كثرت الشركات الوهمية لتوظيف الأموال في بلادنا الغالية في العقود الثلاثة الأخيرة في ظل غياب الأنظمة والرقابة الفاعلة من الجهات الحكومية المعنية بالتراخيص والمراقبة والحوكمة مثل مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة التجارة والصناعة وديوان المراقبة العامة.
وقد استغل موظفو هذه الأموال العاطفة الدينية للشعب السعودي، فمعظمهم استغلوا الدين لجذب المستثمرين، بل كانوا يوزعون أرباحاً خيالية صدقها المغفلون من الناس.
والمثير للسخرية أن الجهات الحكومية تسمع وترى ما يحصل من توظيف غير مشروع للأموال ولا تحرك ساكنا وكأنها غير معنية بحماية المواطن والوطن والاقتصاد من هذه الشركات الوهمية التي تشكل خطراً على الأمن الاقتصادي للمملكة.
ولقد كانت إحدى هذه الشركات الوهمية مجرد مكتب متواضع في عمارة قديمة في الدمام لجمع الأموال بشكل خرافي، حيث يرمي المغفلون الأموال بين أيدي الاستغلاليين، ليقوم بعدها الكاتب بتسليم المستثمر سنداً بالاستلام وعقداً غامضاً بالاستثمار.
المشكلة هي المستثمر الساذج نفسه عندما يصدق عائدات خيالية في مجالات استثمارية غير مرخصة وغير معلنة من قبل جهات حكومية رسمية وغير صريحة من حيث الوعاء الاستثماري وغير شفافة من حيث صيغة العقود إن وجدت.
بل إن التدليس واضح في مفردات عقود الاستثمار من حيث العائدات وفترة الاستثمار ونهاية العقد.
المشكلة واضحة في جشع الناس وتصديقهم الشائعات حول العائد الاستثماري، والأمر من هذا أن الناس يقنعون بعضهم بهذه المساهمات الوهمية، ويستغل موظفو الأموال جهل المواطن أو تجاهله المعلومات، بل ويغرونه بأرباح عالية جداً مقارنة بالأرباح في المشاريع المشروعة ما يزيد جشعه وجشعهم لتقع الفأس في الرأس ويتكبد الكثير من الأموال التي لا يمكنه استعادتها بالطرق الودية أو الشرعية (القانونية).
وهنا يأتي دور الحكومة من خلال الجهات المعنية بالتراخيص والرقابة لملاحقة موظفي الأموال، لكنها تستغرق فترة طويلة قد تستعرق أكثر من عشر سنوات كما هو الحال في قضيتي العيد والجمعة وغيرهما من القضايا التي لا تزال عالقة في المحاكم وجهات التسويات الودية.
ويسهم في حلول توظيف الأموال المتعثرة عدة أطراف، حيث يقع على الحكومة ممثلة في وزارة التجارة ومؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة مكافحة الفساد وديوان المراقبة العامة مسئولية شرعية وقانونية وأخلاقية لوضع النقاط على الحروف بتجريم توظيف الأموال غير المشروع ومراقبة وتحري وملاحقة أي عملية جمع وتوظيف للأموال.
ويجب التأكد من شرعية جمع وتوظيف الأموال من حيث التراخيص والجدوى الاقتصادية والمعلومات والشفافية ومشروعية قنوات الاستثمار ومراقبة حركة الأموال المتجهة خارج المملكة من شركات توظيف الأموال وإليها والتفاعل السريع مع أخبار أي مساهمة لتوظيف الأموال.
وعلى كل حاكم إداري مسؤولية التأكد من سلامة أي عملية توظيف أموال من حيث مشروعيتها في منطقته.
فالمبادرة السريعة للتعامل مع توظيف الأموال لا تعطي الفرصة للتدليس والكذب والتضليل، بل تعد المراقبة رادعاً لهم من العبث بأموال المواطنين، وبالتالي حماية الاقتصاد وسمعة المملكة.
ولا نستبعد أن يكون توظيف الأموال في قنوات غير مشروعة تهدد أمننا الوطني، لذلك يجب التحرك السريع عند توافر المعلومات عن مساهمات توظيف الأموال، ويجب إيجاد الحلول المنصفة والسريعة للمستثمرين في المساهمات العقارية المتعثرة وغيرها من قضايا توظيف الأموال، لأن تدوير هذه الأموال من قبل المستثمرين في الاقتصاد السعودي يسهم في نموه.
نقلا عن اليوم