العمليات التجارية في الاقتصاد تدور حول المستهلك، ولذلك يعد المؤثر الأكبر بالاقتصاد سواء في التصدير اي تأثيره بالاسواق الخارجية التي نستهدفها او بالداخل سواء كانت السلع والخدمات مستوردة او منتجة محليا. وقد حدد تعريف المستهلك بأنه من يشتري المنتجات من سلع وخدمات بهدف استخدامه الشخصي أو استخدام أسرته استخداماً نهائياً، وذات الامر ينطبق على المستهلك من المنظمات وليس الافراد فقط، وتشكل حمايته وتعزيز قوته الشرائية.
أحد أهم المسئوليات على الأجهزة الحكومية المعنية بذلك، فأغلب الاقتصادات القوية يكون تأثير المستهلك المحلي هو الأكبر في نموها الاقتصادي وبالتالي الناتج الاجمالي.
فقبل ايام اعلن عن فتح سوق التجزئة والجملة للمستثمرين الأجانب بسوق المملكة، وذلك للمصنعين بقصد رفع مستوى الخدمات المقدمة للمستهلك والتأثير على الاسعار بحيث تلغي اي عوامل احتكارية بالسوق حالياً، مع التحول مستقبلاً للتصنيع المحلي لتلك السلع، سواء بشكل كامل او جزئي، فالخطوة مهمة ولها آثار ايجابية ستخدم المستهلك خلال السنوات القليلة القادمة، لكنها بالتأكيد تعتبر تحولا مهما في النمط المتبع بالتعاملات التجارية محلياً، الذي مر عليه عقود دون تغيير في مراكز القوى المؤثرة على الأسعار، وحتى تكتمل المنظومة بكسر أي احتكار لأي نوع من السلع من الضروري ان تتحرر السوق بكافة اشكالها حتى في مبيعات التجزئة التي تختص بها شركات أو محلات صغيرة تضع تحت سقفها منتجات عديدة، مع تشجيع التصنيع المحلي لمئات السلع التي تستهلك بكميات كبيرة سواء طبية او غذائية او في مستلزمات الشباب والاطفال الذين يشكلون اكبر شريحة مستهلكة كالادوات المدرسية والتعليمية او الاحتياجات الخاصة بهم فهم يمثلون قرابة 60 بالمئة من المجتمع.
إلا ان حماية المستهلك التي بذلت وزارة التجارة جهدا كبيرا بالسنوات الماضية حتى ارتفع مستواها بشكل ملموس لابد وان تنتقل لمرحلة التأثير بالاسعار بقصد خفضها وازالة تأثير حجم الاحتكار بالأسعار حالياً من خلال خطوات كثيرة يمثل فتح السوق المحلي بالتجزئة والجملة للمصنعين خطوة اولى في هذا الاتجاه، لكن الحاجة لوضع خطة استراتيجية متكاملة لاعادة هيكلة سوق التجزئة والجملة بكافة انواعه واشكاله تبدو ضرورية اكثر من أي وقت مضى حتى يتحسن دور المستهلك المحلي بالنمو الاقتصادي وبمستوى المعيشة للأسر، وكذلك التأثير بخفض تكاليف المشاريع سواء الحكومية او الخاصة حتى لا تتأخر أو تتعطل بسبب عوامل ارتفاع التكلفة.
فتعزيز القوة الشرائية للمستهلك لابد ان تبدأ بالسلع الاساسية حتى يستطيع تحقيق وفر بدخله يمكنه من زيادة الادخار او التوسع بالاستهلاك لسلع او خدمات قد يؤجلها لعدم القدرة على شرائها لفترات زمنية اطول تؤثر بذلك سلبياً على الانشطة التجارية التي تنخفض عمليات الشراء بها بسبب استنفاد السلع والخدمات الاساسية لأغلب دخل المستهلك، كما أن انخفاض قدرة جزء كبير من الأسر على شراء مسكن خاص كمثال يعد ارتفاع تكاليف المعيشة عاملا سلبيا على هذا الهدف ويلعب معها ارتفاع اسعار تكلفة المساكن سواء من قيمة الأرض الى تكلفة البناء، بالاضافة لتكاليف المعيشة التي يؤثر فيها ارتفاع العقار عموماً لتكون مجتمعة من العوامل السلبية المساهمة باضعاف دور المستهلك بالاقتصاد.
ولتعزيز دور المستهلك إيجاباً لابد من تكامل الحلول بداية من رفع دخله عبر رفع انتاجية الفرد الى ضبط السوق بتداخلات عديدة ترفع من مستوى عدالة الاسعار حتى تقل او تزال اي احتكارات بالسوق بمختلف الانشطة والقطاعات، مما يعني ان الحلول تكون عبر منظومة متكاملة من عدة جهات تسير بالتزامن حتى وان سبق بعضها الآخر بحسب سهولة او سرعة تنفيذها، فكسر الاحتكار للسلع والخدمات بما فيها الاراضي قد يكون الاسرع من بين الحلول، مع اهمية استكمال النظم التي تتيح زيادة العرض عبر الانتاج المحلي سواء في الصناعة او بنشاط العقار السكني، مع تطوير كبير باستخدام التقنية لرفع الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف والهدر ورفع الجودة والتي ستصب بالنهاية في صالح المستهلك والاقتصاد عموماً.
المستهلك حجر الزاوية بالتنمية والنمو الاقتصادي ودوره كبير جداً فيه، فالصين تشهد حاليا تحولا نحو اتجاه رفع دوره باقتصادها بعد ان كان تركيزها على التصدير اساسيا لعقود وفي ظل تراجع اسعار النفط حاليا فإن الاتجاه لرفع كفاءة دور المستهلك المحلي وتحسين جودة الانفاق والاستثمار تعد عوامل اساسية تقلل مع الزمن من دور النفط بالايرادات العامة والنمو الاقتصادي الكلي بمقابل رفع نسبة النمو الذاتي للاقتصاد بعيداً عن تأثير النفط وتقلباته السعرية عبر رفع قوة دور المستهلك.
نقلا عن الجزيرة