صدارة هي مشروع مشترك بين أرامكو وداو كميكال. وسوف يكون هذا المجمع أكبر منشأة للبتروكيماويات على الاطلاق يتم بناؤها في مرحلة واحدة. وتقدر تكلفة هذا المجمع بحوالي 20 مليار دولار سوف يقوم بإنتاج حوالي 3.2 مليون طن سنوياً من المواد البتروكيماوية. ولقد تم توقيع الاتفاقيات بين ارامكو وداو في عام 2011م مع بداية ثورة ما يعرف بالغاز الصخري في الولايات المتحدة.
ومع انطلاقة شرارة الغاز الصخري في امريكا، بدأ انتاج الغاز الصخري بالارتفاع وارتفع معه انتاج سوائل الغاز الطبيعي من ايثان وغاز البترول المسال التي تستخدم في الصناعات البتروكيماوية. وخلال تلك الفترة قال رئيس شركة اكسون موبيل كميكال «ان الصناعات البتروكيماوية العالمية شهدت تحولاً كبيراً ومهماً عندما قرر السعوديون الاستفادة من غاز الايثان واستخلاصه من الغاز الطبيعي وتحويله الى مواد بتروكيماوية بتكلفة منخفضة واصبحوا منذ ذلك الحين الاسرع نمواً واكبر قوة مصدرة للبتروكيماويات في العالم: والان وبسبب طفرة الغاز الصخري تمكنت امريكا من اللحاق بهم». وكان اخر مصنع لانتاج الايثيلين قد شيد في امريكا قبل حوالي عقد من الزمن واعتقد الكثير ان هذا قد يكون اخر مصنع يشيد في امريكا من هذا النوع.
ولو نظرنا الى شركة داو كميكال اكبر منتج للبتروكيماويات في امريكا لوجدنا انها استغلت وفرة الايثان على اكمل وجه فقد اعلنت عن توسعات هائلة في انتاج الايثيلين منها اعادة تشغيل مجمع هانفيل الذي انتج 400 الف طن في عام 2012م وتوسعات اخرى في فري بورت بحوالي 500 الف طن في عام 2015م. كما انها تقوم بتشييد مصنع تكسير حراري جديد للايثان بطاقة 1.5 مليون طن وسيبدأ الانتاج بحلول عام 2017م. اذاً داو كميكال لوحدها اضافت وسوف تضيف حوالي 2.4 مليون طن سنويا بمراحل متتالية. والجدير بالذكر ان الطاقة الانتاجية الحالية لداو كميكال من الايثيلين هي حوالي 13.1 مليون طن وستقفز الى 15.1 مليون طن في عام 2017م لتصبح بذلك اكبر منتج للايثيلين بالعالم. وانخفضت اسعار الايثان بسبب وفرة الانتاج من الغاز الصخري (يحتوي الغاز الصخري على حوالي 16% ايثان) من مستويات 14-16 دولار للمليون وحدة حرارية في عام 2008م الى مستويات 3.5 -4 دولار حالياً. ونتج عن ذلك ارتفاع كبير في ارباح البتروكيماويات الامريكية فأصبحت ربحية طن الايثيلين من لقيم الايثان تتعدي 800 دولار. ونظراً لهذه الوفرة بالايثان اتجهت كل العيون الى امريكا والى الاستثمار مجدداً بوحدات تكسير الايثان الحرارية بعد انقطاع طويل. فأعلن الى الان عن النية لاقامة عشرة مصانع تكسير حرارية والعديد من التوسعات في المصانع القائمة لتصل الطاقة الانتاجية لهذه الكميات الجديدة من الايثيلين الى حوالي 12.5 مليون طن ايثيلين سنوياً.
اذاً باختصار ما حصل من وفرة للقيم على الاراضي الامريكية اغرى الكثير من الشركات الامريكية والعالمية بالاستثمار في الولايات المتحدة لانتاج المزيد من المنتجات البتروكيماوية. وهذا ساهم في عزوف الشركات الغربية عن الاستثمار في الصناعات البتروكيماوية في منطقة الخليج العربى.
فعلى سبيل المثال وقعت قطر للبترول وشركة شل في شهر ديسمبر 2010 مذكرة تفاهم لإجراء دراسة مشتركة حول إقامة مجمع ضخم للبتروكيماويات في مدينة راس لفان الصناعية في دولة قطر. وفي شهر ديسمبر 2011 وقع الطرفان اتفاقية حددت مجال تطوير مشروع الكرعانة البتروكيماوي الذي قدرت تكلفة إنشائه بنحو 6.5 مليار دولار، على أن يبدأ المجمع الإنتاج بحلول العام 2018. ويشمل المشروع إقامة وحدة تكسير حراري لانتاج الايثيلين، والمنتجات البتروكيماوية المشتقة منه. وفي يناير الحالي اعلنت كل من قطر للبترول وشل أنهما قررتا عدم المضي قدما في هذا المشروع. إن الأسعار التي عرضتها الشركات لتشييد المجمع العملاق أظهرت عدم جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية ولا سيما في ظل المناخ الاقتصادي السائد حاليا بقطاع الطاقة. والجدير بالذكر ان هذا المشروع واجه تأخيرات حتى قبل بدء انخفاض أسعار النفط حيث كان من المقرر مخاطبة البنوك من أجل التمويل بنهاية الربع الأول من العام الماضي لكن ذلك لم يحدث. ويشير ذلك إلى أن انخفاض سعر النفط ربما يدفع بعض الشركات إلى الإلغاء الرسمي للمشاريع التي تبدو غير مؤكدة بسبب التغيرات التي تشهدها الصناعة وتحول توقعات الطلب. والجدير بالذكر ان شركة اكسون كانت قد انسحبت من هذا المشروع قبل ان تدخل شل كشريك. انسحبت شل من المشروع القطري لتعلن عزمها بعد اسبوعين القيام بمشروع نبراس العراقي للبتروكيماويات الذي تبلغ قيمته اكثر من 11 مليار دولار، ولا احد يدري هل ستستمر شل فيه ام تنسحب لاسباب كثيرة.
وقبل عدة اشهر أعلنت سابك عدم المضي قدماً في تنفيذ الاتفاقية التي سبق أن وقعتها في العام 2012 مع شركة شل لانتاج البولي يول، وأكسيد البروبيلين، ومونومر الستايرين في مدينة الجبيل الصناعية. وفي نفس الاطار, يتوقع ان تنهي سابك وإكسون موبيل للكيماويات مرفقاً عالمياً لإنتاج 400 الف طن سنوياً من المطاط الصناعي المتخصص في مجمع شركة الجبيل للبتروكيماويات (كيميا)، في 2015م. ولكن طبيعة هذا المشروع تختلف عن طبيعة مجمع الكرعانة القطري الذي كان سينتج البتروكيماويات التقليدية من بولي ايثيلين ومركبات الجلايكول. ولا شك ان المشاريع التقليدية والتي تقوم على الايثيلين وتصنيعه قد اصبح جدواها الاقتصادي صعباً مع دخول كميات كبيرة من الايثيلين الامريكي الرخيص الى الاسواق خلال السنوات القليلة القادمة.
وكانت داو قد انسحبت من مشروع بتروكيميا المشترك مع سابك في اوائل الثمانينات من القرن الماضي في قرار اثبتت الايام عدم جدواه ولذلك فان داو عندما قررت الدخول الى المملكة فانها لن ترتكب نفس النهج مهما كانت العواقب. يسير مشروع صدارة كما خطط له وسيبدأ التشغيل في منتصف العام الحالي. وقد يكون هذا المشروع هو الاخير من نوعه في هذه المنطقة نظراً لضخامته وبسبب ثورة الغاز الصخري التي تعيشها امريكا الشمالية والتي جذبت اليها الكثير من الاستثمارات في الصناعات البتروكيماوية.
نقلا عن اليوم
مقال رائع يستشرف المستقبل وثري بالمعلومات الدقيقه كالعاده من دكتور سليمان ,, نشكركم ارقام على النشر ونشكر الدكتور سليمان
تحياتي د.سليمان. لو سمحت. هل هذه اشارة لصعوبة تحقيق الربح في مشروع صداره او على الأقل تأخر تحقيق الأرباح بهذا المشروع في المستقبل المنظور؟ وهل الحذر عند طرحه في سوق الأسهم افضل؟
افضل استثمار يدوم هو في الانسان ثم في مجال الغذاء والطاقة. بعده يبدا الاستثمار في الكماليات. يجب ان نبدا في الاستثمار في المنتجات النهائية لان السوق سوف يقفل امام المنتجات البتروكيماوية الاساسية...على الاقل في امريكا.
أليس بالإمكان لدول الخليج إنتاج الغازالصخرى ؟ وإستخراج سوائل الغازالطبيعى من إيثان وغازالبترول المسال المستخدم فى الصناعات البتروكيماويه ؟ ولماذا لم تهتم دول الخليج بذلك منذ البداية . مقال جيد جدا . شكرا دكتور.
عزيزي شكرالك علي جهدك ومعلوماتك القيمة ولكن لدي سؤال عام الان يجد مجمع كيان وسابك الام وومعادن وكمان شركات بترورابغ وينساب وسبكيم والتصنيع والصحراء والمجموعة السعودية يعني لدنيا شركات كثيرة ومتنوعة بالمنتجات واغلبها علي شكل مجمع ماهو مصيرها هل ستكون السعودية اكبرمنتج لمشتقات النفطية والخيرقادم وياريتك ترتيب شركات الاسثتمار البعيدمن الافضل للافضل وشكرا
أضيف للمقال أن أنخفاض اسعار الغاز العاالمية أغرى كثير من الدول الصناعية الكبري مثل الصين لاقامة مشايرع بيتروكماوية ضخمة وبطاقات أنتاجية كبيرة وهي قادمة للاسواق بين عامي 2016 - 2019 فغاذا عرفنا أن هذه الطاقات القادمة جاءت في وقت أنخفاض النمو العالمي للطلب فما هو مصير اسعار البتروكماوية على مدى طويل لذلك الدورة الاقتصادية للاسعار البتروكاوية ستكون منخفظة لفترة طويلة حتى تستعيد التوازن بين العرض والطلب
التعويل مستقبلا على الصين، أقل من النصف يسكنون في المدن، والغالبية في الريف. وتباطؤ نمو الصين مؤقت.