قبيل بضعة أيام فقط في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، أقدم العالم بأكمله على تعهد كبير جدًا.
فقد أعلن قادة العالم أنهم ملتزمون برؤية مشتركة للقضاء على الفقر المدقع وخلق عالم أفضل وأكثر استدامة على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة.
وبالطبع للتجارة دور مهم في هذا الإطار.
فخلال العقد الماضي ساعدت التجارة في انتشال الملايين من الناس من الفقر المدقع، ويمكنها القيام بالدور نفسه خلال السنوات المقبلة بما في ذلك داخل بعض دول العالم العربي.
فعلى الرغم من الصعوبات المتعددة التي تواجهها المنطقة العربية، فإن للتجارة دورًا مهمًا في تعزيز العلاقات الاقتصادية في المنطقة وتعزيز التكامل الإقليمي وبالتالي تحسين حياة الشعوب بما في ذلك الأجيال العربية المقبلة.
ومن الملاحظ، وفق منظمة العمل الدولية، أن بطالة الشباب في دول المنطقة تعتبر من أعلى المستويات بالعالم، بحيث بلغت 27.7 في المائة في منطقة الشرق الأوسط وأكثر من 29 في المائة في شمال أفريقيا خلال عام 2013، مما يمثل أكثر من ضعفي المتوسط العالمي.
إن التجارة ومنظمة التجارة العالمية يمكنهما أن تكونا جزءًا من نهج متكامل لمواجهة هذا التحدي.
لطالما كانت التجارة لبنة أساسية في المجتمعات العربية على مدى التاريخ.
واليوم ما زالت التجارة تشكل جزءًا أساسيًا من اقتصادات هذه الدول.
وإن نسبة الصادرات من السلع والخدمات من الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية توضح ذلك.
فعلى سبيل المثال، في دولة الإمارات العربية المتحدة تبلغ هذه النسبة 99 في المائة.
وفي دول الخليج الأخرى، تتراوح هذه النسبة ما بين 48 و76 في المائة. وهذا أيضا صحيح في المغرب وتونس ومصر وإن كان بدرجة أقل.
تضم منظمة التجارة العالمية ثلاث عشرة دولة عربية كأعضاء، بعض منها كان من الأعضاء المؤسسين للإطار متعدد الأطراف السابق المعروف باسم اتفاقية الغات (GATT).
وفي الوقت الراهن تتفاوض سبع دول عربية أخرى للانضمام إلى المنظمة.
وكانت الدول العربية، بما في ذلك الدول الأعضاء التي انضمت مؤخرا للمنظمة مثل اليمن (من البلدان الأقل نموا) والسعودية (أحد أعضاء مجموعة العشرين G20)، لاعبًا فاعلاً في أنشطة المنظمة لما تراه من فوائد محتملة لاقتصاداتها من خلال اندماج أكبر في النظام التجاري متعدد الأطراف.
إن اتفاقية تيسير التجارة التي تم الاتفاق عليها مؤخرًا هي أول اتفاقية تجارية متعددة الأطراف تبرم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية قبل عشرين عامًا، وإنه من المتوقع أن يكون لها تأثير اقتصادي كبير.
ومن المؤكد أنه عند تطبيق هذه الاتفاقية سوف تتحقق الفوائد المرجوة والتي هناك حاجة ماسة لها في المنطقة، مثل خفض تكلفة التعاملات التجارية بين الدول العربية، وهذا أمر مهم، خصوصًا بالنسبة للبلدان التي تتوافر لديها شبكات نقل حيوية مثل مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.
إن مؤشر سهولة القيام بأنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي لعام 2014 (Ease of Doing Business Index) يضع 3 دول عربية فقط ضمن أفضل 50 دولة، بينما تتمكن فقط 5 دول عربية من الوصول إلى قائمة أفضل 90 دولة في العالم.
وفي اقتصاد دولي يزداد عولمة وترابطًا، فإنه يتعين على الدول الاهتمام بتحسين كفاءتها وإنتاجيتها.
وإن اتفاقية تيسير التجارة تهدف إلى ذلك تحديدًا من خلال توحيد وتنسيق إجراءات الاستيراد والتصدير.
وعلاوة على ذلك، وبما أن الروابط التجارية داخل المنطقة ضعيفة جدًا (ما يقارب 10 في المائة فقط من التجارة العربية يتم في المنطقة)، فإن اتفاقية تيسير التجارة سوف تساعد على زيادة ربط الدول العربية بعضها مع بعض، وتعميق التكامل الاقتصادي الإقليمي.
إن روابط منظمة التجارة العالمية مع العالم العربي عميقة جدًا.
ففي مراكش عام 1994 قام أعضاء اتفاقية الغات بالتوقيع على الاتفاقية التي أنشأت منظمة التجارة العالمية.
وفي عام 2001 في الدوحة، أطلقت الجولة التجارية الأكثر طموحًا في التاريخ - أجندة الدوحة للتنمية.
ونظرًا لهذا الارتباط فإنه من الطبيعي فحسب، وعلى مرمى شهرين فقط من مؤتمرنا الوزاري العاشر في نيروبي بكينيا، أن نرى أن منظمة التجارة العالمية هي على أولويات أجندة المؤتمر الوزاري العربي في الرياض هذا الأسبوع.
فنحن بحاجة لدعم الدول العربية من أجل ضخ الطاقة السياسية في مرحلة مفاوضات ما قبل نيروبي، وذلك من أجل تحقيق نتائج ملموسة من هذا المؤتمر، نتائج من شأنها أن تجلب فوائد حقيقية للمنطقة وأن تضع الأسس لتعزيز فرص التجارة والاستثمار في المنطقة العربية.
نقلا عن الشرق الأوسط