أنهى وزراء دول منظمة «أوبك» اجتماعهم الدوري في فيينا الأسبوع الماضي بالإبقاء على سقف الإنتاج بمعدل 30 مليون برميل يومياً حتى اجتماعهم المقبل منتصف 2015 على الأقل.
وتراجعت أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل رداً على قرار المنظمة بعدم خفض الإنتاج. وكان هذا أمراً متوقعاً من الجميع من دون أي استثناء.
لكن ما سبب هذا القرار؟ وهل كان القرار خليجياً ومن أقلية أعضاء المنظمة النفطية ممثــلة بأعضاء مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى إكوادور؟
أم هل اقتنع الجميع بهذا القرار لأنه كان الوحيد؟ ولماذا اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت مع انخفاض سعر البرميل أكثر من 30 في المئة منذ حزيران (يونيو). ولماذا ساد الرأي الخليجي على رأي غالبية أعضاء المنظمة؟
وهل يهدف القرار إلى محاربة النفط الصخري أم محاربة كل النفوط ذات التكاليف العالية مثل النفط الصخري ونفط القطب الشمالي ونفط الرمال النفطية والنفوط الكامنة تحت قيعان البحار العميقة المياه، إذ قد يبلغ معدل تكاليف استخراج هذه النفوط 95 دولاراً للبرميل مقارنة بـ 14 دولاراً لاستخراج نفط الشرق الأوسط؟
وهل آن الأوان لمحاربة هذه النفوط ومجابهتها بالتكاليف بدلاً من خفض الإنتاج الذي يهدد بمساعدة المنتجين الجدد على الاستحواذ على حصص دول «أوبك» في الأسواق الكبرى وفقدان دول المنظمة أسواقها التقليدية؟
وإن كانت غالبية دول المنظمة متضرّرة من انخفاض الأسعار، فلماذا لا تبدأ هي بخفض الإنتاج؟ وما فائدة خفض الإنتاج إذا كان سيصب لمصلحة منتجي النفط من خارج «أوبك»، خصوصاً في حال عدم التزام أعضاء في المنظمة بحصص وسقف الإنتاج؟
وقد يقول بعضهم إن الطاقة الفائضة أو المعروض من النفط فوق معدل الطلب العالمي بما لا يتجاوز مليوني برميل يومياً.
إن كان هذا الأمر صحيحاً، لماذا لم تتقاسم الدول المتضررة عبء خفض الإنتاج مع روسيا والمكسيك غير العضوين في المنظمة؟
واضح أن الجانب السعودي تمكّن من إقناع أعضاء المنظمة بأن لا فائدة من خفض الإنتاج لأنه سيصب أولاً لمصلحة أصحاب التكاليف العالية التي تستثمر وتزيد من إنتاجها على حساب دول المنظمة وقدرتها على تحديد الإنتاج وتحقيق استقرار أسعار النفط.
وثمة منتجون للنفط خارج المنظمة يستفيدون من تحديد المنظمة الإنتاج ليزيدوا إنتاجهم وحصصهم السوقية على حساب حصص المنظمة.
لم يكن أمام دول «أوبك» خيار آخر سوى الإبقاء على سقف الإنتاج والاعتماد على العرض والطلب وترك تحديد السعر للأسواق النفطية.
وإذا انخفضت الأسعار سيصب ذلك في مصلحة الدول التي تنتج النفط الأرخص كلفة وحتى إشعار آخر.
ولم تعد «أوبك» هي الطرف الذي يضحّي كل مرة فهي سمحت لمنتجي النفط الرملي ونفط القطب الشمالي والنفط الصخري من ان ينافسوا ملاك النفوط التقليدية الرخيصة. وهذا هو لب الموضوع.
وربما هذا ما أدى إلى تقبل بقية الأعضاء للرأي الخليجي.
الوقت ما زال مبكراً للحكم على قرار «أوبك» الأسبوع الماضي وعلينا الانتظار لنرى إلى أي مدى ستخفض أسعار النفط وما هو الرقم الحقيقي لقاع أسعار النفط: هل هو في نطاق 60 أم 50 أم 40 دولاراً للبرميل؟
وهذا قد لا يتحدد قبل نهاية الربع الأول.
وإلى ذلك الحين ستكون أسعار النفط متذبذبة وغير مستقرة.
ولا يستطيع احد توقع المعدلات المقبلة لأسعار برميل النفط. وفي مطلق الأحوال، كان قرار المنظمة بعدم خفض الإنتاج القرار الواقعي الوحيد.
نقلا عن الحياة