بدأ برنامج كفاءة الطاقة الوطني المعني بترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة حملته التوعوية الثالثة قبل حوالي أسبوعين التي سميت «بكيفك» للتعريف ببطاقة اقتصاد وقود المركبات وكذلك التعريف ببعض الممارسات الخاطئة في قيادتها والتي تؤدي لرفع استهلاك الوقود، فالمملكة تعد من بين أكبر خمسة دول في استهلاك النفط وهي ثاني أكثر الدول نمواً بارتفاع استهلاكه بعد الصين بحسب بعض الإحصاءات إلا أنه وبعيدا عن التصنيفات ومراتب الاستهلاك عالميا لأنها متغيرة فإن الاستهلاك اليومي للطاقة بالمملكة يقارب 4 ملايين برميل من النفط والنفط المكافئ يوميا أي حوالي 30 بالمئة من الطاقة الإنتاجية بالمملكة وهو ما يعد معدلاً مرتفعاً خصوصاً إذا عرفنا ان جل الاستهلاك يصنف سلبياًَ أي ليس بالمجالات الإنتاجية
وقامت الحملة التوعوية الحالية على وضع بطاقات تعريفية تلصق على المركبات بداية بصالات العرض لدى الوكالات وموزعيها لموديلات 2015 وكذلك انتقلت لوضعها على المركبات الواردة وتوضح البطاقة معلومات عديدة تهم المستهلكين منها تصنيف الاستهلاك إلى ستة مستويات تبدأ من الممتاز إلى السيء جدا وكذلك معلومات عن المركبة ونوعية الوقود الذي تستهلكه ومن المهم معرفة ان المركبات التي يصل عددها إلى 12 مليونا بالمملكة تستهلك 811 ألف برميل من البنزين والديزل يومياً أي حوالي 23 بالمئة من حجم استهلاك الطاقة اليومي بالمملكة ويبلغ متوسط استهلاك الفرد السنوي حوالي 950 لتر بنزين سنويا وأضيف بالحملة الحالية إعلانات توضح بعض الممارسات الخاطئة في ذهنية قادة المركبات كمدة تشغيلها الطويلة قبل انطلاقتها وأيضاً عدم الاستفادة من بعض المزايا فيها كمثبت السرعة عند قيادتها خارج المدن ورغم أن برنامج اقتصاد الوقود لن يفرض تغيرات على المركبات مستقبلاً إلا بما يخص خفض استهلاك الوقود عبر رفع عدد الكيلومترات التي تقطعها المركبة في استهلاك اللتر الواحد من البنزين وذلك بالمركبات الخفيفة التي تشكل 80 بالمئة من عددها الكلي بالمملكة إلا أن الوصول لمعدل استهلاك مناسب ومقارب لأفضل المعدلات عالميا عند قرابة 18 أو 19 كيلومتراً لكل لتر مقارنة بحوالي 12 كيلومتراً لكل لتر حالياً يتطلب جهداً مشتركاً من كافة الأطراف فالبرنامج الحكومي وضع الشروط ووقع الاتفاقيات مع شركات السيارات الموردة للسوق المحلي وسيطبق برنامج اقتصاد الوقود على مراحل ستظهر أولى مراحلها من العام القادم لكن أيضاً للمستهلك سواء المنشآت الحكومية والخاصة والأفراد دور كبير في ترشيد الاستهلاك.
فالبرنامج وضع الحملة الحالية تحت اسم بكيفك لأن الإلزام للسلوكيات عند الفرد أمر صعب ويعود بالمقام الأول لمبادرته الخاصة اذا ما تحدثنا عن الأفراد بينما ما يخص المنشآت والجهات الحكومية والخاصة فيفترض أن تلزم بالمسارعة بتنفيذ مبادرات أو برامج تخفض من استهلاك الوقود فيمكن الإسراع بتنفيذ جزء من برنامج النقل العام داخل المدن والخاص بالحافلات حتى قبل أو أثناء تنفيذ البنية التحتية اللازمة لها كالمحطات وغيرها ويمكن لوزارة التربية أن توسع من برنامج النقل المدرسي ليصبح إلزامياً ببعض المدن الصغيرة كمرحلة اولى وعلى مراحل متسارعة بالمدن الكبيرة ويمكن للأجهزة الحكومية الإسراع بتنفيذ برنامج احكومة الالكتروني فيما يخصها لتقليل الرحلات اليومية لمراجعتها رغم أن جهات عديدة حققت معدلات تنفيذ جيدة فيه لكن مازال هناك إمكانية لتحقيق توسع كبير بالبرنامج ويضاف لذلك قيام بعض الجهات بتطوير قطاع نقل موظفيها بدلاً من حاجتهم لاستخدام مركباتهم والأمر ينطبق على منشآت القطاع الخاص مما سيسهم بعد سنوات من تنفيذه الى ارتفاع أعداد من يستخدمون حافلات منشآتهم لنقلهم إلى أعمالهم وعودتهم لمنازلهم بها، فهذه الأفكار التي قد تبدو صعبة حالياً إلا أن الاتجاه لتطبيقها على مراحل سيصل بها لأن تكون هي القاعدة والتي ستريح الموظفين من الازدحام وتطيل عمر مركباتهم الخاصة وتوفر كميات هائلة من الوقود مع النظر أيضاً لقطاع سيارات الأجرة العامة ووضع برنامج عمل لها يمنع تنقلها العشوائي للبحث عن زبون وهو ما يرفع من استهلاك الوقود حالياً بنسب جيدة.
حملة بكيفك صممت لتعريف المستهلك الفرد لدوره بترشيد استهلاك وقود المركبات والتفاعل معها سينعكس إيجابا على الجميع فالثروة النفطية التي تمتلكها المملكة برغم ضخامتها ولله الحمد إلا أن المحافظة عليها بتقليل هدرها مسئولية عامة ونجاح أي ترشيد باستهلاكها لن يتم من طرف واحد بل بمشاركة جماعية سواء من القطاعين العام والخاص أو الأفراد للوصول لأفضل النتائج بتوفير الطاقة.
نقلا عن الجزيرة