برنامج الدعم السكني وتأثيرة على اسعار العقار

06/01/2015 6
عبد السلام الدريبي

أعلنت وزارة الإسكان مؤخرا عن احصائيات المستحقين للدعم السكني والذين سيحصلون على منتج سكني من قبل وزارة الإسكان حيث بلغ عدد المستحقين 754,570  مواطن ومواطنة. وفقاً لهذا البرنامج ستقوم وزارة الإسكان بتوفير أحد المنتجات التالية حسب اختيار المستحق:

1. وحدة سكنية جاهزة

2. قطعة أرض + قرض

3. قرض لشراء شقة سكنية (وفق برنامج الشراكة مع المطورين العقاريين)

بالتالي يلاحظ أن جميع الخيارات تعني أن المستحقين لن يلجأوا إلى السوق لشراء قطعة أرض أو لشراء وحدة سكنية. وإنه عند استلام هؤلاء المواطنين للمنتج السكني سيحدث التالي:

- انخفاض الطلب على المساكن سواء وحدات سكنية جاهزة للبيع أو أراضي (لأن الوزارة ستقوم بتوفيرها لهم)

- زيادة المعروض من الوحدات السكنية المعروضة للايجار (بإعتبار أن المستحقين كانوا يسكنون في وحدات سكنية مستأجرة، وسيقومون بالإنتقال منها)

لتحليل تأثير برنامج الدعم السكني على قوى العرض والطلب قمت بإعداد الجدول – 1 ، والذي يحتوي على التالي:

1. عدد مستحقي برنامج الدعم السكني في كل منطقة.

2. عدد الأسر (سعوديين وغير سعوديين) في كل منطقة، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر.

3. عدد الأسر "السعودية" في كل منطقة، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر "السعودية".

4. عدد الأسر (سعوديين وغير سعوديين) التي تسكن بسكن مستأجر، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر المستأجرة.

5. عدد الأسر "السعودية" التي تسكن بسكن مستأجر، بالإضافة إلى نسبة المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى عدد الأسر "السعودية" المستأجرة.

حين نقوم بمقارنة عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني بعدد الأسر نستنتج أن:

• مجموع عدد الأسر: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر يمثل 16.2%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  1 يوضح الأرقام لكل منطقة).

• مجموع عدد الأسر السعودية: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر "السعودية" يمثل 25.2%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  2 يوضح الأرقام لكل منطقة).

• مجموع عدد الأسر المستأجرة: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر المستأجرة (سعودين وغير سعودين) يمثل 35.1%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  3 يوضح الأرقام لكل منطقة). هذه النسبة تعني أنه عند الانتهاء من هذا البرنامج سيزيد المعروض من الوحدات السكنية المستأجرة بنسبة 35.1% نتيجة رحيل هؤلاء المستحقين من هذه الوحدات التي كانوا يستأجرونها إلى سكنهم الجديد. وهذا سيكون له تأثير كبير على ميزان العرض والطلب.

• مجموع عدد الأسر السعودية المستأجرة: نسبة مجموع عدد المستحقين من برنامج الدعم السكني إلى مجموع عدد الأسر السعودية المستأجرة يمثل 72.3%. وهذه النسبة تزيد وتنقص من منظقة إلى أخرى (رسم بياني –  4 يوضح الأرقام لكل منطقة). وهذه النسبة تعتبر كبيرة جداً ومؤثرة في ميزان العرض والطلب.
ألفت هنا أن التحليل قام بناءاً على عدد الأسر كون عدد الأسر هو المؤشر الحقيقي للطلب على العقار وليس مجموع عدد السكان.

ما تأثير برنامج الدعم السكني على أسعار العقار :

بناء على هذه المعطيات نستطيع القول أنه في حال تم تنفيذ برنامج الدعم السكني من قبل وزارة الإسكان فإن تأثيره سيكون كبير جداً على ميزان العرض والطلب. لكن السؤال المهم هو ما تأثيره على اسعار العقارات السكنية وعلى الأراضي السكنية؟

بإعتقادي أنه في حال لم يتم تطبيق نظام الرسوم على الأراضي فإن هذا البرنامج سيؤدي إلى انخفاض الأسعار ولكن بنسبة متدنية وتختلف هذه النسبة حسب نوع وموقع العقار.

والسبب الرئيسي في ذلك أن تجار العقار في السعودية لديهم القدرة الإستيعابية لتحمل انخفاض الطلب لفترة طويلة وذلك لاعتمادهم المحدود على القروض العقارية بالإضافة إلى قوة ملائتهم المالية. فنجد تاجر العقار في السعودية يقوم ببناء وحدات وعمائر سكنية ويفضل بأن تبقى هذه الوحدات فارغة لمدة سنة أو سنتين على أن يقوم بتأجيرها أو بيعها بسعر منخفض.

بالتالي لا توجود ضغوط أو التزامات مالية على صاحب العقار تجبره على خفض السعر.
لذلك أرى أننا لن نرى انخفاض قوي في أسعار العقار على الرغم من ضخامة حجم مشروع الدعم السكني المقدم من وزارة الإسكان إلا اذا قامت الدولة بأحد أو كلا التوجهيين التاليين:

1. أن يتم تطبيق نظام الرسوم على الأراضي. فتطبيق هذا النظام سيخلق التزامات مالية على صاحب الأرض ستجبره على بناء أرضه لتفادي الرسوم أو بيعها ولو بأسعار أقل من التي كان يطالب بها سابقاً وذلك للوفاء بهذه الإلتزامات المالية. فالخيار الأول وهو بيع هؤلاء التجار لبعض أراضيهم سيخفض سعر الأراضي وبالتالي العقار عموماً.

والخيار الثاني وهو بناء هذه الأراضي سيؤدي إلى تخمة في المعروض وبالتالي انخفاض في العقار عموماً. وعليه أرى أن تطبيق نظام الرسوم على الأراضي سيؤدي إلى انخفاض العقار، وهذا الرأي موافق لرأي كثير من المحللين، وقد يعيدنا لأسعار ما قبل 2010.

2. أن تقوم الدولة ممثلة بوزارة الإسكان بطرح أراضي مطورة للبيع بأسعار منخفضة، بشرط أن يكون البيع مشروط بالبناء على الأرض. ففي حال لم يقم المواطن بالبناء خلال سنة يتم الغاء عملية البيع وتعود الأرض لأملاك الدولة. هذا الشرط يضمن عدم وصول تجار العقار "المحتكرين" لهذه الأراضي. من خلال هذه الألية ستكون الدولة صانعة/محددة للسعر (Price Maker).

بالتالي الكرة في ملعب الدولة، وبيدها هي وحدها، بعد مشيئة الله، تغيير مسار أسعار العقار.