التسويق الهرمي والسلوك المضاربي: التقارب أكثر من الاختلاف

10/05/2015 5
محمد القويز

ماذا لو عرضت عليك العرض الاستثماري التالي:

سأبيعك سلعة أو منتج بسعر معين، ولكن عليك أن تقوم بإقناع الآخرين بشرائها أيضا، وعلى هؤلاء الآخرين إقناع غيرهم بالشراء…وهكذا. وكلما زاد عدد المشترين اللاحقين و طبقاتهم ومستوياتهم فستحصل على عمولات أكثر، كما أن كل مشتر بعدك يتمكن من إقناع الآخرين بالشراء سيحصل بدوره على عمولات كبيرة بحسب نجاحه في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء. وبناء عليه فإن المجال للربح كبير جداً!.

هذا العرض قد يكون جذاباً في ظاهره، ولكن أغلب ذوي الخبرة سيدركون حالاً أن هذا العرض هو من باب حيل التسويق الهرمي أو ما يعرف بسلسلة بونزي (نسبة لتشارلز بونزي الذي انتهج هذه الحيلة في تسويق مشروع عقاري في ولاية كاليفورنيا في عام 1920م والذي ما لبث أن انهار).

والتسويق الهرمي هو أي حالة لا يعتمد فيها الربح على قيمة المنتج أو السلعة لذاتها بل على قدرة المرء على استقطاب آخرين ليشتروا المنتج منه، ومن ثم قدرتهم بدورهم على استقطاب غيرهم لشراء المنتج…وهكذا، حتى يصبح تسلسل المشتركين يشبه شكل الهرم، بحيث لا يهتم أي منهم بشراء أو اقتناء المنتج لذاته بل فقط لاستقطاب آخرين لبيعه عليهم.

وحيلة التسويق الهرمي تعتمد بشكل أساسي على ضرورة الاستمرار في استقطاب آخرين للهرم لضمان استمراريته، لذا فإنه حالما يتوقف الاستطاب أو تخف وتيرته، إما لانتهاء الزخم أو لأنه قد تم استقطاب كل من يمكن استقطابهم فإن الهرم ما يلبث أن ينهار مخلفاً وراءه مدخرات متبخرة وأحلام مهشمة.

ولذا السبب فإن غالبية دول العالم تمنع برامج التسويق الهرمي بشكل صريح وتعاقب عليه.

كما أن مجمع الفقه الإسلامي قد أفتى بحرمة البيع الهرمي.

حسنأ، هنا قد يسأل سائل:

ما علاقة كل هذا بعالم المضاربة والأسهم؟ هنا أود أن أجيبك بأن أقدم لك عرضي الاستثماري الجديد:

سأبيعك سهماً معين، وهذا السهم لشركة خاسرة، ولكني سأقوم وإياك بإقناع آخرين بالشراء، ليقنع هؤلاء أشخاص آخرين بدورهم بالشراء وهكذا، وكلما زاد عدد المشترين و طبقاتهم ومستوياتهم فسيرتفع سعر السهم للعلالي، كما أن كل مشترٍ بعدك يقنع من بعده بالشراء سيستفيد بدوره من ارتفاع الأسعار بحسب نجاحه في ضم مضاربين جدد يلونه في قائمة المشترين. وبناء عليه فإن المجال للربح كبير جداً! ولا تنساني من دعائك!

هل لاحظت عزيزي القارئ التقارب المُريب بين ما يحصل في بعض الأسهم المضاربية وبين حيل التسويق الهرمي؟

فأي عملية استثمارية لا تبنى على قيمة فعلية أو مرتقبة للاستثمار لذاته (بالنظر لأرباحه وتدفقاته النقدية المستقبلية وحاجة الآخرين له)، بل على مجرد القدرة على إقناع الآخرين بشرائه بسعر أعلى آملين بدورهم أن يجدوا من بعدهم ليبيعوا عليه بسعر أعلى وهكذا، هي ليست استثماراً بالفعل ولا مضاربة، بل إنها تقترب قرباً شديداً من حيل التسويق الهرمي التي لا تلبث إلا أن تنهار والتي لطالما انفضح أمرها إلا للبسطاء.

هذا لا يعني أن المضاربة ضارة على إطلاقها، ولكن المضاربة الحميدة هي التي تبنى على الاستفادة من التغيرات السعرية على المدى القصير ولكن ضمن النطاق السعري المقبول للسهم أو الورقة المالية.

أما الالتفات لورقة مالية خرجت من نطاقها السعري ولا توجد أي صلة بين سعرها وبين ربحية شركتها أو تقييمها المالي، فتلك تكون قد خرجت من نطاق المضاربة ودخلت لنطاق التسويق الهرمي.