ما يحدث في أسواق الأسهم المحلية من انهيار مفاجئ تبعه صعود حاد لا يحتاج تحليلاً مالياً أو فنياً، بل يحتاج تحليلاً نفسياً، أو تنجيماً أو ضرباً للودع.
ويقف علم التحليل المالي عاجزاً أمام تفسير هذا الانهيار المفاجئ، فلا توقعات، لا سمح الله، بانكماش وشيك في الاقتصاد الوطني، ولا الشركات المدرجة أعلنت تراجعاً جماعياً حاداً في أرباحها السنوية، ولا صدرت قرارات، مثلاً، بفرض ضرائب على أرباح تعاملات الأسهم.
وحتى الأسباب التي سيقت لتبرير هذا الانهيار، مثل تراجع النفط، أو التأثر بالأسواق العالمية، لا تبرر هذه المبيعات الهلعية المذعورة، قبل أن يعود للأسواق رشدها إلا قليلاً، وتصحح أوضاعها بصعود صاروخي غير مسبوق.
والمدهش أن مؤسسات مالية كبرى يفترض أنها أكثر عقلانية وصبراً انضمت إلى جموع المذعورين، وراحت تجري عمليات تسييل جزئية لمحافظها، بدلاً من اقتناص فرص هذه التراجعات في زيادتها، ثم ما لبثت أن راحت تلهث لتشتري ما باعته سابقاً، وربما بتكلفة أعلى.
واللافت للنظر حقاً أن الجهات الرقابية تعاملت مع الأزمة بمنطق إبراء الذمة، واكتفت بإصدار بيانات تؤكد أن «الأمور طيبة» و«كله تمام»، ولم تنس أن تشدد على أنها تمارس دورها الرقابي بكل كفاءة وفعالية، من دون أن تعلن أسباباً حقيقية لهذه التراجعات، ومن دون أن تطلع الرأي العام على نتائج تحقيقات سابقة أعلنت عن إجرائها مع بنوك ووسطاء خرقوا قواعد وأصول التعاملات عبر عمليات تمويل غير قانونية لشراء الأسهم، ثم تسييلها لاحقاً.
ولم تكتف هذه الجهات ببيانات إبراء الأزمة، بل أعلنت عما أسمته «تدابير لوقف النزيف»، مثل الإيقاف المؤقت للتداول عند التراجع خمسة في المئة، ما خلق أجواء سلبية بين المستثمرين زادتهم هلعاً، بمنطق أنه إذا كان الرقباء يحاولون منع الهبوط، فالمؤكد أن الأسوأ مقبل.
ويقف العقل محتاراً في تفسير ما جرى في جلسة أمس الخميس، عندما سجلت الأسهم واحدة من أكبر المكاسب اليومية في تاريخها، ومن دون أسباب مباشرة تتعلق بأداء الشركات أو الاقتصاد الوطني. وكما جاء الهبوط حاداً وغير مبرر، حدث الصعود بقوة غير مسبوقة. والسؤال: لماذا حدث الانهيار، ولماذا استعاد السوق عافيته بهذه القوة؟ هل من منطق؟
والغريب أن بعض المسؤولين في جهات مختصة يعتبرون خطأ أن مهمتهم دفع الأسواق إلى الصعود فقط، ويعتبرون تراجعها سبة في جبينهم، ويتباهون بما تحققه الأسهم من ارتفاعات، متناسين أن دورهم الحقيقي مراقبة التعاملات، وضمان الإفصاح والشفافية، ومنع التلاعب، وخلق فرص متكافئة للمستثمرين كافة صغاراً وكباراً، أما الصعود والهبوط فهذا أمر تحكمه آليات السوق التي يجب أن تعمل بكفاءة.
الدرس هذه المرة قاسٍ، والهرولة نحو التبرير أو الإجراءات الاستثنائية سيزيدان الطين بلة، كما أن الركون إلى المكاسب التاريخية المحققة في جلسة نهاية الأسبوع باعتبارها نهاية نزيف الخسائر من دون بحث الأسباب الحقيقية للتراجعات، وإصلاح الاختلالات الهيكلية في بنية الأسواق، سيولد مستقبلاً فقاعات جديدة.
والأخطر هو عودة التغاضي عن مخالفات وخروقات أنظمة التداول، طالما الأسواق تصعد والكل سعيد.
نقلا عن الرؤية الإماراتية
أختلف معك، المسألة ليست نفسية، بل إنها مالية ومنطقية. ماذا تتوقع أن يكون مصير اقتصادات الخليج فيما لو استمر النفط بالنزول ووصل إلى ما دون 30 أو حتى 20 دولار؟ مثل هذه المخاوف العقلانية هي التي تجعل المستثمرين يهرعون إلى الأبواب. النقطة الأخرى، أنت تتكلم وكأن الانخفاض حدث وانتهى وأن الأسعار الآن ستعود سريعاً لما كانت عليه. هذا كلام نفسي وليس مالي ولا منطقي. لن ترى 11 ألف نقطة في السوق السعودي قبل عامين على الأقل، وربما لن تراه هناك لسنوات طويلة. أمر وارد.
راجع حساباتك .... وارى انك متشائم جدا ... تحياتي
النفط بسعر قليل يعني تقليل الانفاق الحكومي يعني ان الدخل من التعاملات مع الحكومة لشركات المقاولات سيكون اقل ويعني ان زيادة الرواتب لشركات النفط والبتروكيماويات ستكون اقل و بالتالي سيتاثر قطاع التجزئة و قطاع الفنادق و قطاع النقل كذلك. هذا ما يقصد ابه ان الاقتصاد قائم على النفط