فتح السوق للاستثمار المباشر.. هل يطال الإسكان؟

14/09/2015 0
د. سليمان عبدالله الرويشد

 قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية، الخاص بفتح المجال للشركات الأجنبية للاستثمار في قطاع تجارة الجملة والتجزئة لمنتجاتها، بنسب ملكية تتجاوز النسب الملتزمة بها المملكة في منظمة التجارة العالمية، لتصل إلى نسبة (100%) لتلك المنتجات، اعتبره كثير من المحللين الاقتصاديين ذا أهمية عميقة للاقتصاد الوطني على المدى القريب والبعيد، حيث سيكون أحد العوامل الأساسية التي ستؤدي إلى استقطاب الشركات العالمية المصنعة وجذبها مباشرة للاستثمار في الأسواق المحلية، وإلى بيع الشركات لمنتجاتها بطريقة مباشرة للمستهلك، بما يعزز من مناخ التنافسية، وإيجاد فرص عمل لم تكن لتتاح للشباب من المواطنين، بل وتدريبهم وتنمية قدراتهم على نحو أفضل من السابق، كما يمكن أن يقود ذلك إلى جعل المملكة مركزاً إقليمياً وربما دولياً لتوزيع وبيع وإعادة تصدير العديد من المنتجات والسلع التجارية.

قطاعات تنموية عديدة ستستفيد بلا شك من هذا القرار، لعل من أهم ما أود تناوله منها في هذا المقام، هو ما يمس احتياجا أساسيا لكافة الأسر في المملكة، وهو قطاع الإسكان، الذي ربما لا يقتصر العائد الإيجابي عليه من هذا القرار الاستراتيجي في إتاحة البيع المباشر لمواد البناء التي نستورد معظمها من خارج المملكة والانتقال بعد فترة إلى مرحلة تصنيعها محلياً، بل ربما يمتد إلى قيام الشركات العالمية المنتجة للبيوت المسبقة الصنع (Prefabricated Houses) بتوفيرها مباشرة في السوق المحلي، بأسعار منافسة وربما قامت كذلك بتصنيعها بتكلفة أقل، نظراً لما تحظى به المملكة من توفر المواد الخام الأساسية لهذه الصناعة المعتمدة على البتروكيماويات والبلاستيك والحديد والصلب والألمنيوم.

فالمساكن مسبقة الصنع تتوفر بها ميزات تهم العديد من الناس، أولها الفارق الكبير في التكلفة بينها وبين المساكن التقليدية التي تبنى في الموقع، وبنسبة فارق قد تصل إلى (50%)، ثانيها الفارق كذلك في طول المدة الزمنية التي يحتاجها تنفيذ كل منهما، حيث لا تأخذ المساكن مسبقة الصنع إلا أياماً أو أسابيع في التنفيذ، مقارنة بأشهر وربما أكثر من سنة للمباني التقليدية، الميزة الثالثة هي في توفر الخيار بإقامتها على أرض مستأجرة حيث متاح لمن يرغب في شرائها إمكانية نقلها أو فكها وإعادة تركيبها في موقع آخر، أنا هنا لا أدعي أنها البديل عن المساكن التقليدية، لكنها بلا شك قد تلبي احتياج ما يزيد على ثمانمئة ألف أسرة في المملكة في الوقت الحاضر، فهذا النوع من المساكن -على سبيل المثال- يمثل حوالي (15%) من إجمالي الوحدات السكنية في الولايات المتحدة الأميركية، يقيم فيها وبصورة دائمة ما يعادل عدد سكان المملكة من المواطنين (ثمانية عشر مليون شخص).

فهل يستقطب سوق الإسكان في المملكة تلك الشركات العالمية المصنعة لمواد البناء والبيوت المسبقة الصنع لتبيع منتجاتها مباشرة للمستهلك في هذا السوق بأسعار تقل عما هو جار في الوقت الحاضر، بل وتعمق وتوسع دائرة استثماراتها عبر توطين صناعاتها في المملكة، موئل المواد الأساسية الأقل تكلفة لهذه الصناعة لتلبي الاحتياج ليس للداخل فقط وإنما لإعادة تصديرها وبيعها على دول الجوار التي يشهد عدد منها حركة بناء متواصلة، إضافة إلى أن عددا أكبر منها يدخل الان مرحلة إعادة البناء.

نقلا عن الرياض