قرار رسوم الأراضي والأنظمة المساندة

25/03/2015 0
محمد العنقري

صدرت موافقة مجلس الوزراء الموقر، على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية القاضي بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، الذي يعد أحد أهم الأنظمة التي انتظرها الاقتصاد المحلي وتحديدًا القطاع العقاري، حيث ينظر له كإحدى الركائز التي ستسهم في معالجة ملف الإسكان من ناحية زيادة المعروض من الأراضي السكنية، وتصحيح الأسعار، حتى يتم توفير مساكن بتكلفة مناسبة لإمكانات الأسر واحتياجاتهم.

ومن الواضح، أن القرار يأتي متماشيًا مع مضامين ما جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- قبل أسابيع، التي حدد فيها أن حلول ملف الإسكان ستكون عاجلة وعملية.

وحتى تعد اللائحة التنفيذية لقرار الرسوم وتعتمد، ستمر بمراحل من الإعداد والنقاش في مختلف الأجهزة المعنية، ولن أضيف جديدًا بشرح أهمية القرار من ناحية تأثيره على زيادة المعروض من الأراضي، وتحفيز الاستثمار في القطاع العقاري بالتطوير والبناء، فلن يكون مجديًا بقاء الأراضي بيضاء، لأنها ستكون مكلفة على ملاكها.

فبعض التقديرات، تشير إلى أن مساحة هذه الأراضي باتت تشكل قرابة 46 بالمائة من مساحات المدن بالمملكة، إلا أنه من المهم أيضًا حتى تتكامل الحلول لخفض أسعار الأراضي، وتنشيط سوق البناء السكني والتجاري، فإن تطوير أنظمة لها تأثير على المعروض من الأراضي سيشكل دعمًا كبيرًا لقرار الرسوم ومنها، تسريع اعتماد المخططات السكنية من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، لما في ذلك من انعكاس إيجابي على زيادة نشاط قطاع التطوير، والإقبال على الاستثمار العقاري الصحي الذي ينتج عنه وحدات سكنية أو أراضٍ مخصصة للإسكان، حيث تأخذ مدة الانتهاء من التطوير للمخططات حاليًا أكثر من عامين، وتلعب الاشتراطات العديدة لاعتماد المخططات دورًا بتأخير إنهاء أعمال التطوير، فعامل الزمن يعد رئيسًا في حسابات المستثمرين.

كما تبرز الحاجة للتفكير بالضواحي السكنية حسب حاجة بعض المدن، خصوصًا الكبرى، مع تهيئتها بكل احتياجاتها لتكون بمثابة مدن صغيرة ترتبط بالمدينة الكبيرة بوسائل نقل حديثة، وتتوفر بها كامل الخدمات المطلوبة، فالتجارب العالمية أثبتت نجاح الضواحي السكنية، وساهمت بمعالجة مشكلة السكن بتلك الدول.

وبما أن وزارة الإسكان بدأت تتجه للشراكة مع القطاع الخاص بحلول السكن، فمن المهم تطوير آليات هذه الشراكة بطرق متعددة وتكاملية، تستخدم فيها أساليب تمويل واشتراطات ملائمة لنوعية المنتجات السكنية، مع وضع منظومة متكاملة لطريقة التسجيل على هذه المنتجات، لتكون خيارًا مناسبًا للمستفيد النهائي، وبذلك يتعزز دور القطاع الخاص في مجال التطوير العقاري ليصبح صناعة رافدة للتنمية، ومساهمة بضخ الاستثمارات، وتوفير فرص العمل، وتعزيز دور قطاعات الصناعة والخدمات والمقاولات بالاقتصاد المحلي.

معالجة كل الأنظمة التي تسهم في زيادة المعروض من الأراضي ستسهم بسرعة تصحيح أسعار الأراضي لتصبح بمستويات مناسبة لدخل الأسر، ولتكون بنسبة تتطابق مع المعايير العالمية لتكلفة الأرض بقيمة الوحدة السكنية.

ويبقى قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء مفصليًا في الاقتصاد المحلي، وسيلعب دورًا مهمًا بتنشيط قطاع العقار، وتحول جذري بأساليب الاستثمار فيه، فصحية أي اقتصاد تقاس من خلال تقييم دور القطاع العقاري فيه الذي تمثل الحلول فيه معالجة لملفات اقتصادية عديدة، كالبطالة، وتوسيع الطاقة الاستيعابية، وتنويع مصادر الدخل، وتخفيف الأعباء على الحكومة من جانب حجم ضخها للإنفاق على المشروعات لتنشيط الاقتصاد، كما يسهم بتوطين الأموال وإيجاد قنوات استثمارية متعددة، ويعزز من دور السوق المالية بالاقتصاد بالتمويل والاستثمار من خلاله.

نقلا عن الجزيرة