تمثل الصادرات أهمية بالغة لمجموعة كبيرة من دول العالم، وخاصة الدول الاقتصادية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين واليابان وغيرها من الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل كامل على الانتاج وأصبحت عنصرا مؤثرا في العالم؛ نتيجة ما تملكه من تقنيات ومنتجات وخدمات أصبحت مطلوبة على رقعة واسعة من الخريطة الجغرافية العالمية، وهذا بالنسبة لنا ليس بجديد حيث إن المملكة تعي أهمية هذا الأمر تماماً، ودخلت سباق الصناعة مبكرا وأولتها وشجعتها عبر العديد من البرامج إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا اليه، حيث تمثل الصناعة في المملكة أهمية بالغة رغم صعوبة خوض هذا المجال، إلا أنها حاولت وتفوقت في مجالات صناعية عديدة وتقاوم وتكافح في نجاح صناعات أخرى.
شخصيا سرني حديث معالي وزير الصناعة الأسبوع الماضي بتصريحه الذي أشار فيه إلى أهمية التركيز على القطاع الصناعي والحوافز الممنوحة للمستثمرين الصناعيين ونسبة الزيادة في القروض الصناعية للفترة القصيرة السابقة، والأهم من ذلك أن المملكة تحقق حاليا نسبة نمو للصادرات غير النفطية بنسبة ١٢٪ وهي ما تمثل تقريبا ضعف نمو نسبة الناتج القومي للمملكة، وقد يعتبر البعض أن هذه النسبة طبيعية ولكن واقع الأمر أن معدل هذه النسبة يعتبر معدلا تنافسيا مقارنة بالاقتصاديات الصناعية الكبرى في العالم، لذا من الأهمية أن نسعد بما يتحقق على واقع الأرض مع أهمية المطالبة بتحقيق المزيد لدعم هذا التوجه ورسم مستقبل واعد وأكثر إشراقا لأبناء هذا الوطن.
إن تشجيع الصناعة ودعم الصناعة ورواد الأعمال وبحوث التطوير وتوفير المال والموارد الأساسية، تمثل الركائز الأساسية لقيام مجتمع صناعي داخل الدولة، واهتماما بقيام صناعات فريدة، شخصيا عندي ثقة كبيرة في قدرات أبناء وطني باجتياز الحدود في إبداعاتهم وتألقهم خاصة في المجال الصناعي، وهذا ليس بشهادة ولكنه واقع ملموس نشاهده كل يوم من خلال قدرات المهندسين السعوديين في ادارة وتطوير مشاريع عملاقة على ارض هذا الوطن، لذا يحدوني التفاؤل بشكل كبير في قيام مجتمع مثقف صناعيا وقادر على الانتاج والريادة الصناعية.
أتذكر ومن خلال مسيرتي العملية انني قابلت العديد من الباحثين والمخترعين غير السعوديين ومن جنسيات متعددة ومن مجتمعات صناعية كبرى على مستوى العالم، وأكثر ما لفت انتباهي أن الاختراعات والبحوث الصناعية والتنافس على تقديم ما هو جديد على مستوى العالم أصبح بمثابة سباق بين هؤلاء لإيمانهم العميق بقدراتهم وان المجتمع لن يتقدم متى ما أصبحوا مكتوفي الأيدي دون أن يعملوا على التقدم الحضاري من خلال دعمهم للقطاع الصناعي، بل بعضهم يعلم جيدا انه وسط سباق حاد المنافسة وسط مجتمع تنافسي قد يسبقه في حال لم يكمل ما تم التخطيط له من مساهمة للعملية الإنتاجية بشكل أفضل، وهنا وفي المملكة علينا أن نعمل ونتعاون من أجل خلق وبناء ثقافة مجتمع صناعي ليس على المستوى الاستثماري فقط، وإنما على المستوى الفكري والمهني. دعواتي بالتوفيق وكل عام وأنتم بخير.
نقلا عن اليوم