الاحتياطي الفدرالي وتقرير الوظائف الأمريكية

08/09/2015 0
محمد عبد الله العريان

يوم الجمعة الماضي، صدر تقرير الوظائف الأمريكية عن شهر أغسطس، لكنه لم يقدم الوضوح الكافي حول حالة الانتعاش الاقتصادي الأمريكي الذي كان ينتظره كثيرون بفارغ الصبر.

بالنسبة للاحتياطي الفدرالي، هذه الصورة المتباينة سوف تساهم في تعقيد المداولات بخصوص رفع أسعار الفائدة من عدمه في الاجتماع المقبل للسياسة النقدية، الذي سوف تعقده اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة يومي 16 و 17 سبتمبر.

في أغسطس، أضاف الاقتصاد الأمريكي 173 ألف وظيفة، وهو ما يعتبر أدنى معدل في زيادة الوظائف منذ 5 أشهر، إلى جانب أن هذا الرقم يقل بصورة لا يستهان بها عن إجماع توقعات المحللين، الذين أشارت تقديراتهم إلى أن الرقم سيكون بحدود 220 ألف وظيفة جديدة.

لكن هذه الإشارة الاقتصادية السلبية تم التعويض عنها من خلال عدد من نقاط البيانات الأخرى في التقرير - بما في ذلك الهبوط الملحوظ في معدل البطالة إلى 5.1%، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2008، وكذلك التعديلات الصاعدة لأرقام الأشهر السابقة، والعدد الأطول من ساعات العمل، والانتعاش في نمو الأجور.

بحد ذاته، هذا التقرير على الأرجح لم يكن حاسما بما فيه الكفاية لترجيح قرار الاحتياطي الفدرالي - بصورة أو بأخرى - بخصوص حملته لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من 9 سنوات.

وهو لم يقدم بيانات قوية من النوع الذي يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يستطيع بسهولة أن يتحمل الآثار السلبية للنمو الضعيف في الاقتصاد العالمي وتقلبات الأسواق المالية - وهو وضوح كان من الممكن أن يعطي تبريرا واضحا لصالح رفع أسعار الفائدة في سبتمبر.

لكن من جانب آخر لم تقدم بيانات أغسطس كذلك علامة واضحة على أن مثل هذا القرار لن يكون في محله.

بدلا من ذلك، هذه اللقطة الوسطية تضيف إلى مشاعر عدم اليقين التي لا بد أن يأخذها الاحتياطي الفدرالي في اعتباره حين يقوم بالموازنة بين الآثار الضاعطة في الاتجاه الآخر على اقتصاد أمريكي يمر في حالة الانتعاش، والسياق الهش بصورة متزايدة للاقتصاد العالمي والوضع المالي في العالم.

سوف يراقب الاحتياطي الفدرالي الظروف المالية العالمية حتى بصورة أكثر حدة في الأسابيع المقبلة.

وعلى الأرجح لن يكون لديه خيار سوى أن يقيم قراره المقبل في السياسية النقدية على حكم غير يقيني حول الطريقة التي سوف تعمل بها أقواله وأفعاله على التأثير في الظروف المالية العالمية.

لا يحب البنك المركزي اتخاذ قرارات في ظل طروف من هذا القبيل، ولا يرغب في أن يعلن عن أن أياديه مقيدة على هذا النحو.

إذا استمرت الأسواق في التأرجح والتقلب - كما فعلت يوم الجمعة الماضي، وخلال الأسابيع السابقة - سوف يجد الاحتياطي الفدرالي نفسه مضطرا لتأجيل قراره برفع أسعار الفائدة، ما لم يكن يرغب في اختبار مدى متانة النظام المالي العالمي ويخاطر بتدمير النشاط الاقتصادي الحقيقي الهش الذي ما يزال يتحسس خطواته.

نقلا عن اليوم