أحدثت القرارات الجريئة والنوعية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله اصداءً عالمية ومحلية لما له من بعد استراتيجي وتحول مرحلي، حيث كان من الملفت في القرارات الملكية التي ترتب عليها التغييرات الوزارية الأخيرة ما يعرف بالتغيير النوعي والغير معتاد من الجانب الكمي بهذه السرعة، والتي تعكس مدى فاعلية الحكومة الجديدة في الاستجابة للتغييرات التي يحتاجها المجتمع.
كما أن هذه التغييرات جاءت في الوقت الذي يبحث المجتمع بغالبيته الشبابية عن قيادات شابة تمتلك المعرفة والخبرة والكفاءة لتحقيق رؤيتهم المستقبلية.
كما أنه تم الاعتماد في هذه التغييرات على معايير جديدة وغير مسبوقة، وهو الأمر الذي لم يعتاده المجتمع من قبل؛ حيث تم الإعتماد على معيار الكفاءة والمهارة كمتطلب، بدل من الاعتماد على معيار المؤهل فقط. كما تم الإعتماد على الخبرة المهنية والإدارية الناجحة كأحد المعايير على البروتوكول الإداري في التغييرات والتي تعتمد على الترقيات "غالبا" من الدوائر الممتدة في نطاق التغيير نفسه مما ينتج عنه نفس الأثر السابق دون الحصول على نتائج جديدة.
وللقطاع الخاص في هذه التغييرات حضور ملفت، بل يعتبر من أهم الملفات التي كانت حاضرة بثقلها في هذه التغييرات، حيث أنه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تعيين أشخاص من قيادات القطاع الخاص. إلا أن الجديد في هذه المرة هو نوعية الاختيار المبنية على المعايير السابقة التي تم ذكرها بالإضافة إلى إعطاء الشباب العامل في هذا القطاع فرصة المشاركة في صناعة القرار وبناء الدولة.
وهي بلا شك فرصة مليئة بالتحديات التي سوف تضع الوزراء الجدد في حراك مرحلي مهم لإحداث التغيير.
ومن وجهة نظري بأن هذه التغييرات سوف تحدث نقلة نوعية على مستوى فاعلية الأداء في الوزارات والهيئات التي شملتها قرارات التغيير على المستوى القيادي، كما أنها سوف تصنع تحول كبير على مستوى بيئة وثقافة العمل والتي يحتاج إليها القطاع الحكومي في كثير من أجهزته، نظراً لما للقطاع الخاص من إهتمام بالغ في هذا الجانب وللقيادات الشبابية الجديدة دراية وخبرة بأهمية بيئة العمل ومؤشرات الأداء.
وبناءً على ماتقدم أود التذكير بأهمية النظر في قرار مجلس الوزراء رقم (187) وتاريخ 4/7/1429هـ بإنشاء مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية، على أن يُعاد هيكلة هذا الجهاز ليكون مرتبط وظيفياً برئيس مجلس الوزراء باعتباره جهازا مستقلا كما نص القرار في مرحلته الثانية، كما أقترح أن يتم تقييم مؤشرات الأداء من جهات إحترافية رقابية تقدم توصيتها وملاحظتها إلى مقام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بصورة مباشرة لتحقيق أفضل الممارسات الممكنة على مستوى عالمي وليس محلي.
أعتقد بأنه قد حان الوقت للتحول إلى صناعة مرحلة جديدة بمفاهيم حديثة في إعادة هندسة كثير من الأجهزة الحكومية والتي باتت غير فاعلة أو مستجيبة لكثير من التغييرات التي تحدث على المستوى العام أو الخاص؛ مما يجلها عائق أمام مسار التنمية التي نطمح قيادةً وشعباً إلى تحقيقه للوصول إلى مستويات متقدمة على جميع الأصعدة.
وفي الختام أشكر خادم الحرمين الشريفين على هذه التغييرات التي كنا نطالب بها ولا نزال سنبحث عنها في بقية المرافق لتحقيق التطوير المستمر والتنمية المستدامة لبناء مستقبل واعد ينعم الجميع بخيره، وأمنه، وأمانه، والله ولي التوفيق.