مكررات القيمة الدفترية: ما لها وما عليها

03/05/2015 5
محمد القويز

في مقال سابق تحدثنا عن أهمية مكرر الأرباح كمعيار لتقييم الأسهم، وبعض الملاحظات والمحاذير بشأنه. وفي هذا المقال وددنا أن نقدم نفس الاستعراض لمميزات ومثالب مكرر القيمة الدفترية.

مكرر القيمة الدفترية هو مقياس آخر لمستوى تقييم أي شركة، بحيث يتم قسمة السعر السوقي لسهم الشركة على القيمة الدفترية للسهم (أو بقسمة الرسملة السوقية للشركة على مجموع حقوق المساهمين للشركة نفسها والتي ترد في القوائم المالية).

والعبرة منه هو قياس مدى ارتفاع قيمة الشركة عن قيمتها الدفترية المسجلة في قوائمها المالية، والتي تعكس أصولها المادية (كالأراضي، والمباني، والمخزون والمعدات…إلخ).

كما أن الفارق بين القيمة السوقية للشركة وقيمتها الدفترية يطلق عليه في بعض الأحيان اسم “الشهرة” لأنه يمثل الأصول غير المحسوسة في الشركة كالأنظمة والإجراءات والاسم التجاري وبراءات الاختراع…إلخ.

ومن المتعارف عليه هو أن قيمة الشركة لا ينبغي أن تقل عن قيمة أصولها المادية، لأن الأمر لو كان كذلك لكان الحريّ بملاكها تصفيتها وتحقيق الربح من بيع أصولها.

لذا فالعديد من المحللين يقولون أن أي شركة تتداول قريباً من أو دون قيمتها الدفترية تُعدّ شركة جذابة للاستثمار فيها (لطالما أن القيمة الدفترية مسجلة بطريقة صحيحة).

وبالمقابل فإن ارتفاع القيمة السوقية عن القيمة الدفترية بنسبة كبيرة (ولنقل أكثر من 3) يعد دليلاً على ارتفاع القيمة.

ولكن كما هو الحال في العديد من المكررات الأخرى فإن مكرر القيمة الدفترية بالرغم من بساطته وفاعليته في تقدير القيمة، إلا أنه لا يخلو من بعض الشوائب، من أبرزها:

أولاً: مكرر القيمة الدفترية لا يأخذ في الاعتبار اختلاف الربحية ولا اختلاف النمو في الأرباح بين الشركات المختلفة.

فعلى سبيل المثال، لو افترضنا شركتين لهما نفس مكرر القيمة الدفترية، ولكن إحداهما تحقق عائداً على حقوق المساهمين يبلغ 20% بينما الأخرى تحقق عائداً على حقوق المساهمين يبلغ 10% (أي نصف الشركة الأولى)، كما أن معدل نمو الأرباح في الشركة الأولى أعلى من الشركة الثانية، فمن الطبيعي أن تكون لشركة الأولى أكثر جاذبية لأنها أكثر قدرة على تحويل أموال المساهمين إلى أرباح، وذلك بالرغم من أن الاختلاف في الجاذبية لا ينعكس على مكرر القيمة الدفترية.

ثانياً: مكرر القيمة الدفترية لا يفرق بين الأصول التشغيلية والأصول المعطّلة. فعلى سبيل المثال قد تشترك شركتين في مكرر القيمة الدفترية، ولكن إحداهما تمتلك أرضاً كبيرة غير مستغلة في العملية الإنتاجية، هذا الأمر يعني أنها تمتلك أصولاً منتجة أقل وبالتالي فهي أقل جاذبية من نظيرتها بالرغم من أن مكرر القيمة الدفترية لا يُظهر ذلك.

ثالثاً: مكرر القيمة الدفترية لا يأخذ بالاعتبار الفارق في مقدار المخاطرة بين الشركات المختلفة. فلو وجدنا شركتين بنفس مكرر القيمة الدفترية قد نفترض أن الاستثمار في أيهما مشابه للآخر، ولكن لو علمنا أن أحد الشركتين أكثر مخاطرة من الأخرى لكان من الواضح أن الشركة الأقل مخاطرة هي الأفضل للاستثمار ولو كان ذلك لا يظهر بمجرد مقارنة مكررات القيمة الدفترية.

رابعاً (وأخيراً): أن القوائم المالية للشركات قد تسيء تقييم القيمة الدفترية مما يضع شكوكاً في أي مكرر يُبنى عليها.

فعلى سبيل المثال لو وجدنا شركتين يشتركان في نفس مكرر القيمة الدفترية ولكننا أيضاً اكتشفنا اختلاف في المعدلات المحاسبية لإهلاك الأصول بين الشركتين بحيث تهلك أحد الشركات أصولها في سنتين بينما الأخرى تهلكها في خمس سنوات، فقد تكون الشركة التي تهلك أصولها في سنتين أكثر جاذبية لأنه يحتمل أن قيمتها الدفترية أكثر تحفضاً بينما الشركة الثانية (ذات خمس سنوات) قد تكون أقل جاذبية لأن قيمتها الدفترية قد تكون متضخمة نتيجة عدم الإهلاك بشكل كافٍ.

ولعل المثال الأبسط هو شركة تمتلك أصولاً مسجلة بقوائمها المالية بأقل من قيمتها الفعلية (كالعقار الذي لا يتم إعادة تقديره في القوائم) أو شركة تمتلك أصولا مسجلة بقوائمها المالية بأعلى من قيمتها الفعلية (والذي قد يحصل في بعض الشركات نتيجة التلاعب وما خلافه).

نظراً للمحاذير أعلاه فقد يكون من الأنسب استخدام مكررات القيمة الدفترية لمقارنة الشركات ضمن نشاط وقطاع واحد، لأن النظرة لقطاع واحد تخفف من هذه المحاذير (نظراً لتقارب مستويات الربحية والمخاطرة بشكل أكبر ضمن القطاع الواحد)، ولكن حتى مع توحيد القطاع تظل هناك بعض الاختلافات بين شركة وأخرى ضمن القطاع الواحد لا يعكسها مكرر القيمة الدفترية (كالشركة الصغيرة النامية والشركة الكبيرة والمستقرة ضمن القطاع ذاته).

ولكن كما أسلفنا في مقالنا السابق، فإن ذلك لا يعني أن مكررات القيمة الدفترية هي غير ذات منفعة لتقييم الشركات، إنما يعني أن مكرر القيمة الدفترية هو أداة فعالة إذا ما استخدمت بالتزامن مع المعايير الأخرى (وليس بمفردها) في اتخاذ قرار الاستثمار.