ربما يكون من المغري أن نستنتج أنه لا توجد دروس يمكن استخلاصها من الحركات الجامحة في الأسواق المالية في الأسبوع الماضي.
إذ ربما يقال إن مؤشر ستاندرد أند بورز 500 أقفل بارتفاع مقداره 1% يوم الجمعة، وأن كلا من مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر ناسداك 100 أقفل مسجلا أفضل أسبوع له منذ حوالي شهرين.
وربما يرفض البعض حتى التقلب غير العادي ويعتبره علامة لا تدل على شيء سوى نوبة من اللا عقلانية في السوق، التي هي ظاهرة مؤقتة وقابلة للانعكاس وليست بذات بال.
في رأيي النهج الذي من هذا القبيل ليس مناسبا، تماما مثل من يقول إن عبور حقول الألغام ليس خطرا لمجرد أننا استطعنا مرة عبور هذا الحقل دون أن نصاب بأذى.
كثير من العلامات والدلائل تشير إلى أن الأسبوع الماضي كان مذهلا وكانت له أبعاد تاريخية. تم تحطيم رقم قياسي بعد آخر، بما في ذلك أكبر تحرُّك خلال يوم واحد، وأكبر انعكاس أثناء اليوم، وأكبر معدل للهبوط في سعر الأسهم خلال يوم واحد.
خلال المرحلة بأكملها، تحرك داو جونز مسافة غير مسبوقة مقدارها 10 آلاف نقطة خلال 5 جلسات تداول فقط.
وقفز مؤشر فيكس، الذي يعتبر في العادة مؤشر الخوف في وول ستريت، إلى مستويات لم نشهدها منذ أسوأ أيام الأزمة المالية لعام 2008.
وفي خارج الولايات المتحدة، انهارت عملات الأسواق الناشئة إلى مستويات أدنى من المستويات التي شهدناها خلال أسوأ أيام الأزمة المذكورة.
في الغالب تكون وجهة السفر أهم من الرحلة، بالتالي هناك ميل طبيعي للاعتقاد بأن التقلبات المتطرفة في الأسبوع الماضي ليست لها قيمة تنبؤية كبيرة.
هذا في رأيي استنتاج خاطئ، وهناك 5 أسباب على الأقل لذلك:
أولا: من المفترض أن يكون واضحا أن القواعد الأساسية للأسواق المالية هي - في حدها الأدنى - هشة نوعا ما.
نتيجة ذلك، هناك أسئلة مشروعة حول مدى متانة وقوة الاقتصاد العالمي، وهي أسئلة تنطوي على عوامل لُبس وحيرة بخصوص أسعار السوق التي انفكت بصورة ملحوظة عن الارتباط بالأساسيات بسبب سياسات البنوك المركزية.
ثانيا: كثير من مستثمري التجزئة يبدو عليهم أنهم عاجزون عن هضم هذه النوبات من التقلب، ما يؤدي إلى عمليات تخلص ضخمة من الصناديق المشتركة للأسهم (حيث إن غالبية المبيعات على ما يبدو تتم أثناء أسوأ ساعات الاندفاع والعدوى في السوق).
ثالثا: التركيبة التي تقوم عليها السوق هي أبعد ما تكون عن المناعة ضد الاختلال الوظيفي أثناء الفترات التي تشهد تقلبات ضخمة في الأسعار.
من مظاهر هذا الاختلال الوظيفي نذكر السيولة المراوغة أو أنظمة التداول التي تتلقى فيضا من الطلبات في الوقت الذي يتدافع فيه كثير من المستثمرين نحو باب الخروج في الوقت نفسه.
أثر هذا التدافع يتضخم من خلال شعبية الصناديق المدرجة في البورصات، وبعضها كان يعاني معاناة كبيرة من أجل مواصلة العمل حسب وعوده للمستثمرين حين يتعرض للانقطاعات في السوق وقواطع التداول الآلية.
رابعا: أثناء التقلبات الشديدة، يختلط الصالح بالطالح. ينطبق هذا بصورة خاصة على أسهم الشركات المعروفة - مثل أبل وجنرال إلكتريك وجوجل - بحيث إن المستثمرين يتوجهون إلى أجهزة الصراف الآلي حين يتدافعون للحصول على المال، سواء من باب الاحتياط، أو لأسباب تتعلق بالمضاربة، أو للوفاء بالتزامات مفاجئة.
حين يجد المسثتمرون المثقلون بالرفع المالي أو المذهولون أنهم بحاجة إلى البيع، فإن الاختيار الحذر للأصول المعروفة ومخصصات المحافظ المتنوعة لا يصبح وقاية مفيدة.
أخيرا، رغم أن صناع السياسة لا يزالون تواقين لتقليص التحركات الحادة في تقلبات السوق، فقد استهلكوا أصلا كميات كبيرة من الذخيرة من خلال برامج التسهيل الكمي، ودفعوا بأسعار الفائدة إلى الصفر، وطبقوا غير ذلك من الإجراءات غير التقليدية.
نتيجة ذلك، فإن سلسلة إجراءات السياسة النقدية التي فرضتها الصين، والتعليقات الباعثة على التهدئة من بيل دادلي، رئيس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك في الأسبوع الماضي، سوف تتعرض للاختبار قريبا من خلال التطورات على أرض الواقع. بالنظر إلى أن من الممكن أن يكون المزيد من الهزات والتقلبات في انتظارنا، يَحسُن بالمستثمرين أن يقوموا على الفور بالإجابة عن سؤالين:
هل بإمكانهم هضم هذا النوع من التقلبات دون أن يُضطروا إلى البيع في أسوأ الأوقات الممكنة، وهل لديهم ما يكفي من القدرة الاستثمارية الاحتياطية التي تفيدهم في العثور على تداولات رخيصة، وهي تداولات لا بد أن تظهر إلى حيز الوجود خلال هذه الفصول من جنون السوق.
نقلا عن اليوم
الدول لن تترك اقتصادياتها تنهار وستدافع عنها بكل قوة دائما في الازمات تتدخل الدول وتدخل سيولة قوية تجعل الاسواق غير منطقية لكن تعود الاسواق لطبيعتها بعد الازمات وخروج سيولة الدول.