التخطيط الاقتصادي في العصر الحجري

03/03/2015 16
عصام الزامل

بين كل فترة وأخرى، يطل علينا وزير الاقتصاد محمد الجاسر، ليطلق تصريحا يستفز فيه غالبية المواطنين. وهي عادة تتكرر كل ثلاثة أشهر تقريبا، ويبدو أن هدفها هو تذكيرنا بوجود وزارة اسمها وزارة الاقتصاد والتخطيط.

آخر تصريحات الوزير محمد الجاسر، والتي أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي واستفزت الكثيرين، كانت بخصوص البطالة في السعودية، حيث أشار الجاسر أن البطالة موجودة منذ زمن النبوة، وأن معدلات البطالة معقولة في السعودية وأنها لا تتجاوز 6% بين السعوديين. كما ذكر أن الاقتصاد السعودي يخلق فرص عمل هائلة جدا، مستدلا بوجود 10 ملايين وافد يعمل في القطاع الخاص.

لا أستطيع فهم سبب الاستشهاد بوجود البطالة منذ زمن النبوة، وهو أمر قد يكون صحيح، فلا يوجد دولة بالعالم ولا مجتمع يخلو من البطالة بشكل كلي. ولكن المستفز – حسب رأيي – هو التقليل من خطورة الوضع فيما يتعلق بأزمة البطالة. كما أن الأرقام التي استخدمها الوزير هي أرقام خاطئة أو مظللة، فنسبة البطالة التي ذكرها 6%، بينما نشرت مصلحة الإحصاءات العامة – التي يرأسها الجاسر من خلال وزارة الاقتصاد – أن نسبة البطالة بين السعوديين هي 11.7% وهي نسبة مرتفعة وليست عادية كما يدّعي الجاسر. كما أنها نسبة مرشحة للارتفاع بشكل حاد في السنوات القادمة.

أما استدلاله بعدد الوافدين – الذي يصل لعشرة ملايين – لإقناعنا أن فرص العمل وفيرة، فالجاسر يعلم يقينا أن غالبية تلك الوظائف من الوظائف المتدنية جدا، فمعدلات الرواتب في بين غير السعوديين لا تتجاوز 1500 ريال، وحسب احصائيات وزارة العمل فإن أقل من 500 ألف موظف غير سعودي يستلم مرتبا يزيد على 2500 ريال.

هذا يعني ضمنا، أن الوظائف القابلة للتوطين حاليا من خلال الإحلال، قد لا تتجاوز 500 ألف وظيفة، في المقابل نجد أن سوق العمل يدخله سنويا أكثر من 300 ألف سعودي، أي أن الإحلال لن يكفي لتغطية سنتين من تدفقات الباحثين عن عمل من السعوديين. 

بدل أن يقلل الجاسر من خطورة البطالة، نتمنى منه أن يقوم بدوره - التخطيط الاقتصادي - ويطلعنا على خطته للسنوات العشر القادمة، وكيف سيتمكن الاقتصاد السعودي من خلق أكثر من 3 ملايين وظيفة عالية القيمة للسعوديين، يفترض أن تكون مرتباتها تزيد على 4000-5000 ريال. وبدل الاستشهاد بالوضع الاقتصادي في عصر النبوة، نتمنى أن يخرج بخطة اقتصادية لا تنتمي للعصر الحجري.