صرح مجلس الوزراء في 14 ابريل 2015 بان المملكة على استعداد بأن تسهم في إعادة الاستقرار لأسواق النفط العالمية، ولكن ليس على حسابها أو حساب الأوبك بدون مشاركة البلدان خارج الأوبك في موازنة العرض مع الطلب، وردم الفجوة بينهما عند مستوى من الأسعار لا يضر المستهلكين ويحفز المنتجين على الاستمرار في عملياتهم الإنتاجية في تلبية الطلب العالمي.
فقد ارتفعت امدادات النفط في الربع الاول من 2015 الى 94.55 مليون برميل يوميا، بينما بلغ الطلب العالمي 92.99 مليون برميل يوميا، باختلال في التوازن بمقدار 1.56 مليون برميل يوميا (وكالة الطاقة الدولية)، أما على المستوى الشهري فقد زاد المعروض في شهر مارس الى 95.2 مليون برميل يوميا لتزيد فجوة الطلب بمقدار 2.21 مليون برميل يوميا، فمن الطبيعي ان تزيد امدادات الاوبك الى ما يقرب من 31 مليون برميل يوميا، للمحافظة على حصتها السوقية وتعويض ما فقدته من انخفاض في الاسعار، كما زاد انتاج المملكة الى فوق 10 ملايين برميل يوما في ظل عدم تعاون المنتجين من خارج الاوبك وعلى استعداد ان تحافظ على حصتها حسب متغيرات السوق.
فقد أدى تراجع الاسعار بأكثر من 54% مما كانت عليه في شهر يونيو الماضي الى ارتفاع المخزونات النفطية العالمية ليصل المخزون الاميركي الى 482 مليون برميل في الربع الاول من 2015.
لكن المعادلة قد تتغير من جانب الطلب، ونشهد دعما للأسعار العالمية في الربع الثالث من هذا العالم، حيث توقعت وكاله الطاقة الدولية ان يصل الطلب الى 94.05 مليون برميل يوميا مقارنة مع 92.66 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من نفس العام وذلك بفارق 1.39 مليون برميل يوميا، رغم ان هذه الزيادة في الطلب غير كافية لإعادة الاسعار الى وضعها السابق في يونيو الماضي، ولكنها ستدعم متوسط الاسعار ما بين 45 دولارا و 70 دولارا للعالم الحالي والقادم، وستظل الاسعار متقلبة على أساس يومي وأسبوعي وشهري فمازالت العوامل الجيوسياسية تراوح مكانها.
ان التوازن بين العرض والطلب في اسواق النفط لن يكون، وإلا شاهدنا الاسعار تنخفض الى السعر الذي يتلاقى عنده منحنيا العرض والطلب مع بعضهما. لكن الاسعار الحالية لن تحقق نقطة التوازن في الاسواق العالمية إلا عند اسعار اقل من 40 دولارا وليس عند 55 دولارا من اجل خروج بعض المنتجين من السوق أو تقليص انتاجهم سواء كان ذلك في امريكا او الاوبك او روسيا مع زيادة النمو في دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين) ليتحقق التوازن مره ثانية.
فلا نتوقع ان تكون هناك قفزات في اسعار النفط حتى تقترب الفجوة بين العرض والطلب من الصفر، ولكن مازلنا بعيدين عن ذلك في المنظور القريب. وهذا نتج من ارتفاع الاسعار في السبع السنوات الماضية بأعلى مما تدعمه عوامل السوق، فلذا لن يكون انخفاض الاسعار على مدى 7 شهور كافيا لتصحيح هذا الاختلال في اسواق النفط.
كما ان الأسواق الإلكترونية الحديثة اتحات فرصة ثمينة للمضاربين في العقود الآجلة ليفعلوا ما يفعلونه اليوم بجني بعض الدولارات فوق الاسعار المتاحة، فهم يحققون ارباحا في حالة ارتفاع الاسعار أو انخفاضها، لذا سيستمر عدم التوازن في اسواق النفط مادام المضاربون يتداولون 99.9% من اجمالي العقود الآجلة للنفط بدون ان يستلموا شحنات النفط المادية، وهذا ما يعكسه ارتفاع الاسعار مع بداية شراء العقود من كل شهر لتصل الى قمتها في منتصف الشهر ثم تبدأ بالتراجع حتى تتساوى مع الاسعار الفورية لأن المضاربين يحاولون تفادي استلام مادة النفط نفسها التي سوف تخسرهم في حالة استلامها وتخزينها.
فان استقرار اسواق النفط يعتمد على مساهمة جميع المنتجين في تقاسم اسواق النفط عند اسعار مناسبة لهم مع تقليص أدوار المضاربين.
نقلا عن الرياض