السعودية وتراجع النفط نظرة مالية وتاريخية

15/10/2014 23
محمد الشميمري

شهدت اسواق النفط في الأسابيع الماضية هبوط عنيف حيث سجل الخام الثقيل برنت 87.07 $ والخام الخفيف نايمكس سعر ادنى عند 83.59$ دولارا للبرميل ادى ذلك الى زيادة الضغط على السوق السعودي كأحد العوامل التي زادت من سلبية السوق وتراجعه بعد الإفتتاح في اول اسبوع بعد إجازة عيد الأضحى المبارك ليغلق اليوم الأثنين 14 اكتوبر 2014م عند 10177 اي بهبوط ما يقارب -674 نقطة من اغلاق الإجازة الذي كان عند 10851 نقطة اي ما يقارب 6.20%.

هناك عدة عوامل ادت الى هبوط النفط وسارعت به وهي كالتالي :

1- تباطؤ الطلب العالمي يتوقع ان ارتفاع الطلب الربع الثالث فقط 0.8 مليون برميل باليوم مقابل 2013م  كما انخفض استهلاك الولايات المتحدة الأمريكية الحالي 2014م الى 18.6 مليون برميل يوميا مقارنة ب 21 مليون برميل يوميا قبل انهيار 2007-2008م وزيادة المخزون بأخر تقرير شهر سبتمبر الماضي الى 5 مليون برميلا فوق التوقعات التي كانت عند 2 مليون برميلا, وفي اوروبا سجل استهلاك النفط انخفاضا متوالي ولمدة خمس سنوات ماضية بعد نمو متواصل لمدة عشرين سنة. كما تباطئ الطلب من اكبر المستهلكين بالأسواق الناشئة الصين زاد الضغط على اسعار النفط . 

2- ارتفاع انتاج ليبيا من النفط فبعد التقلبات السياسية الكبيرة في ليبيا التي ادت بالمقابل الى تقلب بمستوى وكمية الإنتاج لكن الإتفاق مع عمال النفط المضربين عن العمل سابقا ادى الى ارتفاع انتاج النفط من 200 الف برميل يوميا بشهر يونيو الماضي الى 500 الف برميل يوميا بشهر اغسطس 2014م وتشير التقارير ان انتاج ليبيا بلغ اليوم 900 الف برميل يوميا .

3- ارتفاع وتيرة البيع المضاربية للمتاجرين وصناديق التحوط ولتغطية مراكز لسندات لشركات التنقيب ادى الى مزيد من الضغط على سعر النفط .

4- ارتفاع الدولار الأمريكي في الربع الثالث كان له اثر سلبي على اسعار النفط فمن المعلوم ان هناك ترابط سلبي بين سعر النفط والدولار الأمريكي فارتفاع الدولار يعني انخفاض اسعار النفط وهذا الإرتباط تتفاوت نسبته بين وقت لأخر بحسب شهية المخاطر في السوق فبعد ان كان الإرتباط السلبي بين كل من النفط والدولار 4% منذ 2008م ارتفع تدريجيا لتكون نسبة الإرتباط السلبية 65% وارتفع بالربع الثالث 2014م الى 89% مما زاد الضغط على اسعار النفط.

5- رفع انتاج السعودية شهر سبتمبر الى 9.7 مليون برميل يوميا زاد من المعروض وبالتالي سعر النفط.

بعد عرض هذه الأسباب المسلم فيه ان ارتبطنا بسعر النفط وتأثيره على الإقتصاد السعودي مباشر لأنه يمثل 90% من الناتج الإجمالي السعودي كما ان تكلفة انتاج النفط لتغطية الميزانية  السعودية المقدرة بحسب تقرير وزارة المالية 1435-1436هـ 855 مليار ريال فإن تغطيتها بحسب دراسة صندوق النقد الدولي وبنك دوتشه وبيوت خبرة مالية متخصصة بالنفط تتراوح بين 89-93 دولار للبرميل .  

  وتشير كل الدراسات ان دول الخليج وعلى رأسهم السعودية قادرة على استيعاب سعر نفط منخفض بعكس الدول الأخرى التي ترتفع تكلفتها لموازنة اقتصادها فتشير التقارير ان تكلفة كثير من الدول عالية مقارنة بدول الخليج لمواجهة تكاليف الميزانية كالتالي :

وبحسب تقريرصندوق النقد الدولي فإن اقتصاد المملكة العربية السعودية يستطيع تحمل سعرنفط منخفض في ظل الفوائض السنوات الماضية وانخفاض الدين العام الى اقل من 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي اي 75.1 مليار ريال ويذكر ان دين السعودية العام حتى في ازمة النفط في الثمانينات الميلادية حينما بلغ حوالي 100% من الناتج الإجمالي لم تكن على خطر لأن كل الدين العام كان داخلي .

 ان تجربة المملكة العربية السعودية بعد ارتفاع سعر النفط 1980 الى 35$ البرميل ما = 100$ البرميل سعر اليوم ادى الى دخول منافسين للتنقيب عن النفط وتراجع الإستهلاك من النفط مما نتج عنه انهيار بالأسعار من 27$ للبرميل الى 10$ للبرميل اي = بسعر اليوم هبوط من 58$ دولار للبرميل الى 22$ للبرميل قامت السعودية بالبداية بتخفيض الإنتاج لمواجهة الإنخفاض في السعر حيث خفضت الإنتاج من 10 مليون برميل للنفط يوميا 1980-1981م الى 2 مليون برميل للنفط في 1985 لكن ذلك التخفيض لم يوقف نزيف اسعار النفط فراجعت السعودية مع منظمة اوبيك في صيف 1985م استراتيجتها مع اسعار النفط وخرجت باستراتيجية التركيز على حصتها السوقية بغض النظر عن تقلب السعر .

وبحسب رويترز ففي اجتماع الأسبوع الماضي لمسئولين سعوديين لمستثمرين في قطاع النفط اوضحت السعودية انها على استعداد تام لمواجهة اي انخفاض لأسعار النفط في ظل المحافظة على حصتها السوقية , ويكمل التقرير بأن السعودية لا تحاول خفض اسعار النفط بقدر ما تريد للإسعار ان تصل لمستويات تستقر فيها او اتخاذ قرارات من منظمة اوبيك.

فمها يكن من اسباب اقتصادية او سياسية لما يحصل لأسعار النفط في النهاية اقتصاديا وتاريخيا ومن خبرة الحكومة السعودية الطويلة على مر العقود ومواجهة ازمات عدة استطيع ان اقول واجزم ان الحكومة السعودية قادرة على مواجهة تقلب الأسعار وقادرة على تغطية ميزانيتها الحالية والمستقبلية وان ما يحصل بهبوط عنيف في سوق الأسهم السعودية يعتبر تصحيح حاد سيجد له قيعان ودعوم جديدة والمحفزات كثيرة تتمثل بالنتائج المتوقعه للربع الثالث , دخول الأجانب , توازن وارتداد النفط , تجدد الفرص بعد النزول, الإكتتابات .

السوق السعودي لا يزال صاعد على المدى المتوسط  (اسبوعي) والطويل (شهري) فنيا ولو انه في الوقت الحالي يمر بموجة تصحيحية على المدى القصير (يومي) فنيا ففي الوقت الحالي نبحث بالسوق على التوازن وايجاد قيعان للموجة الهابطة لترجع السيولة تدريجيا ويرتد المؤشر الى مستويات عليا مستقبليا.