انتجت المملكة في عام 1980م اكثر من 10 ملايين برميل باليوم من النفط الخام، وكان استهلاكها آنذاك من المشتقات البترولية حوالي 600 ألف برميل باليوم فقط. أي إنها كانت تستهلك حوالي 6% من إنتاجها، والآن وبعد 35 سنة تنتج المملكة تقريباً نفس الكمية أو اقل قليلاً لكنها تستهلك اكثر من 30% من إنتاجها.
ينمو استهلاك المملكة للنفط بحوالي 200-250 ألف برميل بالسنة، وهذا يشير الى ان المملكة قد تستهلك نصف إنتاجها بعد عشر سنوات من الآن إذا استمر نمو الاستهلاك في الارتفاع بنفس الوتيرة.
تستهلك المملكة الان اكثر من ثلاثة ملايين برميل باليوم، وتصنف المملكة الان من اكبر خمس دول في العالم في استهلاك النفط، ولا شك ان هذه الأرقام تعطي إشارة واضحة على ضخامة حجم الهدر والتبذير الذي تتعرض له الثروة الاقتصادية الأولى للمملكة. وهي نتيجة طبيعية لعدم استشعار المستقبل، بالاضافة الى انخفاض الأسعار المحلية لمشتقات النفط في السوق السعودية مقارنةً بالأسعار العالمية، حيث أدى اتساع الفجوة بين الأسعار المحلية والعالمية إلى تهريب مشتقات النفط السعودي وخصوصاً الديزل بكميات كبيرة.
يعد الديزل الآن أهم مشتق بترولي في العالم، ورغم ان معظم المركبات في المملكة تستخدم وقود البنزين إلا أن الاستهلاك المحلي للبنزين وصل في عام 2014م الى حوالي 520 ألف برميل باليوم مقابل 715 ألف برميل ديزل باليوم، ولقد انتجت مصافي المملكة في عام 2014م حوالي 850 الف برميل ديزل باليوم وسوف يرتفع الانتاج بعد سنتين الى حوالي 1.3 مليون برميل باليوم. ومن المتوقع ان يرتفع الاستهلاك في عام 2015م الى حوالي 747 الف برميل في اليوم، يستهلك قطاع النقل الثلث وتوليد الكهرباء الثلث واما الثلث الباقي فيستهلك بواسطة القطاع الصناعي والتجاري والزراعي.
أما بالنسبة للأسعار، فيقدر متوسط سعر لتر الديزل في الأسواق العالمية بحوالي 3,12 ريال قبل انخفاض اسعار النفط الاخيرة، وبشكل عام يبلغ سعر لتر الديزل حوالي 3 ريالات عند سعر نفط 100 دولار للبرميل. ويباع الديزل في المملكة بـ 0.25 ريال، أي أن متوسط سعر الديزل في الأسواق العالمية يفوق السعر المحلي بحوالي 12 ضعف. ولقد وصلت اسعار الديزل في سنغافورة واوروبا حوالي 95 دولاراً للبرميل في شهر نوفمبر الماضي. وهذا يعني ان سعره بالاسواق العالمية بدون الضرائب الداخلية 2.22 ريال للتر. ويجب ان نعلم ان سعره في منتصف العام الماضي قد وصل الى 3 ريالات للتر، هذا سعر الاستيراد من سنغافورة او هولندا، حيث توجد بورصة للمشتقات البترولية. اما الاسعار في الدول الاوروبية فهي قد تتراوح ما بين 6-10 ريالات للتر.
لا نريد ان نقارن سعر الديزل بالمملكة وسعره بأوروبا او آسيا، وأما الاسعار في الدول المجاورة فيعلم الجميع ان السعر في المملكة 0.25 ريال للتر (أرخص من المياه المعبئة بثماني مرات) وفي كل من اليمن والاردن 4 ريالات للتر وحتى الدول الخليجية فلقد رفعت اسعار الديزل لديها، ففي الامارت يصل السعر الى 3 ريالات للتر، ولقد رفعت قطر السعر من 0.75 ريال الى 1.5 ريال، وفي خطوة مشابهة اعلنت الكويت مؤخراً عن رفع سعر الديزل من 0.75 ريال الى 2.2 ريال للتر؛ للحد من عمليات الهدر والتهريب، وفي البحرين، أعلنت الهيئة الوطنية للنفط والغاز تطبيق تسعيرة معدلة لمنتج الديزل، وذلك اعتباراً من الخامس عشر من يناير 2014، بحيث تزيد الأسعار بنسبة 20 في المئة لتبلغ 1.2 ريال للتر الواحد، ترتفع إلى 1.4 ريال في 2015، وإلى 1.6 ريال في العام 2016، وإلى 1.8 ريال في العام 2017، وفي عمان يصل سعر اللتر الى 1,6 ريال. ولا شك ان هذا الفارق الكبير في الاسعار مع الدول المجاورة يفسر دوافع التهريب وأسباب سوء الاستغلال وهدر الطاقة النفطية في قطاعات النقل وإنتاج الكهرباء والمياه، حيث أدى انخفاض أسعار المشتقات في السوق المحلية إلى إصابة هذه القطاعات بخمول في تطوير وسائل الإنتاج الأكثر توفيراً للطاقة.
إن ارتفاع اسعار الديزل والمشتقات البترولية الاخرى في الدول الاوروبية حد من ارتفاع الاستهلاك، فمثلا استهلكت ألمانيا وفرنسا قبل عشرين سنة حوالي خمسة ملايين برميل نفط باليوم، وانخفض هذا الاستهلاك الى اربعة ملايين برميل باليوم حالياً، وهذا يدل على ان الدول الصناعية تمكّنت خلال العشرين سنة الماضية من رفع كفاءتها الإنتاجية وتطوير وسائل إنتاج تعتمد على مصادر أقل للطاقة، وبذلك استطاعت ان تتكيف وتستوعب الارتفاعات الحادة في أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية، ولم تتعرض إلى حالة من التدهور كما حدث خلال فترة السبعينات.
تشهد المملكة حالياً نهضة في صناعة التكرير، ولقد ارتفعت صادرات السعودية من الديزل إلى مستوى غير مسبوق، ولكن هذا لا يسوغ التمادي في الهدر وعدم المبالاة باستهلاك ثروة اقتصادية غير متجددة.
لا شك أن عدم كفاءة استهلاك الديزل لدى المصانع في المملكة وتهريبه يكلف الحكومة مئات الملايين من الدولارات سنوياً، وقد يكون الحل لهذه المعضلة في اعتماد سياسات صارمة وقوانين تتيح الاستفادة من الدعم لمن يحتاجه من المواطنين فقط. ولأن الديزل يهرب اكثر من غيره من المشتقات ويختلف عن البنزين الذي يمس حياة المواطن والمقيم بشكل مباشر، فإن اعتماد وتشريع ما يعرف بالدعم الذكي على الديزل قد اصبح مطلباً وطنياً ملحاً؛ للحفاظ على الثروات الوطنية الناضبة والتي تنفد يوماً بعد يوم.
نقلا عن اليوم
يجب مراجعة سياسة دعم الوقود والسلع والخدمات بشكل عاجل، كل الدراسات تشير لخطأ السياسة الحالية ورغم ذلك لا يزال الدعم مستمراً!
الدعم المستمر من قبل الحكومة للبنزين والديزل يجب إعادة النظر فيه بأقرب وقت ممكن
عندنا مثلا في الشركة من صور الهدر أن الرافعة الشوكية تذل تشتغل وإن لم تكن هناك عمل ولا أحد يبالي بسبب أن الديزل رخيص .
شكرا للدكتور سليمان الخطاف على المقال الرائع الثري بالمعلومات، وهناك جانب مهم وهو أهمية المملكة في صناعة النقل البري بين دول الخليج والأردن والعراق وتركيا وسوريا. وكيف يمكن أن يكون تصدير الديزل في المملكة ببيعه بأسعار مربحة على الشاحنات والحافلات المارة خلال أراضي المملكة. والكاتب الموفق أغفل جانبا وهو انعكاس الاستهلاك على خطط التنمية، بحيث النهضة الصناعية والإنشائية في المملكة تحتاج إلى بلايين الاطنان من الوقود لإنجازها، ثم ينخفض الاستهلاك بسبب عدم الحاجة إلى العمالة المقيمة مؤقتا والنقل بين المدن والموانئ وتشغيل الآلات. ولكن الكاتب ربما أراد أن يُظهر الجانب السلبي للهدر والتركيز عليه بحزم حتى لو كان ذلك على حساب الموضوعية.
انخفاض استهلاك الوقود في الدول الصناعية كان بتحفيز النقل العام وانتاج سيارات اقتصادية ، صورة على صفحة البيت الأبيض تبين تضاعف المسافة المقطوعة لنفس الحجم من الوقود بين العامين ٧٥ و ٢٠١٣: http://m.whitehouse.gov/blog/2014/10/08/us-fuel-economy-reaches-all-time-high
إيجاد الاليه الضروريه للترشيد في كل مجال ورفع الدعم عنه يسبقها دراسة الموضوع من كل جانب ... لايمكن رفع الدعم دون ان يكون هناك اليه لكيفية إيصال الدعم للمواطنين فقط وبنسب متفاوتة حسب الدخول وبكميات محدده .... موضوع استهلاك البنزين والديزل مرتبط بموضوع النقل لدينا ... نحن بلد مترامي الأطراف ولله الحمد بحجم قاره صغيره ونعتمد بنسبه تفوق ٩٠٪ على السياره فقط ( السياره الصغيرة والباصات والشاحنات ) ... ليس لدينا وسائل نقل كالدول الاخرى ( قطارات ..حافلات ... قطارات داخل المدن ) ... النقل الجوي لدينا أداءه متواضع وكذالك القطار اليتيم بين الرياض والدمام ... كل هذا يجعل من الصعب عملية رفع الدعم بين يوم وليله ... اذا لم يتم تفعيل النقل بكل أنواعه ( الجوي والبري ) فانه من الصعب رفع الدعم ... ولكن ليس صعبا ان يتم التضييق والتشديد على تهريب المشتقات النفطيه الى الدول المجاورة ووضع عقوبات صارمة وغرامات باهضا جدا لمن يتم إلقاء القبض عليه متورطا بهذه الاعمال ... بحيث تصبح غير مجديه للمهربين ... والله الموفق .
دائما مقالات د. سليمان ثريه جدا بالمعلومات , نشكره على عطاءه ونشكر أرقام على نشر مقالاته
لو رفعت الدوله سعر الديزل ضعف واحد فقط , الى 50 هلله لليتر , ستوفر 65 مليار ريال سنويا, مبلغ ضخم جدا تستطيع من خلاله زيادة رواتب موظفي الدوله 25% على الأقل . ولكني أظن أن هناك من يستفيد من السعر المنخفض لتهريبه .
المعذره , الحسبه خطأ , برميل النفط = 159 ليتر وليس 1000 ليتر , إذن الدوله توفر حوالي 10 مليار سنويا لو رفعت السعر 1 ضعف فقط الى 50 هلله
من الاشياء التي ممكن ان تطبق هو وقف الهدر في الاستهلاك من خلال تقنين الزراعه ربط قطاع النقل بحصص ستهلاك , بحيث يتم تقليل التهريب والهدر معا
هههههههههههههه اذا تم تغطية المملكة بالقطارات بين المدن من الشمال للجنوب والشرق والغرب والمترو داخل المدن واصبح لدينا بنية تحتية نزل مقالك في ارقام واشكرك على طرحة واعذر الدولة لو ارتفع سعر البنزين والديزل لكن من دون بنية تحتية ولا خدمات للمواطنين يرفعون سعر البنزين والديزل لا الوم المواطنين على ذا الاستهلاك ولا شركات النقل