خلال السنوات الأخيرة نجحت مملكة البحرين في جعل القطاع الخاص قطاعاً فاعلاً، حتى صار في حالة تفاضل مع القطاع العام لدى المواطن الباحث عن عمل وهو أمر ليس بهين في أوساط مجتمعنا الخليجي، الذي يتميز بنمط تفكير تقليدي لأفراده الذين يفضلون العمل في القطاع العام «المرفه» والمستقر أو البقاء عاطلين، فالعمل في القطاع العام هو حلم لا يتحقق الا لمن لديه «حظٌ عظيم» وفق الايدلوجية الخليجية.
لا يلام الخليجي على نمطية التفكير هذه، فالقطاع الخاص الذي بات اليوم يشكل أولوية لدى العديد من المنظمات العربية والهيئات الحكومية، كان ولا يزال مهمشا، لا يحظى باهتمام ولا رعاية ولم تلتفت له حكومات دولنا التي تصنف على أنها دول غنية ولكنها نامية، فهي تغلق على نفسها، لتعيش رفاهية الاستيراد وتتخوف من عملية الاستثمار وفتح الاسواق، فلم يكن يمثل القطاع الخاص سوى شركات محلية صغيرة تعيش أوضاعا تقليدية. لترتب عليه، محدودية الرواتب، نمطية العمل، ساعات عمل طويلة، سلم وظيفي جامد، وشواغر فنية غير ذات ملامح واضحة لمسماها، ويمكن على ضوئها أن يوظف الشخص في مسمى ويستغل في الكثير من الأعمال، إذا لم يكن هناك تشريعات ولا ضوابط تحكم العمل في هذا القطاع المترهل، والأكثر خوفاً أن الوظيفة فيه غير مستقرة ما يعني أن يفقد الموظف عمله في أي وقت.
سعت البحرين ومنذ العام 2004 بجعل القطاع الخاص قطاعاً مختلفاً، ونجحت في فتح العديد من المبادرات التي تبناها ولي العهد وساهمت في إنجاح الهدف، منطلقة من اصلاحات اقتصادية ركزت على ثلاث بعينها هي «إصلاحات سوق العمل، والتدريب، والتعليم» كما قامت بفتح السوق، وجذب الاستثمارات الأجنبية، ودخول الحكومة ذاتها في شراكات تجارية واستثمارية من خلال شركة «ممتلكات» التي تأسست لهذا الهدف.
والجهد الأكثر تحد، وقع على كاهل وزارة العمل –المعنية بالتوظيف- حيث باشرت في اطلاق برامج للتوظيف بدأت منذ العام 2006 ولم تنته الى اليوم، تلك المشاريع ساهمت كثيراً في خفض أعداد العاطلين بصورة ملفتة، إذ تبنت الوزارة سياسة العصا والجزرة مع التجار والمشغلين، ووضعت خطة عمل تتضمن تشريعات لتنظيم السوق، وبادرت لتشكيل فرق تفتيش ووضع عقوبات للمخالفين، في الوقت نفسه سعت الى وضع تسهيلات مرنة للتجار لمن يرفع نسب البحرنة، تزداد بازدياد النسبة.
ودخلت في شراكة مع القطاع الخاص بمشروع «تحسين الأجور» الهادف لرفع متوسط أجور البحرينيين العاملين فيه، وهو المشروع الذي دفع كثيراً لأن يكون القطاع الخاص رديفاً «للعام» في فرص التوظيف، وتمكن من زيادة أعداد البحرينيين فيه حتى من الجامعيين.
ولا أقول إن «العمل» قضت على مشكلة البطالة ولكنها عالجتها بطريقة فعالة وصحية وإن كان وضع السوق الآن غير ذي قبل ولكن بهذه المبادرات هي المسيطرة.
نقلا عن اليوم