تعريف و تبسيط لمفاهيم صناديق الإستثمار

16/09/2015 7
صالح على الصبي

كما تحدثنا في مقال حقائق و مغالطات عن الإستثمار في السوق السعودية, فإن السوق المالية السعودية ليست محصورة في سوق الأسهم فقط, بل تحتوي على فرص إستثمارية أخرى كالإستثمار في الصناديق المختلفة أو السندات و الصكوك و غيرها.

و لعلنا في هذا المقال نركز على جوانب مختلفة لفهم الصناديق.

حيث تعرف صناديق الإستثمار بأنها محفظة استثمارية تقوم بجمع رؤوس أموال مجموعة من المستثمرين وتديرها وفقا لإستراتيجية وأهداف استثمارية محددة يضعها مدير الصندوق لتحقيق مزايا استثمارية و إدارية يصعب على أغلب الأفرد تحقيقها, كما يمكن لمدير الصندوق نفسه الإستثمار في الصندوق في بعض الحالات, بعد القيام بعمليات الإفصاح المطلوبة.

و تنظم لائحة صناديق الإستثمار الأنظمة التي تم إقرارها لإنشاء و عمل الصناديق في السوق المالية السعودية, فأنصح كل مهتم بالصناديق بالإطالع عليها في الرابط السابق خصوصاً المواد المتعلقة بالإفصاح, مدير الصندوق, إدارة الصندوق, و طرح الوحدات و استردادها و هي في الأبواب الثالث, الخامس, السابع و التاسع على التوالي. و سأذكر بعض النقاط التي أثارت انتباهي في اللائحة على سبيل المثال:

•لتحقيق مستوى أعلى من الحوكمة و النزاهة فإنه لا يجوز لأي عامل في الصندوق أن يعمل في أي جهة يستثمر فيها الصندوق. 

•في حالة الطرح العام الذي تم التعهد بتغطيته من قبل مدير الصندوق أو تابعيه, فإنه لا يجوز لصندوق استثمار يديره مدير الصندوق (المتعهد بالتغطية) شراء أوراق مالية في ذلك الطرح من مدير الصندوق أو تابعيه.

و يتكون المفهوم العام عن الإستثمار من خلال صناديق الاستثمار، بأن يضع المستثمر أمواله في أحد الصناديق عن طريق شراء وحداته، حيث يمثل مجموع قيمة الوحدات مجموع أصول و سيولة الصندوق. و من ثم يقوم مدير الصندوق بإستثمار هذه الأموال في مقابل رسوم إدارة سنوية تتراوح بين 1-3% من قيمة الإشتراكات إضافة إلى غيرها من الرسوم الإدارية. و في المقابل يتحمل مدير الصندوق تكاليف عمليات الشراء و البيع و الإدارة.

و بعكس الإستثمار المباشر في الشركات المساهمة حيث يصبح المستثمر مالك لجزء من الشركة, فإن المستثمر في الصندوق يصبح مالك لجزء من أصوله والذي قد يمثل الكثير من الشركات في نفس الوقت.

كما يمكن ملاحظة أن الصناديق بتنوعها لا يمكن أن تخرج عن فئات الصناديق المصرح بها في لائحة صناديق الإستثمار, وهي:

1.الصناديق المستثمرة في صناديق أجنبية: وهي الصناديق التي تستثمر جميع أصولها في خارج المملكة.

2.صناديق الإستثمار المتخصصة: وهي صناديق تستثمر في أصول متخصصة, كأسهم الطروحات الأولية أو السوق العقارية أو أسواق الإقراض و غيرها.

3.الصندوق القابض: وهو الصندوق الذي يستثمر جميع أصوله بشكل أساسي في صناديق أخرى على أن لا يقل عدد الصناديق عن ثلاثة صناديق. ويعد أحد أنواع الصناديق المتخصصة.

4.صناديق أسواق النقد: وهي الصناديق المستثمرة في الودائع و الأوراق المالية قصيرة الأجل و عقود تمويل التجارة. ويعد أحد أنواع الصناديق المتخصصة.

تتكون المحفظة الإستثمارية للصندوق عادة من مجموعة من الأوراق و الأصول المالية المنتقاة وفق معطيات مختلفة تضمن للمستثمر تنوع موارد الصندوق مما يؤدي إلى خفض مخاطر الصندوق الإجمالية.

و يقوم مدير الصندوق, أو من يختاره, بمهام إدارة إستثمارات المحفظة و التعامل في الأوراق المالية أو غيرها من الأصول إضافة إلى مهام الحفظ و المهام الإدارية الأخرى (كالخدمات الإستشارية و المحاسب القانوني و اللجان الشرعية مثلاً) المتعلقة بالصندق في مقابل الحصول على الرسوم و العمولات التي يحددها سواء من الإشتراكات أو العوائد أو الأصول.

و لعلنا نلاحظ أهم مميزات الصناديق, وهي الإدارة المتخصصة للإستثمارات مما يعمل على تحقيق أرباح أعلى و بالتالي تشكل عامل جذب للمزيد من المستثمرين للشراء في وحدات الصندوق.

من جهة أخرى, فإن أرباح الصناديق مرتبطة بشكل كبير برسوم الإشتراكات و الإدارة, وبالتالي تتنافس الصناديق على تسويق صناديقها و إستقطاب القدرات المتخصصة و الإستشارية لتحسين أدائها و تحقيق أهدافها.

و تختلف الصناديق في أنواعها و تصنيفاتها من ناحية أصولها و نوعية الأصول و العملات المستخدمة لبناء الأصول كما تختلف من ناحية إستراتيجياتها من حيث الشهية لتقبل المخاطر و كيفية الحصول على العوائد بل و حجم العوائد المستهدفة.

و كأي وعاء إستثماري يتم تقييم الصناديق بحسب قيمة أصولها خلال فترة التقييم و السيولة المتاحة بعد خصم الحسومات و العمولات.

تمثل الصناديق المتاحة في السوق المالية السعودية أداة إستثمارية جذابة و تتنوع بشكل كبير بمختلف الفئات المصرح بها, و يزيد عددها عن 260 صندوق, تمثل الصناديق الموافقة للشريعة ما يقارب 70% منها أي ما يزيد عن 185 صندوق. ويجدر الإشارة أن

 ويمكن تبسيطها بناء على مجالات الإستثمارات التي تتببعها لتحقيق أهدافها كما يلي:

•صناديق للإستثمار في أسواق الأسهم سواء المحلية أو الخليجية أو العربية أو حتى العالمية بمختلف أنواعها. ويبلغ عددها 168 صندوق.

•صناديق المؤشرات المتداولة لسوق الأسهم المحلية. ويبلغ عددها 3 صناديق.

•صناديق متخصصة في السندات المحلية أو الدولية. ويبلغ عددها 10 صناديق.

•صناديق متخصصة في أسواق النقد كالسلع و شهادات الإيداع و أذونات الخزينة سواء المحلية أو الدولية. ويبلغ عددها 16 صندوق.

•صناديق متخصصة في المرابحة و الإقراض في الأسواق المحلية أو الدولية. ويبلغ عددها 28 صندوق.

•صناديق متخصصة في الأسواق و المنتجات العقارية المحلية. ويبلغ عددها 11 صندوق.

•صناديق متوازنة من ناحية تنوع أصولها بين الأنواع السابقة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. ويبلغ عددها 30 صندوق.


 
تمثل الصناديق بشكل عام خياراً جيداً للمستثمرين لتميزها بعدة جوانب, من أهمها الإختصاص و القدرة على الحصول على المعلومات و خدمات إستشارية و المشاركة في بعض الطروحات التي تتطلب قدرات مالية عالية قد لا تتوفر لعموم المستثمرين.
 
كما تستخدم من قبل البعض كعامل لتخفيض مخاطر الإستثمار عن طريق تنويع المحفظة بين الشراء المباشر من السوق و الشراء في الصناديق.
 
 و تعتمد الصناديق في قياس أدائها غالباً على مؤشر خاص تبعاً لتنوع محتوياتها, و يسمى المؤشر الإسترشادي.
 
و تهدف إدارة الصندوق أن يتفوق أدائها على أداء المؤشر الإسترشادي كعامل من عوامل تقييم نجاحها, و يمكن للمستثمر أن يضيف إلى ذلك مقارنة أداء الصندوق مع الصناديق المشابهة.
 
و بشكل عام فالصناديق الجيدة, قادرة على تحقيق نتائج أفضل من المستثمرين في حالة الإنهيار السعري نظراً لتوفر عوامل السيولة و تنوع المحفظة المدروس من ناحية المخاطر المحتملة التي قد تؤدي إلى إنهيار سعري.
 
بينما, يغلب على الصناديق تحقيق نتائج أقل من المستثمرين الجيدين في حالات الإرتفاع نظراً لتنوع تركيز المحفظة و ثقل حركة الصناديق بشكل عام.
 
ويمكن القول أنه بإستثناء بعض الصناديق المتخصصة, كصناديق الطروحات الأولية مثلاً, فإن أداء صناديق الاستثمار غالباً يكون مرتبطاً بالمؤشر الخاص بالسوق الذي يعمل به هذا الصندوق.
 
فلو ارتفع المؤشر سترتفع أغلب الصناديق، ولو انخفض ستنخفض أغلب هذه الصناديق. ولكن بناءً على عوامل مثل خبرة مدير الصندوق, أهداف الصندوق (بعض الصناديق متحفظة جداً تهدف إلى حفظ رأس المال, وبالتالي تستهدف خفض المخاطر بشكل كبير, و بالتالي انخفاض الإرباح) تختلف الصناديق فيما بينها في الأداء و تتفوق بعض الصناديق على مؤشر السوق الخاص بها.
 

 
و كما ذكرنا سابق, فإن لكل صندوق أهداف إستثمارية معلنة, توضح الكثير عن مستوى المخاطر و العوائد التي يرغب في العمل من أجلها. وتصنف بعض الدراسات صناديق الإستثمار بحسب أهدافها كما يلي:
 
صناديق النمو النشطة Aggressive Growth Funds
 
تستهدف هذه الصناديق اسهم شركات تم انشاؤها أو طرحها حديثاً، أو شركات ذات مركز مالى متدهور، أو شركات متعثرة, رغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح الرأسمالية, دون أدنى مراعاة للدخل المنتظم. ولذلك فان مخاطر الإستثمار فى هذه الصناديق مرتفعة جداً وكذلك العائد المتوقع .
 
صناديق النمو Growth Funds 
 
تستهدف هذه الصناديق شركات تتسم بدرجة عالية من النمو، حيث تهدف الى تحقيق عائد مرتفع، ولا تهدف الى تحقيق دخل منتظم على شكل توزيعات أرباح. ولذلك فإن مخاطر هذه الصناديق عالية نسبياً نظراً لتقلبات الأسهم فى السوق.
 
صناديق النمو والدخل Growth and Income Funds 
 
تستهدف هذه الصناديق شركات تتسم بالنمو و في نفس الوقت لها سجل معروف في توزيع الأرباح على المساهمين. حيث تسعى لتحقيق هدف مزدوج وهو حصول المستثمر على دخل منتظم من توزيعات الأرباح، وفى نفس الوقت تحقيق أرباح رأسمالية من ارتفاع السعر. و لذلك فإن مستوى المخاطرة وبالتالى العائد الذى تحققه هذه الصناديق متوسط.
 
صناديق الدخل Income Funds 
 
تستهدف هذه الصناديق شركات كبيرة و مستقرة مالياً و سعرياً لكنها ذات تاريخ معروف في توزيع الأرباح على المساهمين. حيث تسعى لتحقيق العوائد للمستثمرين. لذلك فإن مستوى المخاطرة في هذه الصناديق بين المتوسط و المنخفض.
 
و بالنظر إلى الصناديق المتاحة في السوق المالية السعودية نجد أنها تنقسم من حيث أهدافها كما يلي, ويجب الرجوع إلى النشرة الخاصة بكل صندوق للحصول على معلومات كافيه فيما يخص أهداف الصندوق و درجة المخاطر و العوامل المؤثرة عليه:
 

و كالعادة قامت الهيئة مشكورة بنشر كتيب تعريفي عن صناديق الإستثمار يمكن الإطلاع عليه عن طريق الإطلاع على دليل صناديق الإستثمار في موقع الهيئة.
 
و يمثل العائق الحقيقي, من وجهة نظر شخصية, للتعامل في الصناديق في السوق المالية السعودية تكاليف و إجرائات الإشتراك و الإستراداد و صعوبة الحصول على المعلومات نظراً لسوء خدمات موقع تداول فيما يخص الصناديق الإستثمارية.
 
ولعلي أركز فيما تبقى من هذا المقال على صعوبة الحصول على المعلومات, حيث يمثل الحصول على المعلومة المحدثة صعوبة نظراً لبدائية موقع تداول فيما يخص الصناديق و عدم إحتوائه على البيانات المحدثة للصناديق المختلفة و صعوبة التنقل بين القوائم المختلفة المتعلقة بأداء الصندوق و قوائمه المالية.
 
كما أن موقع تداول يحتوي في صفحاته أحيانا على معلومات تتناقض مع بعض محتويات نشرات الصناديق, مما يعطي إنطباعاً سيئاً عن الموقع.
 
 
كذلك تفتقد مواقع بعض الجهات المديرة للصناديق للمعلومات المهمة للمستثمرين فيما يتعلق بالصندوق و التعديلات الواقعة على أصوله و قيمها و كذلك قياس أداء الصناديق و غيرها من المعلومات المهمة.
 
ولعلي أختم المقال بالتنبيه على الدور الريادي المتوقع من الصناديق في رفع مستوى الوعي الإستثماري ودعم الأسواق المالية التي تتعامل بها سواء كان ذلك عن طريق خلق توازن للأسواق أو من خلال توجهها لاستثمارات جاذبة تحقق أهدافها الاستثمارية وتنمي مدخرات مشتركيها.
 
ولكن المتأمل للواقع, يجد أنه على الإرتفاع النسبي الحديث لعدد الصناديق في سوق الأسهم المحلي إلا أن مشاركتها لا تكاد تتجاوز 3% من إجمالي القيمة السوقية, و أقل من 8% من إجمالي مشاركة الأفراد بينما يكاد يكون غالب السوق تحت سيطرة كبار الملاك, و الشركات و الصناديق الحكومية!
 


ختاماً, كا ذكر في العنوان حرصت في هذا المقال على التعرض لأكبر عدد من مفاهيم الإستثمار في الصناديق و تبسيطها قدر الإمكان, و يمكن الرجوع إلى موقع هيئة سوق المال و نشرات الصناديق للحصول على معلومات أوفى و تعريفات مخصصة لبعض المفاهيم و المصطلحات.