«حاوريني ياطيطة» مصطلح متداول فى مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت لها سطوة إعلامية تتنامى مع الأيام ومن وسائل مواقع التواصل الاجتماعي الطرفة التي من اشكالها « التنكيت «بالسخرية اللاذعة وخاصة في نقد التقصير وتبلد شعور المسئول تجاه المراجعين أو عدم تقدير حاجة المواطن ومقتضى حاله ،ومن متداول مواقع التواصل الاجتماعي صورة مثيرة للضحك المبكي لأن الصورة تجسد المعاناة مع شركة الكهرباء السعودية وتجسدها أكثر في شهر الصيام والصورة لمقيم أنهكه الحر واخذ منه التعب وعندما يئس من شركة الكهرباء استغرق في نوم عميق بداخل ثلاجة البقالة وقد احاطت به العصائر من كل العلامات التجارية لتبرد جسده المنهك من حرارة الشمس ولتخفف عنه غياب شركة الكهرباء عن توصيل الخدمة وقد توسد» الحفائض» لتعميق الصورة الهزلية المضحكة التي تكفي عن مائة مقال.
وفن الكاريكاتور عرف بهذه السخرية وأجاد الكثيرون استخدامه في نقد التقصير لكن بعض المشاكل أكبر من أن تحل بالنقد الضاحك فقد تحتاج لتدخل مباشر من مدير عام شركة الكهرباء بالمنطقة الغربية وقد تستدعي تدخل الوزارة نفسها خاصة حين تصل الحالة بالمواطن والمقيم لحد الاحباط وهم يؤدون أعمالهم وهم صيام وفي ظل ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة والسؤال الذي يطرح نفسه هل ثمة سبب يبرر انقطاع الكهرباء ؟ وهل المبررات التي يتذرع بها البعض في عدم توصيلها للمنازل أو المحال التجارية مقنعة؟
والسؤال له صلة بالاعتمادات المالية والرعاية التي تقدمها حكومتنا الرشيدة للشركة إذ يصعب قبول أي تقصير..فالكهرباء جزء من معادلة الحياة وجزء من اي عمل ،فغيابها للحظة عن مستشفى أو منزل أو محل تجاري سيلحق به أضراراً يصعب تلافيها وفي حال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيدمر مستقبلها لأن معظم منتجات المنشآت التجارية تعتمد على التبريد بصورة أساسية .
وللناس حكايات وقصص محزنة تعكسها المداخلات والتعليقات المختلفة فبعض الناس يقول أن طلبه لتوصيل الكهرباء لمنزله أخذ منه شهوراً وبعضهم امتد لسنين والمحزن أن لا أحد يعرف السبب الحقيقي أو يجد من يدله على نهاية للنفق الطويل من الاجرءات البيروقراطية القاتلة وهناك آخرون علقوا بأنهم حصلوا في نهاية المطاف على العبارة (إذهب اشتكي) ومن المفارقة أن عبارة (اشتكي) على ما فيها من ظلم شرحت الصدور لأن الشكوى قد تشكل باباً للفرج ولكنها فتحت شباكاً (لروح وتعال) لأنه ليست ثمة جهة يمكن الشكوى إليها ولهذا استسلم البعض للغيظ أو التشكى لله الذي ليس بينه وبين مظلوم حجاب، هناك بعض التعليقات أشارت لعبارة (تعالى بكرة) على اعتبار أن (بكرة) مفتوحة على الزمان والمكان والآفاق لأن بعض المسئولين في الشركة صارت إجابته اليومية للمراجع تعال(بكرة) وبعض الناس قال أنه صار (كرة) قدم بين أقدام المقاول وشركة الكهرباء وكل يحمل المسئولية للآخر، وكل يعيد إنتاج نفس المبررات فالمقاول يقول أن البلدية دخلت على خط التعطيل وأنه يحتاج لإذن منها بحفر الشارع وترد الشركة بالمثل كأن كليهما لا يعرف ذلك بصورة مسبقة وعندما يحصل المواطن على الضوء الآخر يدخل موضوع توصيل الكهرباء في حلقات متداخلة ومتعرجة لا تعني إلا المماطلة فيُقال أن التوصيل يحتاج لشرائح لتوصيل الكهرباء أو تقول عبارة غامضة من شاكلة (إطلاق التيار الكهربائي) يحتاج لاجراءات فنية أو عبارات لا يفهمها المواطن ولا يدرك المقصود منها أو بها ولهذا يضيق الحال في ظل تطاول الأيام والشهور وأحيانا السنين وليس ثمة ملجأ للمواطن بعد أن يفشل في الصلات الاجتماعية والواسطة في العثور على حل، . لأن المسؤول في اجتماعات دائمة أو أنه خارج المكتب أو أنه مسافر مما يجعل القاسم المشترك بين الجميع ضياع وقت المواطن واهدار جهده ربما لاغراقه في سيل من اليأس والاحباط.
ظل كاتب هذه السطور يتفادى التفكير السلبي أو ممارسة النقد المحبط ولكن قد يتفق البعض بأن من وظائف الكتابة ومهامها أن تكون صوتا للناس ولفت نظر المسئول بالاسهام معه في إيجاد حلول لمشكلة كالتي تحدث مع شركة الكهرباء بجدة وهكذا افترضت أن وضع شركة الكهرباء بجدة يحتاج لنقلة ولتعميم ما يتداول عنها وخاصة حول انتاجية الفرد فيها ولاشك تحتاج الشركات لتفعيل أنظمة المحاسبة والمساءلة في ظل تقرير وزارة التخطيط التي أفادت بأن إنتاجية بعض الموظفين في القطاع العام (ساعة زمان) وأظنها في شركة الكهرباء ستكون مدهشة، على أن هذه الانتاجية المتدنية بالشركة لا تثير السخرية فحسب بل تثير الفزع وخصوصا فزع القطاع الخاص المحلي لارتباط بقائه بالكهرباء ولأن الانتاجية المنخفضة تطعن فيما نعتقده من كفاءة في الأفراد وهذا واقع يحد من قبول توظيف المواطن في قطاع يعتمد على الربحية إذ لا يجوز أن تسوِّق شركة الكهرباء إنتاجية المواطن السعودي بهذه الصورة المسيئة ولهذا أرى أن الأمر أبعد من المماطلة في توصيل الخدمة لمحل أو منزل وأكثر تعقيدا من تناوله بالسخرية لأنه يتعلق بصورة شركة وطنية كبرى وبمعدل إنتاجية مواطن مهني، والحال كذلك فإن وزارة الكهرباء مطالبة بالتدخل السريع لايجاد حل أو وضع بدائل.
نقلا عن المدينة
