أقر مجلس الشورى الاسبوع الماضي نظام الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، والذي حول له من مجلس الوزراء على صيغة ترتيبات أوصى بها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وبذلك تعد هذه الخطوة بداية الحلول العملية الاقتصادية بملف الإسكان لانها تدخل ضمن اطار زيادة العرض ليتوازن مع الطلب الكبير، مما سيؤثر ايجابا بخفض تكلفة المساكن مستقبلا بقصد زيادة التملك ورفع حجم الاستثمار بالقطاع العقاري، مما يؤصل لتحويله لصناعة ترفد الاقتصاد المحلي بنمو اعلى يساهم به القطاع الخاص بعيدا عن تأثير الانفاق الحكومي الذي لعب الدور الاساسي بالنمو والتنمية على مدى السنوات العشر الماضية.
بداية فإن تحويل الرسوم من ترتيبات إلى نظام يعد خطوة هامة لانه لا يمكن بهذه الحالة ان تقوم اي جهة معنية من وزارات او هيئات او مؤسسات حكومية بالتعديل او الاضافة على النظام الا بعد العودة الى مجلسي الوزراء والشورى، وتصبح بهذه الحالة الجهات المعنية تنفيذية للنظام وليست مشرعة له، بل إن ما رشح من بيان مجلس الشورى بعد التصويت واقراره كنظام يوضح ان مسئولية تنفيذه وزعت على عدة جهات كل واحدة حسب اختصاصها بناء على المواد التي تضمنها النظام، وتعد خطوة مهمة لتسهيل التنفيذ ومنع ازدواجية المسئوليات والمهام فتحصيل الرسوم وتأسيس قاعدة بيانات لملاك الأراضي البيضاء وحتى نسب مساحات التطوير ستكون مسئولية وزارة الشؤون البلدية والقروية، بينما مرجعية شركات ومؤسسات التثمين فتعود لوزارة التجارة على اعتبار ان النظام اعتمد وضع رسوم بنسبة 2.5% على سعر الارض، مما سيحرك نشاط التثمين وكذلك لوزارة العدل دور بفحص وتنظيم الصكوك كما يتوقع أن يكون لمؤشر صفقات العقار الذي تصدره الوزارة دور بمعرفة الأسعار للأراضي، كونه يعطي تفصيلات واسعة تسمح بمعرفة متوسط الاسعار بالمدن وكذلك بأحيائها.
ولعل المادة التي انهت الجدل الذي دار سابقا حول امكانية وجود استثناءات والتي تضمنت انه لا يوجد اي استثناء بمفهوم الاراضي البيضاء سواء كانت سكنية او تجارية كما يمكن فهمه منها وكذلك اي عوامل اخرى تحكمها سواء كان عليها اي ملاحظات او تندرج تحت قضايا الورث او حتى بأي مدن سيبدأ أو يطبق النظام اذ سيكون شاملاً لكل مناطق ومدن المملكة..الخ، فمعنى عبارة لا وجود لاستثناءات يفترض ان يفهم بهذا السياق.
وبما ان الانظمة عادة تعد الخطوط العريضة للتشريع فإن التفاصيل التي ستأتي بلائحة التنفيذ ستكون تحت مظلة مواد النظام المقر، بعد ان يصدر بشكله النهائي من مقام مجلس الوزراء، فالمرونة ستكون باللوائح وليس بمواد النظام، وهذا لا يعني انها ستكون خارج الاهداف المرسومة للنظام والتي اكد بيان الشورى بانها لا تهدف لجباية الاموال انما لتشجيع تطوير الاراضي، حيث سيتم فتح حساب بمؤسسة النقد تودع فيه متحصلات الرسوم لدعم مشاريع الاسكان منها، مما يعني ان فك احتكار الاراضي هو احد اهم اهداف النظام كي تتحول لوسيلة للإنتاج تساهم بتوسيع النشاط الاقتصادي مما سيؤثر بكافة القطاعات الرئيسية بالاقتصاد إيجاباً.
صحيح ان اللوائح التنفيذية ستوضح اكثر مدى تأثير نظام الرسوم على حلول مشكلة الاسكان من حيث سرعتها، وهو ما يجب انتظاره لمن يبحث عن تقييم الأثر بمختلف جوانبه، إلا أن اصدار نظام للرسوم من مجلس الشورى يعد اول خطوة اقتصادية عملية تؤثر بجانب العرض بعد ان كانت اغلب الحلول والقرارات التي صدرت منذ انشاء وزارة الاسكان تركز على تلبية الطلب بالتمويل وبعض الحلول التي لعبت دوراً سلبياً ببطء رفع نسب التملك وابقت الاسعار باتجاه صاعد ولم تعالج الضفة الاخرى بالسوق وهي العرض، مما ساهم بتأزيم المشكلة وعلى الاقل وضع الحلول في سلة بعيدة عن التأثير بالسوق من ناحية خفض الاسعار وزيادة المنتجات الاسكانية بالمقام الاول حتى يكون للتمويل دور ايجابي يساعد طالبي السكن على التملك باسعار تناسب دخلهم فالاسكان قطاع اقتصادي رئيسي وحلوله لابد ان تكون من صميم النظريات والقواعد الاقتصادية المتعارف عليها عالميا والتي تتبعها كل الدول لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
نقلا عن الجزيرة