يشهد الاقتصاد السعودي في العقد الأخير نمواً غير مسبوقاً، حيثُ نما الناتج المحلي الإجمالي الإسمي خلال السبع السنوات الماضية بمعدل ٦٪، وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لنفس الفترة بمعدل ٤٪، و هذا يعود إلى حجم الإستثمارات والمشاريع الحكومية التي كان وسيكون لها الأثر البالغ في ظل السياسة الرامية إلى تقليص الاعتماد على النفط. حيث من المتوقع أن يصل معدل النمو حتى سنة ٢٠١٦ ما بين ٣٪ إلى ٤٪ مدعوماً بنمو الإستثمارات التي تشهدها المملكة العربية السعودية في الأونة الأخيرة.
وبناءً على هذا النمو الاقتصادي شهد السوق السعودي نمواً في أرباح الشركات، حيث شهد قطاع التجزئة خلال ٤ سنوات نمواً بمعدل ٣٪، كما شهد قطاع الزراعة والصناعات الغذائية نمواً بنسبة ١٢٪ وقطاع المصارف نمواً بلغ ٩٪.
ومن المتوقع أن يعزز دخول المستثمر الأجنبي إلى السوق السعودي ما يعرف بـ "الثقافة الإستثمارية" والتي قد يفتقر إليها المستثمر السعودي، حيثُ يتضح ذلك من خلال كمية عمليات البيع التي تفوق كمية الشراء وخاصة في الفترة التي شهد فيها السوق ارتفاعا بنسبة تصل الى ١٥٪. كما سوف يعمق دخول المستمثر الأجنبي جانب عملية اتخاذ القرار والتي تعتبر من أهم الأدوات الإستثمارية. وهذا يعيدنا الى مقال نشرته سابقًا عن المعايير التي يستند إليها المستثمر الأجنبي في عملية اتخاذ القرار، وهو ما سوف يدعم الشركات التي تتمتع بعملية شفافية وإفصاح عالية وأنظمة رقابية تمنع من ممارسات السلبية التي قد تقود الشركة إلى الهاوية.
إن المرحلة المرتقبة تعتبر مرحلة مهمة وفارقة بالرغم من محدودية وتدرج دخول المستثمر الأجنبي، حيث أن الأثر سوف يكون استراتيجي على أداء ونتائج الشركات، كما سوف يعزز تواجد المستثمر الأجنبي إلى تقارب الشركات الأجنبية مع الشركات السعودية مما سيعزز جانب تنمية ثقافة الموارد البشرية بصورة إحترافية، وهو ما نحتاج إليه في ظل التوجه الحكومي الرامي إلى بناء الكفاءات البشرية من خلال التعليم والتدريب والتوجة إلى صناعة ما يعرف بـ "الاقتصاد المعرفي" بالرغم من البطئ الشديد الذي نشهده في هذا التحول فضلاً عن غياب الأجهزة المعنية بهذا الملف الهام جداً، وخاصة في ظل تقلبات أسعار النفط عالمياً وما تبعها من إرتدادات مؤثرة على اقتصادية الدول المتقدمة و الناشئة.
ينبغي أن لا ننظر إلى دخول المستثمر الأجنبي من جانب القيمة والكمية النقدية فقط، بالرغم من أن هذا الجانب سوف يشهد بالتأكيد تحول نوعي يستدعي في الحقيقة إلى تحول كثير من الشركات في شكلها القانوني إلى شركات مساهمة لتستفيد من حجم السيولة ومزايا المرحلة، إلا أن نقل المعرفة والخبرة هما أهم بكثير باعتبار أن السوق السعودي لا تنقصه السيولة بقدر ما تنقصه الخبرة والإحترافية والعمل وفق استراتيجيات وأهداف إستثمارية، وليس لغرض المضاربة كما هو "للآسف" حال الكثير!