تابع الجميع يوم الخميس الموافق 18 سبتمبر 2014 م الاستفتاء الذي جرى في اسكتلندا حول استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة التي تضم كلا من مقاطعات انجلترا وويلز وايرلندا الشمالية بالاضافة الى اسكتلندا.
وكان الحزب القومي الاسكتلندي يطالب بالاستقلال عن المملكة المتحدة، وكان يعتمد على اثارة القومية والعرقية الاسكتلندية التي تميز الاسكتلنديين عن غيرهم من باقي المقاطعات البريطانية، ولكن هذا الاستفتاء بالاستقلال فشل واختار الشعب الاسكتلندي البقاء في مظلة المملكة المتحدة البريطانية.
لا شك ان اسباب عدم الاستقلال كانت اقتصادية بالدرجة الاولى، حيث كان يرغب الاسكتلنديون الاستقلال مع بقاء عملة الجنيه الاسترليني عملة البلاد بعد الاستقلال، وهذا مارفضته الاحزاب البريطانية.
والسؤال: ما هو تاريخ وسر الجنيه الاسترليني؟
لا يعرف بالضبط اصل كلمة جنيه استرليني، فقد قيل ان تسمية استرليني تعود الى العصور الانجلوساكسونية، وترجع اصول الجنيه الاسترليني الى عهد الملك اوفا من مرسيا الذي اصدر البني الفضي، وهي نسخة من عملة شارلمان ملك الفرنجة المسماه ديناريوس.
وقد كان اول اصدار للاسترليني كأوراق نقدية سنة 1694م، وكانت الفئة تكتب على الورقة النقدية وقت الاصدار، لكن في عام 1743م اصدر بنك انجلترا اول ورقة مطبوعة من فئات 20 جنيه استرليني، الى 1000 جنيه استرليني، وقد مر الجنيه الاسترليني بعدة تقلبات، ففي عام 1940م اتفقت بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية على ربط الجنية بالدولار الامريكي عند سعر 1 جنيه = 4.03 دولار.
واستمر هذا المعدل طوال فترة الحرب العالمية الثانية، ولكن تحت الضغط الاقتصادي اضطرت الحكومة البريطانية الى خفض قيمة الجنيه بمقدار 30.5% الى 2.80 دولار، وكان ذلك في عام 1949م وفي الستينات تعرض الجنيه لضغوط وقد انخفضت قيمة الجنيه بنسبة 14% حتى اصبح الجنيه يساوي2.40دولار عام 1967م.
وشددت حكومة ويلسون الرقابة على الصرف ومن بين تلك التدابير انها منعت السياح من اخذ اكثر من 50 جنيه خارج بريطانيا، كما تفعل الدول الفقيرة في وقتنا الحاضر.
لكن بريطانيا رفعت هذه القيود سنة 1979م مع وصول المحافظين للسلطة وقد وضعوا برنامجا صارما للتقشف المالي، فارتفع الجنيه الاسترليني فوق 2.40دولار، كما ارتفعت اسعار الفائدة استجابة للسياسة النقدية، لكن هذه السياسة ادت الى كساد اقتصادي رهيب في بريطانيا، وجاءت بنتائج وخيمة على الجنيه، حيث ادت الى انخفاض الجنيه سنة 1981م الى ادنى مستوى له حتى وصل 1.03 دولار قبل ان يعود الى سعر 1.70 دولار في ديسمبر 1989م.
وفي اكتوبر 1990م قررت حكومة المحافظين الانضمام الى آلية سعر الصرف الاوروبي، وقد قيم الجنيه بما يعادل 2.95 مارك الماني، ومع ذلك فقد اضطرت الدولة الى الانسحاب من النظام بعد ازمة الاربعاء الاسود في 16 سبتمبر 1994م، الشيء الذي تسبب في قفز اسعار الفائدة من 10% الى 15% في محاولة فاشلة لوقف الجنيه من السقوط تحت حدود آلية سعر الصرف الاوروبي، ومع ذلك وصل سعر الصرف الى 2.20مارك.
وبعد الازمة المالية العالمية اواخر 2008م انخفضت قيمة الاسترليني وبلغ ادنى سعر له منذ 24 سنة حيث وصل 1.35 دولار، ولكنه عاد وارتفع 1,60 دولار وحافظ على مستويات هذا الصرف الى وقتنا الحالي، حيث وصل سعر الصرف بعد الاستفتاء الى 1.652دولار.
تجدر الاشارة إلى ان الجنيه الاسترليني يعتبر ثالثا في القيمة الاحتياطية للعملات الاجنبية في العالم.
هذا التاريخ الحافل للجنيه الاسترليني من الصمود في وجه التقلبات والحروب والازمات التي عصفت بالعالم يجعل كل مقاطعة بالمملكة المتحدة تفكر كثيرا قبل ان تطلب الاستقلال، فالوحدة بين هذه المقاطعات تربطها مصالح اقتصادية وهي فوق المصالح العرقية والقوميه والشخصية.
نقلا عن اليوم
حتى أن يستمر الإتحاد.. وإستقرار النظام السياسي، يجب أن تتجمع جميع الطوائف والعرقيات..إلخ تحت (الهوية الوطنية) لا تحت عملة، ومورد طبيعي، ومذهب، وديانة .. والاخطر على بقاء الدولة وإستقرار شرعية النظام هو أن تعلب الحكومة على ورقة العرقية والمناطقية والدخل..إلخ. قوة إستقرار الدول الحديثة تكمن في قوة وتماسك "الهوية الوطنية" ومن ثم تأتي الامور الاخرى بعدها. (الجنية الإسترليني) لن يحمي تفكك الإتحاد إلى الأبد أن كان هذا منطق الحكومة والشعب..
سبب تأكد حكومة أمريكا من نجاح تطبيق (مشروع الشروق الاوسط الجديد) كالآتي: 1- حكومات وشعوب المنطقة تعيش تحت (المذهبية والعرقية والمناطقية) حتى يومنا هذا خصوصا أن حكومات المنطقة تعلب بورقتها ولا تعلم جيداً أن خطرها عظيم يمتد أثرها لعشرات السنين وأقرب مثال نظام القذافي أثره على ليبيا سوف يطول.. 2- إنعدام الهوية الوطنية المشتركة، عدم إندماج الحاكم مع المحكوم.. 3-خلو الإستراتيجية والنظرة البعيدة، وضعف الثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية.. 4- تخلف التعليم.. الإقتصاد والموارد والعملة..إلخ لن تحمي وحدة الأوطان، وتحافظ على رفاهية الشعوب وإستقرار الحكام إلى الأبد.