شهد الاكتتاب في شركة «إعمار مولز» الإماراتية اكبر مشاركة أجنبية في تاريخ أسواق المال الإماراتية التي تأسست عام 2000، وبلغت قيمتها 112 بليون درهم (30.6 بليون دولار) أو 65 في المئة من الإجمالي (173 بليون درهم)، علماً بأن نسبة التغطية للمؤسسات بلغت 30 ضعفاً وللأفراد 20 ضعفاً، ومع الأخذ في الاعتبار ان 60 في المئة من قيمة الأموال المكتتب بها من قبل كبار المستثمرين مصدرها المصارف، على رغم التعليمات المشددة للمصرف المركزي حول ضرورة عدم تجاوز نسبة تمويل المصارف خمسة أضعاف قيمة الأموال المكتتب بها.
وساهمت تمويلات المصارف في ارتفاع نسب التغطية وأدت إلى الانخفاض الكبير في نسبة التخصيص، ما أدى إلى انخفاض كبير في الأسهم المخصصة لصغار المكتتبين نتيجة اعتمادهم على أموالهم ومدخراتهم في الاكتتاب، بعكس كبار المكتتبين الذين وفرت لهم المصارف الأموال للاكتتاب.
وهذا بالطبع يتنافى مع احد الأهداف الرئيسة لطرح أسهم الشركات المساهمة العامة لجهة تشجيع توظيف مدخرات صغار المستثمرين من اجل توزيع الثروة وإيجاد دخل إضافي لهم، من خلال تنويع استثماراتهم لخفض الأخطار وتنويع العائدات.
ويؤدي انخفاض نسبة التخصيص عادة إلى ارتفاع كلفة الأسهم المخصصة بسبب ارتفاع قيمة الفوائد والعمولات التي تُدفَع إلى المصارف في مقابل التمويلات، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر أسهم هذه الشركات فوق قيمتها العادلة عند إدراجها في الأسواق المالية.
وشركة «إعمار مولز» من الشركات الإماراتية القليلة التي سمحت للأجانب بالمشاركة في اكتتابها الأولي، إذ دأبت الشركات الإماراتية على اقتصار الاكتتاب في أسهم الشركات المساهمة العامة على المواطنين الإماراتيين للاستفادة من سعر الطرح الذي يعادل القيمة الاسمية أو التأسيسية لأسهم الشركة، بينما تسمح للأجانب بتملك أسهم هذه الشركات بعد إدراجها في أسواق المال، وبأسعار تكون عادة أعلى بكثير من سعر الطرح، ومن ضمن نسبة محددة من رأس المال.
ولا شك في أن الإقبال الكبير من الاستثمار الأجنبي المؤسسي على الاكتتاب في أسهم الشركة يعكس الثقة القوية في أداء الاقتصاد الإماراتي وأداء قطاعاته الاقتصادية المختلفة، وفي مقدمها التجزئة والسياحة والعقارات والتسوق والتعليم والصحة والنقل، علماً بأن شركات هذه القطاعات غير ممثلة في الأسواق المالية بنسب تعادل الدور الذي تؤديه في الناتج المحلي الإجمالي.
كذلك يعكس الإقبال الثقة الكبيرة في أداء الشركة وأرباحها وانعكاس النمو المتواصل في الأرباح على حقوق مساهميها وتوزيعاتها السنوية على المساهمين وأسعارها السوقية، علماً بأن سجل إنجازاتها المتميز منذ تأسيسها ساهم في شكل كبير في تعزيز هذه الثقة.
ويستند الإقبال الكبير من الاستثمار المؤسسي المحترف على الاكتتاب في أسهم أي شركة إلى دراسات وبحوث وتحليلات وتوقعات بعكس الاستثمار الفردي المضارب الذي لا يلتفت إلى الأساسيات المختلفة.
وإدراج أسهم هذه الشركة في سوق دبي المالية سيساهم في إضافة فرصة استثمار مهمة جديدة للمستثمرين في السوق إضافة إلى مساهمة هذا الإدراج في زيادة عمق السوق وارتفاع مستوى سيولته وتداولاته، كما أن ارتفاع حصة الاستثمار المؤسسي في رأس مال الشركة سيساهم في رفع كفاءة السوق نتيجة تراجع حصة الاستثمار الفردي المضارب.
والملاحظ أن نسبة ارتفاع سعر أسهم الشركة بعد إدراجها في سوق دبي المالية بلغت 12 في المئة، وهي نسبة منطقية وغير مبالغ فيها بكل المعايير، وساهمت فيها قوة الاستثمار المؤسسي، بعكس ما كان يحدث في السابق، خصوصاً أيام طفرة الأسواق بين 2005 و2008 عندما كانت سيولة المضاربين ترفع سعر أسهم الشركات الحديثة التأسيس عند إدراجها في أسواق المال خمسة أو ستة أضعاف قيمتها الاسمية أو التأسيسية قبل مباشرتها أعمالها التشغيلية، ما ساهم في ارتفاع أخطار الأسواق الإماراتية وانخفاض كفاءتها.
وفي ظل توقعات بعودة النشاط إلى سوق الإصدار الأولي في الإمارات بعد كساد استمر نحو أربع سنوات نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية، سواء خلال الفترة المتبقية من هذا العام أو العامين القادمين، تشير التوقعات إلى طرح أسهم نحو 15 شركة للاكتتاب العام تمثل قطاعات في ظل ارتفاع مستوى السيولة والثقة ومشاركة الاستثمار الأجنبي في هذه الإصدارات مع الأخذ في الاعتبار أن العدد المحدود لإصدارات الطرح العام للأسهم يساهم في وجود فائض من السيولة يجعل من كل طرح عام فرصة استثمار جديدة.
وأدى إدراج أسواق الإمارات في العديد من المؤشرات العالمية، وفي مقدمها مؤشر «مورغان ستانلي للأسواق الناشئة»، إلى اهتمام عالمي بالاستثمار في أسواق الإمارات، سواء سوق الإصدار الأولي أو الأسواق الثانوية.
وتعززت الإيجابيات بعد فوز الإمارات باستضافة معرض «إكسبو» الدولي عام 2020 المتوقع أن يكون له تأثير إيجابي مهم في أداء اقتصاد الإمارات وأداء الشركات المدرجة.
نقلا عن الحياة