عاد عيدكم، وكل عام والجميع بخير، في شهر رمضان الماضي نُشر بصحيفة الوطن أنها علمت من مصادر مطلعة أن وزارة الشؤون البلدية والقروية هددت المتورّطين في المتاجرة بالمنح السامية بالتحقيق والمحاكمة، بعد أن وردتها ملاحظات تثبت قيام قياديي وموظفي إدارات منح، ومنسوبي بعض الأمانات والبلديات بشراء أرقام أوامر المنح من المواطنين الممنوحين بمجرد صدور أمر المنحة، ثم الإبقاء على هذا الرقم حتى يُمنح المتقدم الأرض، ليتم نقلها باسم المشتري الجديد.
وأكدت المصادر أن العمل كان يتم على نطاق واسع عندما كانت منح الدخل المحدود من اختصاص الأمانات، إلا أن تسليمها لوزارة الإسكان جعل الأمر ينحصر في تنفيذ تطبيق المنح الملكية السامية التي ما زالت في عهدة البلديات.
وسعيًا إلى الحد من هذا التلاعب، اضطر عدد من الأمانات للتحوّل إلى العمل الإلكتروني، حيث يتم استقبال معاملة المنح، ثم تتيح للمستفيد أن يعمل على مراجعة ومتابعة قطعة أرضه إلكترونيًا عبر رقم سري خاص به، مع إلغاء الإجراءات الورقية التي أفرزت ما سمّتهم المصادر بـ«سماسرة المنح».
وكذلك نُشر صحفيًا ان لجنة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات بجدة أكدت أنها اتخذت إجراءات تنظيمية خلال إجازة عيد الفطر المبارك تضمن منع ومراقبة التجاوزات والتعديات التي تحدث خلال هذه الفترة من قِبَل مَن وصفتهم بـ«لصوص الأراضي»، مشيرة إلى أن فرقها الميدانية ستعمل وفقًا لخطة عمل تغطي مناطق شرق وجنوب المحافظة والمناطق الشهيرة بعمليات التعدي خارج نطاقها العمراني.
إضافة إلى ذلك أشار عضو جمعية الاقتصاد السعودية عبدالحميد العمري في مؤشر الاقتصادية العقاري، أن أحدث البيانات المتوافرة حول تقسيمات استعمال أراضي المدن الرئيسة في السعودية «الرياض، مكة المكرمة، جدة، الدمام، الخبر» أظهرت انحسار الاستعمال السكني من إجمالي مساحة التطوير الحضري لتلك المدن البالغة مساحاتها لها مجتمعة 7450 كلم2، بما لا يتجاوز خمس تلك المساحات الشاسعة، فيما وصلت نسبة بقية الاستعمالات الأخرى «صناعي، نقل، تجاري، صحة، حكومة، تعليم، ثقافي، ترفيه» بما لا يتجاوز 22 في المائة من إجمالي المساحات، فيما وصلت نسبة المتداول من قطع الأراضي «السكني، التجاري» إلى أقل من 5.1 في المائة من إجمالي المساحات.
في المقابل وصلت نسبة الأراضي البيضاء المحتكرة داخل النطاق العمراني لتلك المدن إلى 50.5 في المائة من إجمالي المساحات، أي ما تصل مساحاته الإجمالية إلى 3761 كلم2.
لا شك في ان قضية الإسكان من القضايا الوطنية المهمة، ومع القرارات الملكية الصادرة لعلاجها وقرارات تعيين الوزراء لها وجميع الجهود التى بذلوها بالتعاون مع الوزرات المختلفة لإيجاد الاستراتيجيات والخطط والبرامج للبناء فوق البناء لقطف ثمار علاج قضية الإسكان ومنها قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات، ومع استعراض مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لموضوع أولويات التنمية الوطنية، تبرز أهمية الوقوف على الأرقام المذكورة عن مساحات تقسيمات الأراضي للاستخدام السكني والخدمات الأخرى والأراضي البيضاء المحتكرة والدراسة والتحليل لأثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في مراحل إيجاد مدن مستدامة ومدى مساهمتها في تحقيق أولويات التنمية الوطنية.
وأخيرًا وليس آخرًا مع التحديات والمتغيّرات المتسارعة والمعقدة تبرز أهمية تحديد أولويات التنمية الوطنية ومواجهة لصوص الأراضي وسماسرة المنح، والأراضي البيضاء المحتكرة للمساهمة في نجاح مراحل رسم وتنفيذ الاستراتيجيات والخُطط التنموية وأولوياتها؛ لتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.
نقلا عن اليوم