رقابة على المكشوف

29/12/2014 4
صلاح صبح

من الجيد حقاً تجاوب هيئة الأوراق المالية والسلع مع ما نشرته الصحف حول وجود عمليات بيع على المكشوف تخرق أنظمة التداول، وتضر بأسواق الأسهم.

ولكن من المدهش أن يقتصر هذا التجاوب على: «تهيب الهيئة بمن لديه علم بوقوع أية عمليات (…) عدم التردد في التقدم ببلاغ أو شكوى، حتى تقوم بالتحقيق وتوقيع الجزاءات»، حسب ما جاء في نص بيان الهيئة الصادر أمس.

ألا تَعتبر الهيئة ما نشرته الصحف بلاغاً؟ وهل من المنطق أن تنتظر الهيئة بكل ما لديها من سلطات رقابية وتفتيشية بلاغاً محدداً حتى تتحرك للتحقيق فيه؟

وإذا كان الأمر كذلك، ما فائدة أجهزة الرقابة الإلكترونية للتداولات التي قيل عنها، عند الاستعانة بها، إنها الأحدث في العالم والأكثر دقة في ضبط التعاملات المشبوهة؟

صحيح أن «البيع على المكشوف» يصعب أحياناً تتبعه أو إثباته، ولكن مراقبة التداولات بشكل دقيق ربما تكشف عن هذا النوع من العمليات المخالفة، خصوصاً «الحسابات» التي تعيد شراء ما باعته بشكل دوري ومتكرر.

والسؤال الأهم هنا: ما مصير التحقيقات التي أعلنت الهيئة عن إجرائها في أوقات سابقة حول شبهات إجراء عمليات مماثلة وقعت في أعوام الأزمة، وتحديداً 2009 و2010؟

ولماذا لا تُطلع الهيئة الرأي العام على نتائج الجولات التفتيشية المفاجئة التي نفذها رقباء تابعون لها على شركات وساطة خلال الأيام السابقة، وكذلك على نتائج التحقيقات في شبهات التمويل المخالف لشراء الأسهم، وما تبعه من عمليات Margin Call؟

والصحيح أيضاً أن الهيئة من حقها أحياناً حجب نتائج التحقيقات، وما يتلوها من توقيع الجزاءات، حرصاً على المصلحة العامة، لكن عندما يتعلق الأمر بمليارات تبخرت فجأة من جيوب صغار المستثمرين الذين يمثلون السواد الأعظم من المتعاملين في الأسواق فإن الأمر يتطلب كشف المخالفين، بل التشهير بهم وجعلهم عبرة لغيرهم.

منطق إبراء الذمة، والاكتفاء برد الفعل لا ينفع دائماً في الأزمات، والأفضل التحلي بروح المبادرة، ومحاصرة المخالفات قبل استفحالها وإضرارها بسمعة المناخ الاستثماري.

ولن يحدث ذلك إلا عندما يكون السلوك الرقابي نفسه على المكشوف.

نقلا عن الرؤية الإماراتية