«البيع ثم إعادة الاستئجار» مرة أخرى !

25/05/2015 8
محمد العمران

في مقالي السابق، تحدثت عن مفهوم «البيع ثم إعادة الاستئجار» و الذي يمثل أحد المفاهيم الاحترافية في علم الإدارة المالية والمطبق اليوم بشكل واسع في عدد كبير من الدول المتقدمة و بعض دول منطقة الشرق الأوسط، حيث تتركز الفائدة من تطبيق هذا المفهوم المتطور في تحويل الأصول الثابتة لأي شركة إلى سيولة نقدية يتم استثمارها في الأنشطة الرئيسية للشركة بهدف تعظيم العائد الاستثماري للمساهمين بدلاً من تجميدها على شكل أصول ثابتة، و لهذا السبب أعتقد أن شركة موبايلي ربما تقدم على هذه الخطوة قريباً في حال أقدمت فعلاً على بيع أبراج الاتصالات التي تملكها ثم تعيد استئجارها من المشترين.

يجب الإشارة إلى أن تطبيق مفهوم «البيع ثم إعادة الاستئجار» سينطوي على تحمل تكاليف إضافية تتمثل في تكلفة الاستئجار ضمن قائمة الدخل، و لهذا السبب فإن العائد الاستثماري المتوقع (الناتج من استثمار السيولة النقدية الجديدة) يجب أن يزيد دائماً على تكلفة الاستئجار المتوقعة و بهامش أمان جيد و إلا فلا فائدة من تطبيق هذا المفهوم من الأساس، فمثلاً في حال قيام شركة ما ببيع أصول ثابتة ثم إعادة استئجارها من مستثمرين بتكلفة تأجير تصل نسبتها 7 بالمئة سنوياً فمن المفترض هنا أن يتم استثمار متحصلات البيع في نشاطات الشركة الرئيسية و الحصول على عائد استثماري لا يقل عن نسبة 15 بالمئة سنوياً.

و كمثال واقعي لنجاح تطبيق مفهوم «البيع ثم إعادة الاستئجار»، فإن خطوط «طيران الإمارات» تبرز كإحدى أهم الشركات الإقليمية التي استطاعت أن تسجل معدلات نمو عالية و تحقق أرباح متسارعة لتتفوق على جميع شركات الطيران في المنطقة بل و شركات الطيران الدولية و كل ذلك تحقق نتيجة لتطبيق الشركة هذا المفهوم بشكل مميز واحترافي، فهي اليوم عندما تشتري طائرات جديدة تقوم ببيعها إلى مستثمرين يبحثون عن دخل ثابت على المدى الطويل ثم تقوم بإعادة استئجار هذه الطائرات لفترات زمنية طويلة ثم الأهم أنها تستخدم متحصلات البيع لشراء طائرات جديدة و هكذا دواليك، بحيث هي تستفيد و المستثمرون يستفيدون أيضاً.

في الآونة الأخيرة، حدثت تطورات مهمة لينتقل هذا المفهوم إلى «البيع ثم إعادة الاستئجار ثم إعادة الشراء مرة أخرى» و هو يناسب الأصول الثابتة التي لا تتضمن تكلفة استهلاك أو عمر افتراضي (كالعقار)، بحيث تقوم شركة ببيع أرضها العقارية إلى مستثمرين ثم تقوم باستئجارها منهم لفترة زمنية طويلة مع الالتزام بإعادة شرائها بنفس سعر الشراء الأولي نهاية مدة الاستثمار، و هي بذلك تستفيد من السيولة النقدية لتمويل نشاطاتها بحيث لا تضيع على نفسها المكاسب الرأسمالية من قيمة الأرض على المدي الطويل بينما يستفيد المستثمرين من تحقيق دخل ثابت لفترة زمنية طويلة مع ضمانهم لاستعادة رأس المال نهاية مدة الاستثمار دون تحمل لأي مخاطر.

نقلا عن الجزيرة