أخذت حقوق المساهمين المالية حيزاً من المناقشة والجدل القانوني في أبحاث حوكمة الشركات وتقاريرها الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية بإرساء أفضل ممارسات الحوكمة، وكذلك الصادرة عن هيئات ومنظمات أسواق المال في دول العالم المتقدم، فتم تصنيف المساهمين إلى مساهمي الأقلية والأكثرية، أو إلى صغار وكبار المساهمين، وتسعى غالبية أنظمة وتقارير الحوكمة إلى حفظ حقوق صغار المساهمين في مقابل حقوق كبار المساهمين، وكذلك أعمال الإدارة العليا للشركة وهم المديرون التنفيذيون وأعضاء مجلس الإدارة.
لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن سوق المال السعودية أوردت في المادة الثالثة الاسترشادية عدداً من الحقوق المالية والإدارية والقضائية للمساهمين، وفي هذا المقال سيتم التركيز على الحقوق المالية للمساهمين الواردة في هذه اللائحة، فالمادة الثالثة ذكرت حقوق المساهمين المالية المتعلقة بالحق في أرباح الأسهم التي يتقرر توزيعها Right to a Share of the Distributable Profits – Dividends، الحق في الحصول على بعض من موجودات الشركة وممتلكاتها في حال التصفيةRight to a Share of the Corporation's Assets upon Liquidation والحق في التصرف بالأسهم Right of Disposition with Respect to Shares.
فالحق المالي الأول للمساهمين في الحصول على أرباح السهم إذا تقرر توزيعها Dividends من المجلس العمومي الاعتيادي أو غير الاعتيادي للشركةOrdinary or Extraordinary General Assembly من الحقوق المالية المهمة جداً للمساهمين، والتي يجب أن تقوم بها الشركة بكل إخلاص ونزاهة. وهذا الحق المالي للمساهمين يعرف بأنه جزء من أرباح الشركة يعطى للمساهمين بناء على عدد الأسهم المملوكة لكل مساهم على حدة، وتصرف هذه الأرباح على أشكال عدة، ومنها صرف عوائد مالية للسهم، أو منح أسهم مجانية أرباحاً مقررة للمساهمين، وفي هذا السياق نصت المادة السابعة من لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن السوق المالية السعودية بأنه يجب على مجلس إدارة الشركة أن تضع سياسة واضحة في شأن توزيع أرباح الأسهم، بما يحقق مصالح المساهمين والشركة على حد سواء، ويجب أن يطلع المساهمون على هذه السياسة في اجتماع الجمعية العامة للشركة. إضافة إلى ذلك تعتبر سياسة مجلس إدارة الشركة فيما يخص توزيع أرباح الأسهم من المعايير الإلزامية للإفصاح والشفافية التي يجب أن تذكر في التقرير الدوري المالي والتشغيلي للشركة.
جملة القول أن لائحة الحوكمة لم تورد تفصيلاً وافياً عن كيفية احتساب وتوزيع هذه الأرباح بين المساهمين، والمرجع القانوني في هذا الحق الأصيل للمساهمين هو نظام الشركات السعودي الصادر في 1965، الذي قرر بأن يتم توزيع الأرباح الصافية للشركة Net- Profits كما يلي، يتم توزيع خمسة في المئة من الأرباح الصافية عوائد مالية أو أسهم منحة للمساهمين إذا لم ينص عقد الشركة Articles of Association على نسبة أكبر، يتم توزيع ما لا يزيد عن 10 في المئة لحملة الأسهم التأسيسية في الشركة، وهم المساهمون المؤسسون للشركة، يتم توزيع 10 في المئة من الأرباح الصافية للشركة تعويضات ومكافآت لأعضاء مجلس إدارة الشركة، المتبقي من الأرباح الصافية للشركة يتم حفظه كاحتياطي ادخاري وتشغيلي للشركة.
وفي الجانب الآخر نجد أن لائحة حوكمة الشركات لم تورد معلومات وتنظيمات كافية فيما يختص بالحقوق المالية الأخرى للمساهمين المذكورة آنفاً، فالحق المالي الثاني للمساهمين هو الحق في الحصول على نصيب من موجودات وممتلكات الشركة في حال التصفية، هذا الحق تمت الإشارة إليه في نظام الشركات كذلك من دون تفصيل واضح، وهذا الحق يكتسب قطعيته القانونية واستحقاق المساهمين له في حال تصفية الشركة بناء على اشتراطات عدة، ومنها الإفلاس أو تنازع المساهمين واختلافهم، وخصوصاً كبار المساهمين في الشركات، فإذا دخلت الشركة في حال التصفية فإنه يجب على المصفين أن يسددوا الديون التي تكون الشركة طرفاً فيها، وبالتالي إذا كان هناك ممتلكات للشركة ذات قيمة وبحال جيدة فتوزع بشكل عادل بين المساهمين، والحق المالي الثالث للمساهمين هو حق المساهم في التصرف بأسهمه، وهذا الحق يعني توزيع النسبة المالية للمساهم في الشركة إلى أسهم متساوية في القيمة، وكذلك حق المساهم في التخلي أو التنازل عن كل أو بعض أسهمه بما يحقق مصلحة الشركة أو المساهمين الآخرين.
بناء على ما تقدم يتبين بأن الحقوق المالية للمساهمين الواردة في لائحة حوكمة الشركات يعتريها نقص وغموض، ما يسبب إشكالاً لفهم القالب القانوني الذي يراد بها، ويحتم على مجلس إدارة هيئة سوق المال السعودي - بوصفها جهة تشريعية وتنفيذية ورقابية على سوق المال - مراجعة لهذه الحقوق المذكورة في لائحتها التنفيذية لحوكمة الشركات، حتى وإن كانت هذه اللائحة شبه استرشادية، خصوصاً إذا علمنا اعتزام مجلس إدارة هيئة سوق المال السعودي تحويل هذه اللائحة إلى لائحة تنفيذية ملزمة في المستقبل القريب، هذه المراجعة يجب أن تأخذ في الحسبان ما تم ذكره في نظام الشركات السعودي، والذي بدوره يعاني الكثير من الغموض القانوني في شرح المواد المتعلقة بحقوق المساهمين المالية، والأهم من ذلك بأن تأخذ هذه المراجعة في الحسبان ما تم ذكره في قوانين الشركات في دول العالم المتقدم، وأهمية هذه المراجعة للحقوق المالية للمساهمين تكمن في أن عدم مراجعتها ربما يكون دافعاً لإساءة تعاطي السلطة الممنوحة بموجب هذه اللوائح والقوانين لأعضاء مجالس الإدارة والأعضاء التنفيذيين للشركة، وربما لكبار المساهمين في الشركة، وهذه المراجعة التي وإن قام بها مجلس إدارة هيئة سوق المال لحقوق المساهمين المالية فإنها ربما تكون الحل الأسرع والأمثل بناء على المسؤوليات المنوطة بهيئة سوق المال في إرساء وتحقيق العدالة السوقية للأسهم وللمساهمين والشركات على حد سواء.
أعني بأن عدم مراجعة هذه الحقوق المالية للمساهمين من مجلس إدارة سوق المال ربما يجعل تعديل هذه المواد أكثر تعقيداً، خصوصاً إذا علمنا بأن مجلس الشورى له صفة تشريعية فيما يختص بتعديل هذه المواد والحقوق الواردة تحت نظام الشركات السعودي، إذ إن سلطة مجلس إدارة سوق المال السعودي التشريعية تتسم بالمرونة في تعديل واستصدار اللوائح التنفيذية التي تضمن العدالة السوقية بناء على القوة والحجة القانونية لنظام سوق المال السعودي الصادر في 2003.
نقلا عن الحياة
اين حقوق الماهمين في المعجل؟!