أسعار النفط تعود إلى الارتفاع ولكن إلى أين؟

08/02/2015 0
بشير يوسف الكحلوت

كتبت قبل ثلاثة أسابيع وتحديداً يوم 18 يناير مقالاً بعنوان أسعار النفط تدخل مرحلة تقييم ومراجعة توقعت فيه أن ترتفع أسعار النفط كرد فعل لعمليات الشراء الورقية، وبتأثير ما سيصدر من بيانات عن مستويات الإنتاج في العالم، وحجم الفائض أو السحب من المخزونات لدى المستهلكين.

وتوقعت في المقال أن  يتحرك سعر نفط برنت خلال الأسابيع الثلاثة التالية ما بين 45-65 دولاراً للبرميل.

وقد صدقت التوقعات إلى حدٍ بعيد حيث ارتفع سعر خام برنت إلى نحو 59 دولاراً للبرميل قبل أن يستقر يوم الجمعة عند 57,8 دولار.

وهذا يدفعني للتساؤل من جديد عن اتجاهات سعر النفط في الأسابيع القادمة بالنظر إلى أهمية ذلك على المعطيات الاقتصادية القطرية وفي مقدمتها الإيرادات الحكومية، ومستويات الإنفاق، وميزان السلع والحساب الجاري للدولة فضلاً عن تأثيرها غير المباشر على تحركات أسعار الأسهم في بورصة قطر.

أذكر بداية بأن التحسن الذي كان متوقعا على أسعار النفط قد حدث نتيجة منطقية لعمليات الشراء الورقية للصفقات البائعة للنفط(شورت) في البورصات العالمية.

فعندما كان سعر النفط يزيد عن المائة دولار للبرميل في يوليو الماضي واستشعر المضاربون أن سوق النفط في حالة فائض يزيد عن مليون برميل منذ الربع الثاني من  عام 2014، فإنهم قد باعوا النفط في السوق الآجلة تسليم يناير أو فبراير 2015 على أمل إعادة الشراء بسعر منخفض.

وعندما هبطت الأسعار إلى مستوى يقل عن 45 دولاراً للبرميل، بدأت عمليات تغطية العقود البائعة في البورصات، فتلاشى عامل الضغط الأساسي، وارتفعت الأسعار على نحو ما أشرت أعلاه.

ولكن الملاحظ أن سعر نفط برنت قد اصطدم بحاجز مقاومة قوي عند مستوى  59 دولاراً، مما جعله يتوقف عن الارتفاع لبعض الوقت لحين تبلور معطيات جديدة.  

والمعطيات الجديدة هي في معرفة اتجاهات النمو الاقتصادي في العالم ومن ثم الطلب على النفط، وفي حجم المخزونات النفطية وخاصة في الولايات المتحدة، واتجاهات منتجي الأوبك بشأن مستويات الإنتاج، وأية تطورات خاصة باتجاهات الإنتاج من النفط الصخري,

وفيما يتعلق بالنقطة الأولى نشير إلى تقرير الأوبك الذي صدر قبل شهر، والذي أشارت فيه إلى أن توقعات نمو الاقتصاد العالمي في عام 2015 تقدر في المتوسط بنسبة 3,2%  مقارنة بـ 2,9% في عام 2014، وأن ذلك سينتج عنه زيادة في الطلب العالمي على النفط بنحو 1,1 مليون ليصل إلى 92,3 مليون برميل يومياً.

ولكن هذه الزيادة سيقابلها زيادة في الإنتاج بنحو 1,4 مليون برميل يومياً من خارج الأوبك ومن انتاج سوائل الغاز، مما يعني أن الطلب على نفط الأوبك سينخفض بنحو 300 ألف برميل يومياً.

وقد تتغير الأرقام في تقرير الأوبك الجديد الذي سيصدر خلال يومين، ولكن بافتراض عدم تغيرها فإن انخفاض الطلب على نفط الأوبك سيدفع باتجاه انخفاض الأسعار.

ولم تصدر بعد بيانات الأوبك التي تكشف مستويات إنتاج الدول المختلفة من النفط، وإن كانت المواقف المعلنة تشير إلى تمسك كل دولة بمعدلاتها الإنتاجية للحفاظ على زبائنها في السوق العالمية، وإن كانت بعض التقارير قد أشارت إلى سعي البعض إلى زيادة انتاجه للتعويض عن تراجع إيراداته، وزادت روسيا صادراتها من الغاز.

ومن بين العوامل السلبية التي تدفع باتجاه تراجع أسعار النفط، ما يشكله ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى، باعتبار أن سعر برميل النفط يُقَوم عالمياً بالدولار. وقد استقر سعره مع نهاية الأسبوع الماضي قريباً من أعلى مستوياته بحيث وصل إلى 1.13 دولار لكل يورو، و 119,1 ين لكل دولار.

وكان سعر الدولار قد تراجع بعض الشيئ خلال الأسبوع الماضي، ولكن استمرار التحسن في سوق الوظائف الأمريكية التي صدرت يوم الجمعة قد أعادت الزخم لارتفاع سعر صرف الدولار من جديد وهو ما حد من ارتفاع سعر برميل النفط. 

ومن جهة أخرى فإن من الواضح أن هناك عامل إيجابي يعمل في الاتجاه المعاكس لانخفاض الأسعار-وإن في الأجل المتوسط- وهو احتمال تراجع انتاج النفط من الأبار عالية التكلفة ومنها النفط الصخري.

ولا توجد أرقام جديدة متاحة ولكن أشارت تقارير هذا الأسبوع إلى انخفاض عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة بواقع 83 منصة إلى 1140 منصة ،وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر كانون الأول 2011.

ومثل هذا الانخفاض في عدد المنصات سيقلص من امكانيات إضافة طاقات انتاجية جديدة .

وتؤدي أعمال التوتر في مناطق الإنتاج في الشرق الأوسط مثل ليبيا واليمن والعراق إلى تراجع الصادرات من هذه البلدان، وهو ما يساعد في استقرار أسعار النفط وإمكانية ارتفاعها.

على ضوء جملة العوامل المشار إليها أعلاه يمكن القول إن سعر برميل النفط سيتذبذب خلال ما تبقى من شهر فبراير ما بين 50-65 دولار للبرميل، باعتبار أن برودة الطقس في نصف الكرة الشمالي في شهر فبراير تعمل باتجاه زيادة الطلب، ومن ثم تدعم استقرار الأسعار نسبياً.

وقد تتغير هذه التوقعات إذا ما ظهرت معطيات جديدة في تقرير الأوبك الذي سيظهر خلال يومين، وقد نعود لهذا الموضوع في مقال الأحد القادم إذا ما استجد في الموضوع جديد.