بداية، أود أن أصحح ما أوردته هنا في مقالي "راتبان للعاملين ووظيفة للعاطلين" ببيان أن مخصصات "حافز" يتم صرفها من وزارة المالية لحسابات المستفيدين مباشرة تطبيقاً للأمر الملكي الكريم الذي أقرّ برنامج "حافز"، وذلك وفقاً لما وردني من مصدر رسمي في وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية.
وأتابع بالقول إن البطالة بين النساء السعوديات 32.8 بالمائة، وفقاً لما صدر الأسبوع الماضي عن الجهة الرسمية المخولة وهي مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، حول نتائج المسح الذي أجرته خلال النصف الثاني من العام 2014. وإحصائياً يبلغ عدد الباحثات عن عمل نحو400 ألف سعودية.
وهناك من يتعامل مع الـ"400 ألف" باعتبار أنها وفرة وكثرة تبرر أن تمنح الباحثات عن عمل أجوراً بخسة، مقارنة بما يحملنه من مؤهلات علمية وعملية.
وما زلت أعتقد أن "الإحلال" هو الحل في نهاية المطاف، وأقرّ كذلك أن بوسعنا انتهاج حلول وقتية أو مؤقتة وصولاً لحلول مستقرة دائمة، لكن -حكماً- فالحل النهائي هو أن نعتمد على مواردنا المحلية بأن نوظفها، وهذا يعني أن نمتص البطالة المتفشية بين المواطنات.
وليس الهدف هو استيعابهم كيفما اتفق، بل لا بد أن نُدبرّ لبناتنا، وبالتأكيد لأبنائنا كذلك وظائف قَيّمة، أي لها أفق وظيفي فتمنح خبرة وأجراً ملائماً. لكن كيف؟!
فبعد الجهود الحكومية المؤثرة والضاغطة على القطاع الخاص، أخذت بعض الجهات -ولا أقول كلها- تنظر للباحثات عن عمل من السعوديات باعتبارهن "منجم ذهب" لاغتراف التأشيرات؛ فيوظفوهن ليس لملء شواغر بل لاستيفاء متطلبات استقدام المزيد من العمالة الوافدة.
فمثلاً، ليس مستغرباً ان تجد من يَعرض وظيفة استقبال أو إدخال بيانات على مواطنة تتحدث لغتين بطلاقة وتحمل شهادة ماجستير براتبٍ شهري قدره ثلاثة آلاف ريال!
هذا أمر لا ينبغي أن يحدث، وحتى لا يحدث فلا بد من وضع ضوابط للتعامل مع توظيف السعوديات.
وما سأقترحه هو على سبيل المثال لتقريب الفكرة، ولا أدعي أنه حل جيد، لكنه مجرد مثال لما يمكن أن تفرضه الجهات المعنية من ضوابط، فمثلاً هل يعقل أن نعرض على فتاة تتحدث العربية والانجليزية بطلاقة ثلاثة آلاف ريال؟ وهل يمكن أن نعرض على من تحمل شهادة جامعية ثلاثة آلاف ريال؟
الإجابة بالتأكيد بالنفي، ولتجاوز ذلك فيمكن وضع حد أدنى لأجور السعوديات تبعاً لمؤهلاتهن العلمية، مرتبطة بنقاط ذات صلة ببعض برامج وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية، والهدف هنا أن يسعى أرباب العمل لتوظيف الشريحة التي نرغب في توظيفها من المواطنات، وهن الجامعيات، باعتبار ان تلك الشريحة هي التي تعاني من تفشي البطالة.
ولعل من المفيد هنا بيان أن الحديث القديم حول عدم مواءمة بعض الخريجات لمتطلبات سوق العمل، هو كلام قديم انتهت صلاحيته، ولعل زيارة واحدة لموقع المؤسسة العامة للتدريب التقني والفني تجيب على العديد من الأسئلة، لاسيما مبادراتها المتخصصة، ومنها إعادة التأهيل في أنشطة محددة يحتاجها سوق العمل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كليات التميز، التي أخذت تنتشر في كل أنحاء المملكة.
ثم إن منظومة العمل (وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني) أصبحت أكثر مرونة في الاستماع لمتطلبات القطاع الخاص، والدخول في شراكات وتفاهمات، تقود في نهاية المطاف لتوظيف المزيد من السعوديين والسعوديات.
نقلا عن اليوم