أكاد أجزم أن الخيار الذي انطلق منه مدير تنفيذي، وعضو منتدب لشركة بارزة في القطاع الخاص، لها استثماراتها الكبيرة في السوق العقاري، ليقبل أن يتولى حقيبة وزارة الإسكان، بما تواجهه وتمثله في ذات الوقت من تحد تنموي في المملكة، لم يكن هو الإغراء المادي لهذا المنصب، بقدر ما هو تلبية طلب الاضطلاع بمسؤولية عامة في المجتمع، لذا لا أتوقع أنه ينتظر منا التهنئة، بقدر ما يحتاج إلى الدعم، ويتطلع إلى الدعاء المخلص له بالتوفيق والسداد، في إنجاز ما كلف به من مهام ومسؤوليات.
لكن ماذا ونحن في هذا السياق، عن الخيارات المطروحة أمام الوزير الجديد في تحقيق الهدف الأساسي الذي يتضمنه ملف الإسكان في المملكة، الذي يلمس الجميع أن ما تم في شأن أجندته من خطوات لا يزال متواضعا، مقارنة بما مضى من عمر هذا الملف من سنوات، وما رصد له من اعتمادات، وما وفر له من إمكانات..؟
لا أعتقد أننا نحتاج إلى كثير جهد للبحث عن هذه الخيارات، فهي قد تمت الإشارة إليها في التنظيم المعتمد لوزارة الإسكان، التي تنص المادة الثالثة منه على أهداف الوزارة، المتمثلة في توفير السكن المناسب وفق الخيارات الملائمة المواطنين، ووفق البرامج التي تضعها الوزارة، والتي خصت منها، تيسير حصول المواطن على مسكن ضمن حدود دخله في الوقت المناسب من حياته، وزيادة نسبة تملك المساكن، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في دعم نشاطات وبرامج الإسكان، ورفع نسبة المعروض من المساكن.
إن هذه الأهداف الأربعة، في حال وضعها بدائرة الخيارات في أولوية وسرعة التنفيذ، يبدو من الأول والثاني أنهما هدفان وإن تم الشروع فيهما من الآن فإن إطارهما الزمني هو متوسط وربما طويل الأجل، أما الهدف الثالث، فإن الأولوية ليست في الواقع بتشجيع القطاع الخاص في دعم نشاطات وبرامج الإسكان، فهذا القطاع قائم بدوره في مجال الإسكان، وبالذات من قبل المستثمرين الأفراد، وإنما في الحد من توجيه الرسائل غير محسوبة العواقب التي توجه لهذا القطاع، فتؤدي إلى إرباك مؤسساته، ودفعها إلى تأجيل تنفيذ خططها، إن لم يكن الانسحاب المرحلي أو الدائم من السوق، لكن حين النظر للهدف الرابع، الذي جاء في ذيل قائمة تلك الأهداف، وهو رفع نسبة المعروض من المساكن، نجد أنه الهدف الذي يمكن أن يكون المرشح ليصبح الخيار الأول في منحه الأولوية والعناية بسرعة التنفيذ، ليس على المستوى الوطني فحسب، وإنما على المستوى المحلي كذلك، لكل مدينة على حده، وذلك من خلال الرصد الدائم والمستمر لحجم هذا العرض، والحرص على أن لا تهبط نسبة الشاغر والمعروض من المساكن في مدننا عن (10%) من إجمالي الوحدات السكنية القائمة به فهذا الخيار من الأهداف حين يمنح الأولوية في الاهتمام هو الذي سيفضي إلى سرعة تحقيق الهدفان الأول والثاني، وهما تيسير حصول المواطن على مسكن، وزيادة نسبة تملك المساكن، وهو في ذات الوقت الذي سيساعد القطاع الخاص في توجيه استثماراته على نحو أكثر كفاءة في دعم نشاطات وبرامج الإسكان الوطنية، ولنتأمل لمثال بارز وواضح في هذا الشأن وهي مدينة مكة المكرمة التي تستوعب في فترة مواسم الحج والعمرة ضعف سكانها الدائمين، فهل هذا يعكس أنها تعاني من شح في المساكن، أم وفرة في المنتج وقلة في العرض من الوحدات السكنية.
نقلا عن الرياض