حديث وزير المالية عن عدم الحاجة لصندوق سيادي لكون معدل العائد على استثمار فوائضنا المالية يصل إلى 11% وهو عائد يزيد عن عائد الصندوق السيادي النرويجي. لا بد أنه حديث عن نسبة النمو في حجم الفوائض المالية وليس عن عائدها السنوي.
فالنمو في حجم الفوائض المالية ينتج عن عائد استثمارها كما ينتج أيضا عن تحويل مزيد من الإيرادات النفطية إليها.
والأمر المؤكد أن نمو حجم فوائضنا المالية ناتج عن تحويل مزيد من الإيرادات النفطية إليها وليس عن ارتفاع عائد استثمارها، فمعظم فوائضنا المالية موظفة في سندات الخزانة الأمريكية التي قد لا يتجاوز عائدها 1%، ما يجعل من غير الممكن أن يزيد عائدها عن عائد صندوق التقاعد النرويجي الذي يستثمر موجوداته في أدوات مالية تتصف بالتنوع وارتفاع العائد.
أيضاً فإن التركيز على معدل العائد قد يستنتج منه أن رفع معدل العائد هو أبرز ما يمكن أن يؤمل في تحقيقه من إنشاء صندوق سيادي، بينما الواقع أن هناك مكاسب اقتصادية أهم بكثير من مجرد رفع معدل العائد الذي يرتبط أيضا بمخاطر استثمارية أعلى مع تنوع أدوات الاستثمار.
ما يجعل المرونة الاستثمارية التي يحققها إنشاء صندوق سيادي لا تمثل بحد ذاتها ميزة تبرر إنشاءه، وما يبرر إنشاءه هو دوره المحوري في تحقيق أهداف اقتصادية أهم بكثير يستحيل تحققها دون وجوده، والتي يأتي على رأسها التالية:
1-إسهام الصندوق في الحد من قدرة الحكومة على زيادة معدلات الإنفاق الحكومي مع ارتفاع عائدات المورد الطبيعي، فبدون الصندوق لن يكون هناك أي قيود على رفع معدلات الإنفاق الحكومي، ما يجعله يرتفع بشكل حاد مع ارتفاع عائدات المورد الطبيعي مع كل ما يرتبط بذلك من استشراء للفساد وتدن في كفاءة وفاعلية هذا الإنفاق.
أي أن الصندوق يسهم بشكل مباشر في تقوية الحوكمة وتشديد الرقابة على المال العام.
2- تلعب السياسة المالية دوراً رئيساً في نقل تذبذبات إيرادات الموارد إلى بقية الاقتصاد، لذا لا يمكن عزل الاقتصاد عن هذه التذبذبات إلا من خلال فصل الارتباط بين السياسة المالية وإيرادات قطاع الموارد، بحيث تصبح معدلات الإنفاق الحكومي غير مرتبطة بشكل مباشر بالتقلبات التي تتعرض لها إيرادات البلاد من مواردها الطبيعية، ما يحقق استقراراً في مستويات الإنفاق الحكومي ويحد بالتالي من التذبذبات التي تحدث عادة في النشاط الاقتصادي نتيجة تقلبات مستويات الإنفاق العام تبعاً لتغيرات التدفق النقدي الناتج عن تقلبات أسعار وإنتاج المورد الطبيعي.
3-تحويل إيرادات صادرات الموارد الطبيعية إلى صندوق ثروة سيادية في ظل قيود تحد من السحب من الصندوق ليسهم بفاعلية في الحد من أعراض المرض الهولندي الذي يتسبب في إعاقة جهود تنويع مصادر الدخل.
فاستقرار معدلات الإنفاق الحكومي وعدم قدرة الحكومة على زيادة الإنفاق بصورة مبالغ فيها، يعني أن الطلب الكلي لن ينمو بتسارع يرفع من معدلات التضخم ويشجع على مضاربات الأصول المالية والعقارية.
4-يسهم الصندوق في وضع قيود تضمن تمويل الإنفاق الحكومي من عائدات استثمارات الصندوق فقط ولا تسمح بإنفاق مباشر لعائدات المورد الطبيعي، أي أنه يضمن أن يتم التعامل مع تلك العائدات وفق منظور متوسط وطويل الأمد، كما يسهم في خلق ثقافة مدركة لحقيقة أن تلك الإيرادات لا تعدو كونها قيمة أصول طبيعية تم تسييلها، ولا تمثل دخلاً حقيقياً يمكن التصرف به دون قيود.
5-وجود صندوق سيادي يضمن إدارة دقيقة وعالية الكفاءة لإيرادات الموارد الطبيعية مع كل ما يتطلبه نجاح ذلك من تطوير في الأنظمة الحكومية المالية والإدارية وفي مستويات المسألة والشفافية، ما سيكون له تأثير على مختلف الأنظمة في الدولة وفي مستوى أداء أجهزة الدولة كافة، لذا فهو يسهم بشكل فاعل في تحديث بناء الدولة ومؤسساتها الاقتصادية والمالية.
6-إلزام الصندوق السيادي باستثمار موجوداته خارجيا وعدم السماح له بالاستثمار محليا يعيد التوازن لأسواق الصرف الأجنبي، ويوفر آلية تحد من امكانية حدوث ارتفاع غير مقبول في العرض النقدي محليا، ويضمن عدم دخول الحكومة منافساً على الفرص الاستثمارية المحلية ما يزيد من نمو الاستثمارات الخاصة ويحسن من جاذبية الأنشطة الاستثمارية الإنتاجية.
تحقيق هذه الأهداف مرهون بشكل كامل باستقلالية الصندوق وكفاءة ودقة التنظيم الذي يخضع له.
من ثم من المناسب أن نتساءل: هل نحن جاهزون فعلا لكي ننشئ صندوق سيادي؟!!، هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقال التالي إن شاء الله.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
"تحقيق هذه الأهداف مرهون بشكل كامل باستقلالية الصندوق وكفاءة ودقة التنظيم الذي يخضع له." وهذه زبدة المقال، فهل المخاطر من وجود الصندوق اكبر من المخاطر من عدم وجوده، أو نطبق المثل: خلك على قردك لا يجيك أقرد
سبقتني
كلام يكتب بماء الذهب بارك الله فيك يا دكتور لكن مربط الفرس قولك ( تحقيق هذه الأهداف مرهون بشكل كامل باستقلالية الصندوق وكفاءة ودقة التنظيم الذي يخضع له )
مالايدرك كله لا يترك جله
ادارة هذه الأموال الضخمه جدا تحتاج الى اداره نزيهه جدا , والا ستتعرض للسرقه ببساطه مهما وضع عليها من مراقبه وتشديد ولكم في ثروة دولة الكويت اللتي نهبت قبل 30 سنه وثروة سلطنة بروناي
أوكد اننى مع استثمار فوائض الاموال واننى مع انشاء صناديق استثمارية ( سمها ما شئت : حكومية، سيادية .. الخ ) لكن علي ان تخصص للانفاق والاستثمار في الداخل وليس في الخارج. و 2-اننى اعتقد ان االاقتصاد السعودى ما زال قادرا علي استيعاب هذه الفوائض بشرط ان ينظم صرفها بطريقة مناسبة وعلي عدة سنوات . 3- من المعلوم ان الصناديق السيادية في الدول المجاورة لم تحقق عوائدا مجزية، وان اغلب الاستثمارات الخارجية خاسرة او متدنية العوائد وعالية المخاطر، وان القائمين عليها في الخارج مجموعة من اللصوص والافاقين من كبار المصرفيين ومديري الصناديق الاستثمارية في البنوك والمؤسسات الاستثمارية العالمية الا من رحم . 4- ان استثمارات صندوق التقاعد وصندوق التأمينات الاجتاعية في الخارج لم تحقق للدولة عوائد مجزية . بينما الاستثمارات في الداخل حققت لها عوائد كبيرة وقد استثمر نحو 35 مليار في الاسهم اصبحت قيمتها الان اكثر من 100 مليار. 5- ان الاستثمار المجدي لا يقتصر علي داخل المملكة فحسب بل يشمل الاستثمار في بعض الدول العربية الاخري، ( مصر، تونس، المغرب والسودان .. الخ ) فعوائدها جيدة، وهي اولي بهذه الاستثمارات من الدول المتقدمة . 6-ان الخلاف ليس علي الهدف النهائي وهو استثمار فوائض الاموال، انما الخلاف مبدئي ينحصر في هل يستوعب الاقتصاد انفاقا اضافيا يفيض علي ما هو مقرر في الميزانية الحكومية السنوية ؟
اشكرك يادكتور علي المقال الجميل، لكن عندي سوال مهم، ماهو دور شركة سنابل!! ولماذا لاتوكل هذه الامور لشركة سنابل