أعلنت معظم الشركات المساهمة أرباحها للعام 2014، ولم يبق إلا عدد قليل إن لم تعلن في القريب العاجل ستتعرض للغرامة.
وتتفاوت الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية السعودية حجماً ونشاطاً ورأسمالاً وأرباحاً، بطبيعة الحال. لكنها تتفق جميعاً في أن ملف المسئولية الاجتماعية تمارسه من منطلق اختياري طبقاً لمفهوم "أنت وضميرك" أو "أنت وذوقك"!.
بمعنى أنه لا يوجد أي قانون أو لائحة تلزم هذه الشركات بممارسة دور اجتماعي من نوع أو آخر، رغم أن المجتمع يقدم لها الكثير. وقبل الخوض في ذلك، لنلقِ نظرة سريعة على أرباح قطاع البنوك للعام 2014، الأهلي 8.7 مليار ريال، الراجحي 6.8 مليار، سامبا 5 مليارات، الرياض 4.3 مليار، ساب 4.3 مليار، الفرنسي 3.5 مليار، العربي 2.9 مليار، الهولندي 1.8 مليار، على سبيل المثال لا الحصر.
وقد اخترت البنوك التجارية، رغم أن القيام بدور حول المجتمع أمر مطلوب من كل منشأة اقتصادية، بسبب أنها مساهمة ومدرجة وتحقق أرباحاً مليارية باتساق وثبات، وبالقطع فلحسن الإدارة دور في الأداء الدائب التحسن.
كذلك يمكن الجدل أن ثمة دورا في تحقيق البنوك لتلك الأرباح المليارية المتسقة هو محدودية المنافسة، فسوق خدمات المصرفية التجارية مغلق على العدد القائم. وشخصياً لا أجادل هل تجب زيادة العدد أم لا؟، لكن النقطة ذات الصلة هنا، أن المنضم لأي نشاط اقتصادي عليه - بحكم وظيفته - أن يكسر الاحتكار المطلق أو احتكار القلة، بأن يجعل المنشآت العاملة (البنوك في هذه الحالة) تمارس دورها في السوق، وكأن السوق تنافسية صرفة، ومن ذلك النظر فيما تحققه من أرباح وهوامش وما تقدمه للمجتمع في مقابل الترخيص لها دون غيرها للانفراد بالسوق الكبيرة والواعدة!، هناك العديد ممن تحدث عن دور البنوك التجارية في الاقتصاد الوطني، أما ما أتحدث عنه فهو أن تكون البنوك وسواها من الشركات المساهمة المدرجة، ولا سيما تلك التي تقوم للاستفادة من امتياز باحتكاره احتكاراً مطلقاً، مثل شركة الكهرباء السعودية، أو احتكار قلة، مثل قطاع البنوك التجارية.
تكون أمام التزام محدد نحو المجتمع، عن طريق تمويل برنامج وطني يقتطع جزءاً محدداً من هوامشها التشغيلية أو من صافي أرباحها، وإن لم نتمكن من الوصول لصياغة ذلك البرنامج لسبب أو لآخر، فلا بأس أن تعامل الشركات المساهمة، ولا سيما تلك المستفيدة من الامتيازات الاحتكارية وشبه الاحتكارية القائمة على ضبط دخول منافسين لأسواقها، بأن تدفع مقابلاً مالياً نظير ذلك للخزانة العامة للدولة. وليس مِن مُبررٍ للاستغراب أو الاستهجان، فثمة شركات تدفع مقابلاً مالياً يصل لمئات الملايين يُوردّ للخزانة العامة، مثل الشركات المرخصة وفقاً لنظام الاتصالات، وكذلك الشركات المرخصة وفق نظام التعدين، وفي المقابل هناك شركات تدفع الزكاة الشرعية "وسلامة عُمرك"، رغم أنها تمارس نشاطاً امتيازياً يقوم على الاحتكار أو شبه الاحتكار!. قد يقول قائل إن ما تدفعه شركات الاتصالات مبررٌ كونها تستغل الطيف الترددي وهو مورد محدود، ولذلك لا بد من تحصيل مقابل مالي نظير استخدامه، نعم شركات الاتصالات تدفع نظير ذلك الاستخدام لكنها تدفع كذلك مقابلاً مالياً. وتحديداً، فكما هو مُعلن حققت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في العام المالي 2013 إيرادات قدرها 7.1 مليار ريال تقريباً، منها فقط 1.6 مليار تقريباً إيراد المقابل المالي لاستخدام الطيف الترددي، في حين أن 5.1 مليار تقريباً (71.2 بالمائة) كانت إيراداً للمقابل المالي لتقديم الخدمة تجارياً من قبل شركات الاتصالات. سؤال: ما الفارق بين أن تقدم شركات الاتصالات الخدمات تجارياً وبين سواها؟!.
نقلا عن اليوم