التي تخفف الأعباء على الخزينة العامة وكذلك الانتقال بالاقتصاد لمرحلة جديدة لإدارة وتشغيل وتطوير كافة القطاعات الخدمية سواء التفكير التجاري او مايسمى بالخصخصة للكثير من المرافق الحيوية حتى تبقى أعمال تطويرها والتوسع بها قائمة وبمستويات جودة عالية دون التأثر بتذبذب الاعتمادات السنوية بالموازنة العامة فإن الحاجة تبدو ملحة لتأسيس «شركة حكومية للطرق السريعة» تتبع وزارة النقل وتتولى إنشاء وتطوير وتوسعة وتشغيل وصيانة الطرق السريعة بين المناطق والمدن الكبرى كمرحلة أساسية وأولى وتقوم بهيكلة كاملة تحقق من خلالها موارد مالية تغطي جزءاً كبيراً من تلك الأعمال من خلال وضع رسوم على شاحنات نقل البضائع والسلع وكذلك وسائل النقل العام التي تستخدم تلك الطرق بكثافة بأسعار تكون مقبولة لا يمكن أن تحدث فرقاً مهماً بالتكاليف ولا يمكن أن تسمح برفع أجور خدماتها بالإضافة إلى تأجير مواقع على تلك الطرق لخدمات يحتاجها المسافرين وأيضاً من لوحات الإعلانات والعديد من الأساليب التي يمكن أن تحقق إيرادات تغطي نسبة كبيرة من احتياجات الشركة المالية بينما يمكن تغطية الفروقات التي تعتمدها بميزانيتها من وزارة المالية ضمن الاعتمادات السنوية التي تصدر بالموازنة العامة للدولة.
إن تأسيس هذه الشركة على غرار شركة سار للقطارات سيفتح المجال لمواكبة قطاع النقل البري واحتياجاته لنمو اقتصاد المملكة المتسارع كأحد أبرز الاقتصادات الناشئة عالمياً بمعدلات النمو وسيكون بوسع هذه الشركة تنفيذ كل الخطط التي تعتمدها الوزارة للتوسع بالطرق السريعة ورفع جودة خدماتها دون أي تعقيدات تنتج عن البيروقراطية القائمة بطرق اعتماد الموازنات وتوفير احتياجات كل الجهات الحكومية الخدمية وسيسهل اتخاذ القرارات ويوفر للشركة كوادر فنية ومهنية وطنية مميزة لأنها ستكون مستقلة بهيكلها وسلم الرواتب الذي يمكنها من تقديم حوافز ومزايا تحافظ من خلاله على الكفاءات فيها وكذلك يمكنها من عمل الدراسات والبحوث بقطاع النقل وتطوير الأساليب التي تنفذ بها مشاريعها وكذلك تشغيلها بما يكفل رفع كفاءة عملها وإنفاقها على تلك المشاريع وتقليل الهدر كونها ستعمل بمبدأ تجاري فيهمها الجودة مع كفاءة الإنفاق خصوصاً إذا وضعت لنفسها خطة محددة زمنياً كي تصل لتغطية كافة تكاليف أعمالها.
قطاع النقل يتوسع بنسب كبيرة بإنشاء الطرق فاحتياجات الاقتصاد المحلي باتت كبيرة ولا بد من أن يواكب القطاع هذه الاحتياجات بحيوية مختلفة عن السابق ولعل إنشاء شركة للطرق السريعة يكون له دور كبير بالنهوض أكثر لتحقيق أهداف وطموحات وزارة النقل لتنفيذ خططها الإستراتيجية لقطاع النقل البري بما سينعكس على الاقتصاد المحلي بمزيد من النمو ويطور من كفاءة القطاع وكل الأطراف المرتبطة به من شركات مقاولات ومكاتب استشارية وكذلك شركات ومؤسسات وسائل النقل التي تعد المستفيد الأكبر من شبكة الطرق السريعة بالمملكة.
نقلا عن الجزيرة
فكرة ممتازة