كرّمت الأمم المتحدة لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أخيراً نظراً إلى دور الكويت في تقديم العون الإنساني والتنموي إلى بلدان أخرى خلال العقود الخمسة الماضية. فمنذ الاستقلال عام 1961 وبعد تأسيس الحياة الدستورية في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، عمدت الدولة إلى تطوير علاقاتها مع الدول العربية والدول النامية من خلال مؤسسات اقتصادية وطنية تكفلت بتقديم مختلف المعونات المالية.
ولا شك في ان الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في الدول العربية كان من المؤسسات الاقتصادية المهمة، إذ عهدت اليه الحكومة الكويتية تقديم القروض التنموية لمشاريع البنية التحتية والمرافق مثل الكهرباء والماء والسدود وغيرها في مقابل شروط ميسرة مثل أسعار فائدة مهاودة وفترات تسديد طويلة، إلى جانب إجراء دراسات اقتصادية للمشاريع الحيوية في أي من البلدان المتلقية.
ومنذ تأسيس الصندوق في 1961 قُدِّم 719 قرضاً إلى أكثر من مئة دولة نامية بقيمة 3.9 بليون دينار (13.5 بليون دولار)، إلى جانب مساعدات فنية لـ 88 بلداً بقيمة 98.5 مليون دينار. ولا شك في ان سياسات الصندوق أكدت أهمية دفع الأموال إلى المشاريع مباشرة، للتأكد من تنفيذها، ولا تُدفع أموال إلى حكومات من دون متابعة التنفيذ.
ولم تقتصر أعمال العون على قروض صندوق التنمية، بل تأسست الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي في 1953 عندما كانت الأوضاع الاقتصادية في بلدان مثل اليمن وعُمان تتطلب الاهتمام، على رغم ان الكويت كانت في بداية عصر النفط وما زالت أوضاعها الاقتصادية والمعيشية متواضعة أيضاً.
وتولت الهيئة إقامة المدارس والمستوصفات والمستشفيات في قرى ومدن صغيرة في عدد من البلدان مثل الإمارات والبحرين واليمن والسودان وأمّنت مدرسين وأطباء وممرضين.
وعززت الكويت علاقاتها مع البلدان الـــعربية مـــنذ خمسينات القرن الماضي من خلال برامج العون والــــقروض الائتمـــانية، وبقيــت مؤمنة بهذا الدور الذي أصبح من أهم الأدوار التي تتطلبها البرامج الإنمائية للأمم المتحدة، بعدما أكدت المنظمة عام 1970 ضرورة تقديم البلدان المتطورة عوناً إنمائياً يعادل 0.7 في المئة من الناتج المحلي للبلدان المانحة، لكن ما تقدمه الكويت فاق 1.3 في المئة من ناتجها.
وغني عن البيان ان بلدان الخليج الأخرى مثل السعودية والإمارات وقطر اختطت سياسات وبرامج لتقديم العون والمساعدات الإنمائية للكثير من الدول النامية خلال العقود والسنوات الماضية.
وأسست هذه البلدان مع الكويت وبلدان عربية أخرى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي أصبح من أهم المؤسسات التنموية في العالم. وهو يقوم بمهمات شبيهة بأعمال الصندوق الكويتي ويؤمّن القروض للمشاريع البنيوية والمرافق في مختلف البلدان العربية.
ونتيجة للمماحكة السياسية، أثار سياسيون كويتيون مسألة جدوى تقديم الكويت مساعدات خارجية، مشيرين إلى ان الكويت تعاني قصوراً في الخدمات الأساسية وتدهوراً في المرافق وتراجعاً في مستوى النظام التعليمي وتدنياً في مستوى الخدمات الصحية، لافتين إلى ان مشاريع تمولها الكويت في الخارج تتفوق على ما ينجز داخل البلاد لجهة الجودة والمواصفات. وحاول هؤلاء إظهار الحكومة بأنها تمول مشاريع خارجية وتهمل التنمية الوطنية.
لكن تلك الطروح تفتقر إلى الموضوعية، فما ينفق سنوياً على التمويلات الإنمائية الخارجية والمساعدات والهبات لا يمثل نسبة تذكر من إجمالي الإنفاق الرأسمالي داخل الكويت. كما ان الكويت تحقق منذ سنوات، فائضاً مالياً سنوياً مهماً في موازنتها الحكومية يراوح بين 10 و12 بليون دينار، يُوظَّف في أصول مالية وعينية داخل البلاد وخارجها من أجل تحقيق عائدات تعضد الإيرادات السيادية.
ولا بد من الإشارة إلى ما تقوم به الهيئات الخيرية التي أسسها مواطنون كويتيون دفعوا بأموالهم من أجل تمكينها لإنجاز برامجها.
ونشطت هذه الهيئات في بلدان عدة وأثمرت جهودها في تلك البلدان، ومن أهمها الهلال الأحمر الكويتي الذي نشط مع هيئات مماثلة ومع الصليب الأحمر الدولي في تقديم المساعدات إلى المنكوبين في مختلف البلدان، مثل سورية ولبنان وغزة والعراق وليبيا واليمن وعدد من البلدان الآسيوية والأفريقية. وتؤمّن الحكومة الكويتية الإمكانات لهذه الهيئة من أجل إنجاز برامجها ونشاطاتها.
تجد برامج العون الإنمائي معارضات في مختلف البلدان، بما في ذلك البلدان الأساسية مثل الولايات وألمانيا وبريطانيا واليابان، لكن هذه البلدان تجاوزت المعارضات والاحتجاجات وقامت بما هو ضروري ولازم.
ويؤكد تقديم الكويت والبلدان الخليجية الأخرى والكثير من بلدان العالم الدعم إلى اللاجئين السوريين أخيراً، أهمية انتهاج فلسفة العون الإنمائي وتقديم المساعدات الإنسانية لتمكين البشر من التمتع بالحياة حتى لو كان ذلك في المستويات الأساسية والبسيطة.
ولذلك تستمر الكويت في تقديم القروض الميسرة إلى المشاريع الحيوية في البلدان النامية وتوفير المساعدات الإنسانية في أوقات الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية.
نقلا عن الحياة