يُعتبر النفط سلعة معرّضة للارتفاع والانخفاض، وقد توالت بالارتفاع منذ عام 2003 وتخضع حالياً لعملية تصحيح.
إن السؤال ليس حول المستوى المتدني الذي يمكن أن يصل إليه سعر النفط، وإنما إلى أين سيستقر وكم من الوقت سوف يمكث متدنيا وما هي التعديلات المالية العامة للمملكة التي نقوم بها لتجنب تعرض الاقتصاد الوطني للأذى والضرر؟
يُعتبر الإنفاق الحكومي المحرك الاقتصادي الرئيسي لكل من السيولة في النظام المصرفي والقطاع الخاص، بالإضافة إلى كونه مقياسا للثقة في الأعمال.
إننا- في أوقات من هذا القبيل- نحتاج إلى أن نفكر كأمة بمستوى التنويع الذي تحقق وكيفية إدارة الإنفاق لكي يسير قدما وبخطى سليمة.
تشكّل رواتب وبدلات الموظفين في القطاع العام الجزء الأكبر من الميزانية بحوالي 38 بالمائة، ويتم صرفها من خلال الحساب الجاري للدولة، كما يتم إيداع إيرادات الدولة النفطية وغير النفطية فيه.
وبالتالي ليس من الحصافة زيادة التوظيف في القطاع العام المتشبع أكثر من اللازم.
يحاول البعض التقليل من هذا البند في الميزانية، إلا أن مقدار الرواتب التي تُدفع اليوم للقطاع العام قريبة جداً من كامل الميزانية السعودية لعام 2005.
لا يمكن أن ترتفع الرواتب الحكومية، إلا إذا ارتفعت الإنتاجية. لذا فإن جميع الجهات الحكومية بلا استثناء وجميع المسؤولين- كائناً من كان- مطالبون بالعمل معاً في سبيل تحقيق الكفاءة في التوظيف وربط العلاوات السنوية والترقيات بالإنتاجية، مع استحداث مؤشرات رئيسية لتقييم أداء الموظف الحكومي، ولا بد أن تكون هناك مراجعة جذرية لجميع العاملين في القطاع العام، واستبدال الموظفين من ذوي الإنتاجية المتدنية في المناصب الاستراتيجية بموظفين من ذوي الإنتاجية الأعلى.
وبالرغم من كل الكلام الذي يصدر عن مختلف المسؤولين، يُعد النفط الشيء الوحيد الذي يعول عليه ازدهار وتقدم هذا الاقتصاد.
وعلى الرغم من كل الإنفاق منذ عام 2005 الذي يُقدر بحدود 6.6 تريليون ريال سعودي، يعتمد الاقتصاد الوطني على النفط بشكل أكبر من أي وقت مضى.
استفاد الاقتصاد من المشاريع الضخمة وتم إجراء التحسينات على البنية التحتية، لكن 90 بالمائة من جميع الإيرادات الحكومية تأتي من النفط، ونسبة الـ 10 بالمائة الآتية من غير النفط (رسوم حكومية وتأشيرات وجمارك وزكاة وضرائب) تُعتبر بشكل رئيسي أثرا للاقتصاد النامي.
في الواقع، وصل العجز غير النفطي بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لما هو أعلى من 50 بالمائة خلال السنوات السبع الماضية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العام إلى نسبة 61 بالمائة.
ولا نحتاج إلى التطلع لما هو أبعد من ذلك، حيث يُعزى الانهيار في سوق الأوراق المالية بشكل رئيسي إلى الانهيار في أسعار النفط.
لقد حان الوقت للتفكير في كيفية ارتباط الإنفاق بجهود التنويع في كل قطاعات الاقتصاد، مع وجود أهداف محددة لكل وزارة ومحاسبة وزيرها في نهاية كل سنة مالية.
إن الخطوة الأولى الواجب اتخاذها في الوقت الراهن: هي تطبيق الانضباط في المالية العامة، إذ أن سياسة المبالغة في الإنفاق التي ميّزت السياسة المالية العامة منذ عام 2003 ينبغي أن تنتهي فوراً، حيث بلغ الإنفاق الزائد عن الموازنة نسبة 25 بالمائة في المتوسط ما بين عامي 2004 و2013، والذي جعل الميزانية السنوية دليلا حول الإنفاق.
بالرغم من صعوبة التنبؤ بالسعر الدقيق للنفط في عام 2015، ينبغي أن يصل نفط خام برنت لمتوسط 71 دولارا للبرميل و76 دولارا لعام 2016.
تشهد كل من الصين والولايات المتحدة نموا، وسوف يكون أداء الأسواق الناشئة أفضل في عامي 2015 و2016، لكن اليابان تقبع في حالة من الركود، وتعاني منطقة اليورو عدم القدرة على التقدم.
من المتوقع، وصول النفط 100 دولار على مدى السنوات القليلة القادمة، ولا أريدكم أن تفهموني خطأ، حيث إن مبلغ 70 دولارا للنفط ليس سيئا وقد وصل مبلغ 72 دولارا في عام 2007، وكان الجميع يتحدث عن الطفرة الاقتصادية السعودية.
على المدى المتوسط، سوف يتحسن أداء الاقتصاد العالمي، لكن هذا هو الوقت الذي ينبغي على المملكة أن تظهر فيه الانضباط المالي العام الخاص بها.
لا يزال بإمكان السعودية، أن تنفق في عام 2015 أكثر من تريليون ريال سعودي، لكن يجب أن يتم تغطية تمويل العجز عن طريق مزيج من فائض الأصول وحساب الاحتياطي العام للدولة وحسابات المشاريع التي تصل إلى 2.8 تريليون ريال سعودي مع إصدار بعض السندات وتعميق سوق الدين.
سوف تؤثر طريقة استخدام هاتين الأداتين لدعم المالية العامة على التقييم الائتماني للسعودية على المدى المتوسط.
إن الإنفاق الزائد فوق الحد والذي يزيد على تريليون ريال سعودي واستخدام الأصول الفائضة، سوف يؤدي إلى إمكانية تخفيض المرتبة الائتمانية للسندات السيادية السعودية.
اعتباراً من المرحلة الحالية، يجب أن يصبح إنفاق الدولة أكثر كفاءة، وفي الوقت نفسه يعمل على إطالة كثير من المشاريع الرأسمالية للدولة على مدى عدة سنوات مع إعادة ترتيب أولويات مصادر تمويلها (حتى وإن تم رصد المبالغ اللازمة لها)، من خلال إشراك القطاع الخاص وتفعيل نظام البناء والتشغيل ثم الإعادة، وأيضاً مراجعة تاريخ الانتهاء من هذه المشاريع.
المشاريع الرأسمالية ذات القيمة الاستراتيجية للدولة، لا يمكن أن تكتمل خلال سنتين أو ثلاث سنوات، ستتأثر نوعية المشاريع وكفاءة الإنفاق إذا كان لا بد من إنجاز كل شيء خلال فترات زمنية قصيرة.
وأخيراً، تحتاج الخطط التنموية الخمسية إلى أن يتم تحديثها بانتظام، وأن يتم ربطها بالموازنات المالية السنوية بالتناوب، واتخاذ خطوات نحو زيادة الايرادات غير النفطية عن طريق النظر في فرض ضريبة على القيمة المضافة وعلى الأراضي الخالية القابلة للسكن داخل النطاق العمراني حسب المنطقة والمحافظة.
من خلال الإهمال في إدارة الإنفاق، فإننا نضر أجيال المستقبل أكثر مما ننفعها.
إن السياسة المالية العامة، هي أمانة عند رب العالمين. لذا ينبغي تبنّي سياسات أكثر انضباطاً في مجال الإنفاق من الآن.
الموازنات الأصغر والأكثر كفاءة هي علامة على الصحة.
نقلا عن اليوم
الحصة الكبرى دوما والتي تستقطع من الميزانية السعودية سنويا هو الإنفاق على (قطاع الأمن والدفاع)، ولكن هذا لايعني أني ضد علاج "ترهل القطاع العام" بل أرجوا في أقرب وقت قص الزوائد في جسد الدولة السعودية - حفظها الله - والنظر في الأسراع تطبيق الخصخصة وتعزيز أداء الأدهوقراطية وغيره ممن يقلص القطاع العام. ضخامة موظفي الدولة سيقتل الرخاء المالي ويعزز من تفشي الفساد ومزيد من ضعف الإنتاجية والإتكال على الدولة وعدم الإستقرار على المدى المتوسط والبعيد.. وبكل صراحة شديدة (وزارة المالية وأنظمتها وفكرها القديم جداً) السبب الأول في التضخم المبالغ في الفساد والروتين وضعف البنية التحتية وتأخر في تنفيذ المشاريع العامة..إلخ. وزارة المالية مثل القلب للدولة وهذا القلب يعاني من خلل وأمراض خطيرة تأثر على كافة جسد الدولة، أما عقل الدولة التنموي ذو قدرات عقلية وإدراكية ضعيفة للغاية. وفي الختام أتمنى تقليل الإنفاق على الأمن والدفاع ومساعدة الدول الخارجية بالمقابل الحفاظ على تسارع وتيرة نمو الإنفاق العام على التعليم والبنية التحتية والرعاية الصحية ولكن أتمنى أيضا الإنتباه من سحب الإحتياطي العام بل يجب اللجوء إلى سوق الدين. وشكر لهذه المقالة الأكثر من رائعة.
والذي أتمناه دوما وأرجوه من القيادة "النظر" في إستقطاب أفضل الكفاءات الدولية على الإطلاق من الغرب واليابان وكوريا الجنوبية حتى لو كانت بمبالغ طائلة وجهود كبيرة بغرض تعيينهم في (مراكز العصف الذهني، وأجهزة التخطيط التنموية الاولى في الدولة، والاجهزة التنفيذية العليا)، وذلك لأن لديهم فكر وثقافة وإدارة متقدمة تختلف كلياُ عن أفضل الدول النامية وشعوبها (كيف نحن)، وينبغي عدم المجاملة في هذه الأمور كون المصلحة العامة أهم من العاطفة ومن ثم ننظر في توطينها بعد بناء بنية أساسية فكرية وثقافية وإدارية. الإستراتيجية الشاملة والرؤية الطويلة يجب أن تخاط من قبلهم ودبي والإمارات خير مثال على ذلك.. وان اوان ادارة المدن السعودية وفق اساليب القطاع الخاص (وخصوصا العاصمة السعودية الحبيبة). وأتاسف على الإطالة.
لاتتوقع ان فيه اجنبي يبي لك الخير
ما ودانا في داهية إلا مثل هالعبارات العنصرية الساذجة.
ارشح هذا الادمي ليكون وزير الماليه او الاقتصاد على الاقل عنده رؤيه واضحه ويفهم ايش يتكلم فيه. تحياتي لك ياجون.
ليست المشكلة في المال فلدينا ثروة ضخمة البلاء في الفساد ونهب المال العام والبطء القاتل في حل مشكلة الاحتكار وسوء الادارة اذا لم نتدارك الامر فالكارثة في الافق
رؤية جميلة وتمنيت الاشارة لأهمية تفعيل دور وزارة التخطيط