شهدت أسواق الأسهم المالية العالمية والعربية هبوطا حادا في أسعار الشركات المتداولة والتي ابتدأت أولى شراراتها تظهر قبل عدة أسابيع منذ الشهر الماضي (سبتمبر) فيما ازدادت حدّتها خلال مطلع الأسبوع الحالي.
ولعلّ من ابرز الأسباب المؤثرة على هبوط الأسواق
التراجعات الحادة في أسعار النفط حيث كسر الأخير حاجز المائة دولار للبرميل مقتربا من خانة الثمانين دولار وذلك بسبب زيادة المعروض وتباطؤ الطلب في منطقة اليورو حيث كشفت وكالة الطاقة الدولية عن تخفيض توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال خلال 2014 لأدنى مستوياته منذ خمس سنوات كذلك عودة الدولار للصعود مجددا ساهمت في الضغط سلبا على أسواق الأسهم.
ومما ساهم أيضا بعمليات التراجعات إعلان البنك المركزي الأمريكي عن قرب إنهاء برنامج التحفيز النقدي والذي ساعد في انتعاش الأسواق الفترة الماضية.
وهذه العوامل بمجملها تجعلنا نستعيد الذاكرة للأزمة الأخيرة التي حدثت عام 2008 م والتي تأثرت فيها الأسواق بشكل كبير.
وحيث أن سوقنا المحلي للأوراق المالية ليس بمعزل عن بقية الأسواق العالمية والعربية الأخرى فقد شملته موجة الهبوط الحادة والكبيرة والتي دفعت بالمؤشر العام للسوق للتراجع من قمته عند 11159 (القمة الأعلى منذ سبع سنوات ) وكسر حاجز العشر آلاف وصولا ل9340 نقطه.
ولاشك أن هبوط أسعار النفط ومكانة المملكة بين الدول المنتجة له من الطبيعي أن تشهد صدى لهذا الهبوط الكبير في المصدر الأول الذي يعتمد عليه اقتصادها المحلي حيث يشكل اعتماد اقتصاد المملكة عليه بنسبة تزيد عن 90% من الميزانية العامة (الإيرادات).
كما أن طرح أسهم البنك الأهلي للاكتتاب العام كان له أثره الكبير في تسييل المحافظ الاستثمارية لصالح توفير سيوله للاكتتاب الذي يعدّ الأضخم منذ سنوات مما عزز عمليات البيوع الجماعية ولا نغفل أيضا حاجة السوق الملحة للتصحيح بعد موجات صعود كبيره شملت كل شركات السوق دون استثناء.
ولتسليط الضوء بشكل اكبر على سوق الأسهم المحلي من الناحية الفنية.
فعلى المدى المتوسط فإن السوق قد ارتفع بيونيو الماضي من العام الحالي من مستويات 9400 نقطه مواصلا الصعود لقمته عند 11159.
الشهر الماضي (سبتمبر) لمدة أربعة أشهر على التوالي وقد كان لعدم وجود عمليات جني أرباح أو تصحيح أثناء هذا الصعود أثره السلبي حيث صحح المؤشر العام (TASI) كامل الموجه بحدود 1800 نقطه.
والارتداد من منطقة 9400 والتي تعدّ دعما مهما للفترة الحالية حيث أنها تشكل الترند (الاتجاه) الصاعد من مستوى 6400 نقطه إضافة إلى أنها قاع (يونيو الماضي ) لذلك يستوجب على السوق المحافظة عليها وإلا سيضطر لاختبار المنطقة الأهم للاتجاه الصاعد والموجه الرئيسية التي بدأها منذ منتصف 2009 م من القاع 4068 نقطه (محققا بذلك ارتفاع وقدره 172%).
والذي يقع دعمها الحالي عند مستويات 8300 نقطه (دعم متغير للأعلى ) . فبالرغم من الهبوط الذي تعرض له السوق إلا انه مازال يحافظ على موجته الصاعدة منذ ست سنوات
لذلك يعتبر هذا التصحيح مازال في الحدود الطبيعية (فنيا) رغم عنف الطريقة التي اختارها للهبوط والتي كانت هناك عدة عوامل تقف خلفها سبق أن ذكرناها ببداية المقال.
وفيما يلي تشارت يوضح المقصود مما سبق:
ومما يجدر بنا أيضا دراسة الشركات المؤثرة على حركة وقيم المؤشر العام ومنها شركة سابك التي تعدّ الشركة الأم لقطاع البتروكيميكل والتي ترتبط مع أسعار النفط بشكل كبير ومباشر من حيث منتجاتها.
فسهم سابك قد صعد في موجه فرعيه من مستوى 90 ريال في أغسطس 2013 وصولا ل 136.50 ريال الشهر الماضي (سبتمبر 2014) وقد صحح مانسبته 61% فيبوناتشي من هذه الموجه حيث ارتد من 106.75 ريال.
وهنا فلابد للسهم من العودة فوق 112 ريال والمحافظة عليها مجددا وإلا فأي كسر مستقبلا ل 106 سيقود السهم لكسر حاجز ال100 ريال والوصول لمستوى 97 ريال الذي يعتبر منطقة دعم حيث يشكل نسبة 161% من الصعود من 112.25 وكذلك نسبة 38% من كامل الموجه الصاعدة من 2009 عند قاع 33 ريال تقريبا.
وبشكل مختصر فإن استمرار عمليات الضغط والتراجع على أسعار النفط ستقود السهم للهدف المتوقع 97 ريال والذي بدوره سيضغط على المؤشر العام لكسر 9400 والاتجاه للدعم الأساسي عند 8300 الذي سبق الحديث عنه.
وبما أن الأسواق العالمية وأسعار النفط تمر بحالات ارتداد حاليا فمن المتوقع ان يفتتح سوقنا المحلي على ارتداد للأعلى قد يمتد لمستوى 9900-10100 تزيد او تنقص وهنا لابد من إعادة التفكير مجددا بترتيب المحفظة والاحتفاظ دائما بسيوله احتياطيه.
علما أن الهبوطات الحادة بأسعار النفط من غير المتوقع أن تعاود الارتفاع لحاجز 100 دولار على المدى القريب.
وأي كسر لخانة الثمانين دولار قد تضغط على الأسواق وزيارة المناطق المذكورة سابقا خاصة أن السلبية مازالت واضحة على تحركات النفط الحالية !
وعلينا ألا نغفل أن السوق السعودي قد هبط بنسبه اقل مما كان عليه هبوط النفط.
فقد صحح النفط مانسبته 34% بينما صحح السوق 18%.
كما أن هناك معطيات ايجابيه ينتظرها السوق/ منها دخول المستثمر الأجنبي وطرح البنك الأهلي الذي سيكون له تأثيره الايجابي على قيم المؤشر العام وأيضا ماتقوم به هيئة السوق من إجراءات وجهد في دعم الشركات الرابحة ووقوفها أمام الشركات المتعثرة وتطويرها المستمر وتراجعات أسعار العقار ومرورها بركود كبير حيث العلاقة عكسية بين الأسهم والعقار وهناك الكثير ممن طال انتظارهم لمثل هذه التراجعات للدخول بالسوق حيث لم يستطيعوا امتطاء هذه الموجه منذ بدايتها كل ذلك يعزز ايجابية السوق على المدى الطويل.
وأخيرا لنعلم أن أسواق الأوراق المالية والأسهم حساسة بشكل كبير لما يدور من حولها من أحداث سياسيه واقتصاديه وان من أهم وابرز سماتها التذبذبات صعودا وهبوطا وهو مايخلق جو مناسب للتحرك داخلها وتبديل المراكز بين حين وآخر فلاشيء يدوم باتجاه واحد داخل هذه المنظومة.
ماسبق وجهة نظر شخصيه مبنية على أسس ومعطيات فنيه فإن أصبنا فمن الله وان أخطأنا فالكمال له سبحانه.
ارتد السوق اكثر من 700 نقطه والفضل لله والان ينبغي اعادة ترتيب المحفظه والتخلص من التعليقات خاصة بالاسهم الغير جيده وباسعار عاليه وتوفير سيوله بالمحفظه لمن تخلو محافظهم من ذلك حتى يتاكد انتهاء التصحيح والله اعلم بالصواب