خير شهور السنة رمضان وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه) ففيه الأجر والثواب والخير والبركة والعتق من النار وكل الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية بينت للمسلمين فضائل هذا الشهر المبارك وحثت على اغتنامه بالعبادة.
إلا أن المظاهر التي نعيشها منذ سنوات باستقبال الشهر الكريم يغلب عليها الطابع الاستهلاكي المبالغ فيه للسلع الغذائية والاستهلاكية ففاتورة الغذاء والسلع المرتبطة به تصل في المملكة سنويا إلى مايقارب 160 مليار ريال بحسب العديد من الإحصاءات ويمثل الاستهلاك في رمضان مابين 20 إلى 25 بالمئة منها بينما يرتفع الاستهلاك فيه إلى 100 بالمئة تقريبا مقارنة بباقي أشهر السنة أي ما يصل إلى متوسط استهلاك يقدر بحوالي 30 مليار ريال وبمعزل عن دقة الأرقام وأن كانت لن تختلف كثيرا لو إنجزت الإحصاءات بدقة إلا أنه يلاحظ ارتفاع الاستهلاك وكذلك الهدر حيث ينتهي ما يقارب 30 بالمئة على أقل تقدير مما يعد من أطعمة وغيرها إلى النفايات بحسب بعض الأبحاث والدراسات مما يعد إسرافا كبيرا يتنافى مع القيم الإسلامية وما يحمله الشهر الفضيل من خصال تحض على اكتساب الأجر بالعبادة والترشيد بالاستهلاك ففي الصيام دروس كبيرة منها الشعور بأهمية وعظمة نعم الله للمحافظة عليها والانتفاع بها لصحة الأبدان.
ومن المعروف أن التشجيع على الاستهلاك في شهر رمضان له أسباب عديدة منها ما يأتي بتاثير من الاعلانات التجارية المكثفة ومن البرامج التلفزيونية التي تحفز على التسوق لدرجة باتت كالحمى سنويا ترتفع وتيرته بشكل ملحوظ وبالمقابل قليلا ما نجد برامج توعوية تعنى باقتصاد الأسرة والترشيد بالاستهلاك وشراء ما يمكن استهلاكه فقط كاحتياج أساسي
ورغم أن الاستهلاك يعد المحرك لعجلة الاقتصاد إلا أن الزيادة والمبالغة فيه تمثل ضررا كبيرا على اقتصاد الأسرة وميزانيتها وعلى الاقتصاد بشكل عام خصوصا مع تنامي الهدر الذي يتحقق من الشراء للسلع الغذائية بكميات كبيرة تفوق الاحتياج مما يتطلب القيام بدور توعوي بمشاركة من كافة الجهات المعنية سواء بالإعلام أو جمعية حماية المستهلك ووزارة التجارة والصناعة وكذلك وزارة الصحة والتعليم التي يفترض أن تكثف بمناهجها على ما يدعو للترشيد بالاستهلاك.
ثقافة الاستهلاك باتت منتشرة بشكل كبير وتقتنص الشركات المنتجة للسلع والخدمات المواسم لتسوق منتجاتها ومن أهم هذه المواسم شهر رمضان المبارك و هو أمر طبيعي للمنتجين إلا أن دور المستهلك أيضا كبير ومهم في ترشيد استهلاكه وضبط ميزانيته فكثير من السلع التي نستهلكها مستوردة وهو ما يعد سلبيا بمعادلات تأثير المستهلك بالاقتصاد إذا لم تكن المنتجات محلية أو غالبيتها مما يعني بالضرورة اتباع سياسات الترشيد لأن ما يستهلك يشغل مصانع في دول أخرى فالزيادة بالهدر تضر اقتصادنا وتخدم اقتصاد تلك الدول ومن جهة أخرى يفترض أن تبادر الجهات الرسمية المختصة إلى توسيع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد بالاتجاه للتصنيع المحلي المعتمد على الكثير من مدخلات الإنتاج من السوق المحلي مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد بجذب الاستثمارات وتشغيل الكوادر البشرية الوطنية.
نقلا عن الجزيرة