تمنيت في مقالة الجمعة قبل الماضي سرعة صدور إنشاء هيئة تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكتمل منظومة الأجهزة المشرفة على التجارة والاقتصاد في المملكة، ولم تتأخر الأمنية بفضل الله، إذ صدر قرار مجلس الوزراء هذا الأسبوع بالموافقة على إنشاء هذه الهيئة.
بالتأكيد المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تعرف على نحو واسع باسم SME’s تختلف في أنواعها وتصنيفاتها، ولكنها لا تختلف في أهميتها للاقتصاد وللمواطن.
وتكتسب المنشآت الصغيرة والمتوسطة لدينا أهمية أكبر في هذا الوقت بالتحديد، كونها إحدى أهم عناصر توظيف الشباب، ودعم تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، وهما عاملان كل واحد منهما أهم لنا من الآخر.
تنقسم المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى مشاريع متناهية الصغر Micro SME’s، وهي التي يبلغ عدد عمالتها من 1 إلى 9 عمال (من 1 إلى 5 في بعض التصنيفات)، ومشاريع صغيرة Small SME’s، وهي التي يبلغ عدد عمالتها من 10 إلى 49، ثم المشاريع المتوسطة Medium SME’s، بعدد عمالة من 50 إلى 249، ثم يبدأ تصنيف المشاريع الكبيرة Large، وهي التي يبلغ عدد عمالتها 250 فأكثر.
وفي تقرير مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دول مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية عن 2014، شكلت مشاريع SME’s في فنلندا ما نسبته 99.7 في المئة من إجمالي عدد الشركات في البلد، ومثلت المشاريع متناهية الصغر ما نسبته 92.1 في المئة من إجمالي عدد المشاريع.
في تركيا، شكلت SMEs نسبة 99.9 في المئة، وشكلت متناهية الصغر نسبة بلغت 98.5 في المئة من إجمالي المشاريع في البلد.
وفي فرنسا، تمثل مشاريع SME’s ما نسبته 99.8 في المئة من عدد المشاريع الإجمالي، في حين شكلت متناهية الصغر نسبة بلغت 94.2 في المئة. وفي كوريا الجنوبية، بلغت المشاريع الصغيرة ما نسبته 99.9 في المئة من الإجمالي، وشكلت نسبة المشاريع متناهية الصغر 96.4 في المئة من إجمالي عدد المشاريع. والحقيقة أن معظم دول المنظمة الـ34 تراوح حول هذه النسب، ولم تشذ إلا أرلندا والسويد، إذ تشكل المشاريع الكبيرة نسباً أكبر بلغت 31 و35 في المئة للبلدين.
عودة للسعودية، فلا شك أن إنشاء الهيئة الجديدة التي تخدم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعنى بها تحت سقف واحد أمر إيجابي، وينتظر من الهيئة الجديدة عمل الكثير، واختصار الوقت لتنمية ورعاية هذه المنشآت. وإن كنت شخصياً، أرى أن أهم ما يجب عمله في البدايات هو:
أولاً: تعزيز منافسة هذه المنشآت في السوق، فالمعروف أن هناك تكتلات أجنبية كبيرة تحتكر كثيراً من الأنشطة في مجالات معينة بدرجة تمنع السعودي من المنافسة والنجاح، لذا فإن تحديد القطاعات التي يجب أن تركز عليها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز بيئتها التنافسية أمر مهم، وخصوصاً في البدايات.
ثانياً: لعل التسويق هو مشكلة المشكلات لكل قطاعات البزنس ومنها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فليس صعباً أخذ قرض وفتح مشروع للإنتاج، ولكن يبقى التحدي هو نجاح التسويق. ولذا فإن إدخال منتجات هذه المشاريع لتكون شرطاً في عقود مشاريع الحكومة سيكون داعماً لنجاح وتوسع هذه المنشآت، وبالمثل في عقود مشتريات الشركات الكبيرة في البلد مثل أرامكو وسابك وغيرهما.
ثالثاً: الاستفادة من رجال الأعمال ولجان الغرف التجارية للقطاعات المختلفة لدعم هذه المشاريع، من خلال احتضان رجال الأعمال والغرف لشباب هذه المشاريع ونصحهم وتوجيههم، وهو ما يعرف برجل الأعمال الداعم للشباب Mentors، وعلى نحو ما يتم تطبيقه في البلدان الأخرى.
رابعاً: تقديم وتسهيل الخدمات اللوجستية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة فلا يمكن أن يعرف شباب هذه المنشآت طبيعة العقود وبنودها وصياغاتها، ولا إجراءات المحاكم في حال النزاعات (المتوقعة دائماً)، وبالتأكيد ليس لديهم معرفة بإجراءات كثيرة قانونية ومصرفية وبيروقراطية ومتطلبات التصدير والاستيراد وغيرها، فلا بد أن يحتوي جهاز الهيئة الجديدة على قسم كبير لتقديم الدعم اللوجستي بمختلف أنواعه لهذه المنشآت.
خامساً: ضرورة إعفاء هذه المنشآت - وخصوصاً في البدايات - من بعض شروط وزارة العمل ونطاقاتها، فلا يمكن تصور أن يوظف مشروع صغير لا يتجاوز رأسماله بضع مئات من الآلاف عدداً من السعوديين، لأننا نريد أن «نسعود» فقط بغض النظر عن تأثير تلك الشروط على المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ندعم إنشاءها ونجاحها.
سادساً: على الهيئة الجديدة أن تشجع ما يسمى بمشروع العائلة الواحدة Family business، وتسعى إلى تشجيع اشتراك أكثر من شخص من العائلة الواحدة في المشروع الواحد، فالعائلات التجارية المعروفة التي تمتلك المشاريع الضخمة في البلد اليوم كلها بدأت من «بزنس» العائلة، وعملت على تنميته وتطويره.
ختاماً، إنشاء الهيئة الجديدة جاء في الوقت المناسب، وبالتأكيد فإن التمويل ليس أصعب الشروط عندنا، ولذا يبقى نجاح الهيئة بتذليل الصعاب الذي ذكرت سابقاً، وغيرها مما لا تتسع السطور لذكره، وبالتوفيق والنجاح للهيئة في مهمتها.
نقلا عن الحياة
المشاريع الصغيرة هو طوق نجاة الأقتصاد السعودي ولابد ان نحصن هذه المشاريع من اسباب الفشل الرئيسي وهي بيرقراطية الدوائر الحكومية ورسومها المجحفة. فخذ على سبيل المثال ( رسوم اصدار سجل مع اعلان ام القرى يصل لسبعة الاف مع رسوم اصدار سجل بقيمة ١٢٠٠ ريال للشركات، رسوم تسجيل علامة تجارية ٥٠٠٠ الاف ريال، رسوم مكتب العمل، رسوم الغرفة التجارية، البلديات، الرخص، التصاديق، التأمينات، الخ) قائمة تطول ولا تنتهي من الرسوم. للتذكير: اذا اردتم انجاح اصحاب المشاريع الصغيرة، وفرو لهم/ولهن خدمات تعقيب، فصاحب وصاحبة المشروع صغير لايستطيع ترك عملة لمتابعة وملاحقة المعاملات، فلا بد من توفير خدمات تعقيب للمشاريع الصغيرة! أمل أن لا تحمل هذه الهيئة ثقافة صندوق ريادة...