في عام 2009م أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية عن عدد من الوثائق الرسمية التي تتعلق بالسياسة الاقتصادية والنقدية للولايات المتحدة خلال الفترة من عام 1969م-1972م، وهي فترة هامة جدًا ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي التجاري، المالي والنقدي منذ ذلك الوقت و ما زالت حتى الآن، على الرغم من مضي أكثر من أربعة عقود، والوثائق المفرج عنها عبارة عن تفاصيل لاجتماعات ومقابلات للإدارة الأمريكية والتي أدت بنهاية المطاف إلى إعلان الرئيس (نيكسون) في 15 أغسطس من عام 1971م عن إغلاق نافذة الذهب والتوقف عن مبادلة الذهب بالدولار طبقًا لمعاهدة (بريتون وودز).
طبقا للوثائق المفرج عنها وغيرها (جون كوناللي John B. Connally ) وزير الخزنة في إدارة الرئيس (نيكسون) اعتقد بأنه لو لم يكن موجودًا في الإدارة الأمريكية ذلك الوقت ربما أن التاريخ كان سيُكتَب بطريقة مختلفة عمّا آلت إليه الأمور، (كوناللي) كان هو محور وأساس تخلي الولايات المتحدة عن اتفاقية (بريتون وودز) أو كما يقال من (الألف إلى الياء A TO Z) فقد كان متواجدًا قبل وأثناء وبعد قرار الرئيس (نيكسون).
إن تعيين (جون كوناللي) كوزيرًا للخزنة _علمًا أنه ديمقراطي على عكس الرئيس (نيسكون) وهو جمهوري على الرغم من معارضة الكثيرين لهذا التعيين_ كان أمرًا غريبًا، فقد جاء إلى إدارة الرئيس (نيكسون) في 11 فبراير من عام 1971م أي قبل 5 أشهر من توقف الولايات المتحدة عن صرف الدولار مقابل الذهب وغادر في 12 يونيو من عام 1972م، أمضى أقل من سنة ونصف في إدارة الرئيس (نيكسون)، قام بكل خطوة أدت إلى إلغاء اتفاقية (بريتون وودز)، كان يعرف ما الذي يجب عمله كأنهُ رجل في مهمة خاصة أو جاء من أجل هدف واحد؛ فبعد أن أدى ما جاء من أجله غادر، أي أنهُ شخصيًا قَدِم لإدارة الرئيس (نيكسون) من أجل مهمة واحدة وهي دعم أو إقناع أو الضغظ على (نيكسون) من أجل التخلي عن اتفاقية (بريتون وودز).
حتى في صباح اليوم التالي لقرار الرئيس (نيكسون) أي في 16 أغسطس 1971م كان هناك نوع من الفوضى من قبل الشركات والعمال عن كيفية التعامل مع قرار التجميد حيث كان الأمر الرئاسي ينص على تجميد الأسعار والأجور فيما عدا المنتجات الزراعية لمدة تسعين يوم، لم يكن أحد يمتلك إجابات، حتى القرار الرئاسي لم يصدر بعد؛ لا أحد يعلم كيف يتعامل مع الوضع فيما عدا (كوناللي) تصدى لأسئلة الصحفيين في مبنى وزارة الخزنة وأخذ يشرح ماذا يعنيه تجميد الأجور والأسعار وقال: "القرار كما سمعتم لا أسعار ولا أجور يمكن أن تزيد لمدة تسعين يوم باستثناء المنتجات الزراعية"، بعد ذلك أخذ يشرح لِـ (فرجينيا ناير) Virginia Knauer مستشارة الرئيس بقوله: "تذكري فرجينيا إذا كان خيار _منتج زراعي_ يمكنك رفع الأسعار لكن عندما يصبح مخلل يجمد" _يقصد بذلك أن الخيار بعد التصنيع يخضع لنظام تجميد الأسعار.
حادثة أخرى حدثت بعد ثلاثة أيام من صدور القرار الرئاسي حيث أعلن مصدر رسمي من وزارة الدفاع الأمريكية بأن التجميد لن يشمل زيادة رواتب العسكريين والتي كان من المقرر أن تبدأ بنهاية شهر أغسطس لكن (كوناللي) اتصل بوزارة الدفاع قائلاً: "يبدو أن وزراة الدفاع لديها سوء فهم لقرار الرئيس" وأضاف أن التجميد يشمل العسكرين أيضًا و طلب من وزارة الدفاع إصدار بيان تذكر فيه بأن زيادة الرواتب متوقفة طبقًا لقرار الرئيس، وبعد ساعة من طلبه تم إصدار البيان.
الكل من داخل وخارج الإدارة كان ينفذ ما يطلبه (كوناللي) حتى الرئيس (نيكسون) كان يخاف ويصاب بالرعب من (كوناللي)، هذا ما ذكره المؤرخ (بروس شولمان) وأضاف: أن وزير الخارجية (هنري كيسنجر) أيضًا ذكر بأن (كوناللي) هو الشخص أو الطرف الوحيد في إدارة الرئيس (نيكسون) الذي لم يتحدث أو يذمة الرئيس خلف ظهره.
بناءً على ما سبق أقول بأن (جون كوناللي) كان هو القيادي الذي أقنع الرئيس (نيكسون) أو بمعنى أصح أقنع الإدارة الأمريكية بإغلاق نافذة الذهب على الرغم من معارضة كثيرين في إدارة الرئيس (نيسكون) لهذا القرار، ومنهم (آرثر بارنز) رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي السابق في عهد الرئيس نيكسون، فقد ذكر بيرنز في مذكراته والتي صدرت في كتاب عام 2010م بعنوان (يوميات آرثر بيرنز السرية 1969م-1974م) بأنه كان يعارض و بشدة خطة الرئيس (نيكسون) في (إغلاق نافذة الذهب) والتي أُقِرّت في (كامب ديفيد) خلال الفترة من 13-15 أغسطس 1971م، بل كان يعتبر (بيرنز) الإغلاق هو اعتراف بالهزيمة ضد التضخم، وأضاف بأن ذلك سيسعد السوفييت و صحيفتهم الرسمية (برافدا) التي ستعتبر الإغلاق انهيارًا للرأسمالية، لكن (نيكسون) رفض حجة (بيرنز) و ذهب مع رأي وزير الخزنة (كوناللي) الذي وصفه (بيرنز) في مذكراته بأنه لا يعرف عن الاقتصاد أي شيء و غير مهتم بأن يعرف أو يتعلم، حيث كان (كوناللي) يؤيد وبشدة إغلاق نافذة الذهب.
لم يكن رئيس الفيدرالي السابق (آرثر بيرنز) هو الوحيد في إدارة الرئيس (نيكسون) الذي كان يعارض إغلاق نافذة الذهب، (هنري كيسنجر) الذي كان يشغل منصب مساعد الرئيس لشؤون الأمن أيضًا من جهته استغرب اتخاذ مثل هذا القرار المهم أو التاريخي بدون استشارة أو دعوة وزير الخارجية (ويليام روجرز) أو مستشار الأمن القومي (كيسنجر) إلى الاجتماع في (كامب ديفيد) حيث كان وزير الخزنة (كوناللي) هو الميسطر على الاجتماع وما دار وما اتخذ من قرارت خلال الاجتماع؛ لذا تجد اسمه متواجدًا في كل خطوة اتُخِذَت قبل و أثناء و بعد القرار، كان وجود (كوناللي) في الإدارة الأمريكية ضروري لاتخاذ القرار ودعم الرئيس (نيكسون) في إغلاق نافذة الذهب على عكس الكثيرين من أعضاء الإدارة الأمريكية الذين كانو يعارضون وبشدة مبدأ التخلي عن معاهدة (بريتون وودز).
إذن السؤال هو: هل كان تعيين (جون كوناللي) _الذي تربطه علاقة قوية مع شركات النفط في (تكساس) والتي كانت تعاني من خسائر جسيمة جراء انخفاض الأسعار و التأميم الذي بدأ ياخذ طريقه إلى صناعة النفط_ كوزير للخزنة في مرحلة حرجة للإدارة الأمريكية في علاقتها بأوروبا والعالم؟ وهو ديمقراطي داخل إدارة رئيس جمهوري غالبية إدارته تعارض التخلي عن معاهدة (بريتون وودز) بهدف: إقناع و دعم وتأييد أو الضغط على الرئيس (نيكسون) للتخلي عن اتفاقية (بريتون وودز)! وهل كان البديل جاهزًا و الذي عُرِف فيما بعد بـِ (البترودولار)؟ و الأهم من ذلك هو: هل الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) كان على علم مسبق بقدوم (البترودولار) قبل إغلاق نافذة الذهب 15 أغسطس 1971م؟
كلام جميل لكنه بالطبع لا يخلو من نظرية المؤامرة.. كما أن قرار إلغاء ربط الذهب بالدولار يعتبر من أهم وأكبر وأنجح القرارات الاقتصادية من مئات السنين، والدليل واضح: أنظر إلى أين وصلت أمريكا خلال هذه الـ 40 عاماً. وأنظر حتى بعد جميع الأزمات المالية والاقتصادية لا تزال أمريكا ولا يزال الدولار هو سيد الموقف! فما المشكلة في قرار كوناللي وقيادته؟
المشكلة انها مؤقتة بشهادة صاحب نظرية التخلي عن الذهب (جون كينز).. فعندما عارضه خصمه فريدريك حايك (كلاهما حاصلان على جائزة نوبل) وقال ان هذا النظام لا يمكن ان يدوم على المدى الطويل, رد عليه كينز "على المدى الطويل, كلنا موتى".. فهو كان عارف انه يؤدي الى نظام يجبر فيه الشخص على الانفاق وشراء الاصول خشية التضخم وانخفاض قيمة امواله.. والانفاق يؤدي الى زيادة الاستثمارات وانتعاش الاقتصاد. وما شجع امريكا اكثر هو اختيار الدولار كعملة الاحتياط العالمية بعد الفوز بالحرب العالمية عندما كان اقتصاد امريكا يمثل تقريبا 50% من اقتصاد العالم. تقول ما هي المشكلة؟ المشكلة هي انك عندما تعطي شخص او حكومة حرية طباعة الاموال والاقتراض من اجل الانفاق... يؤدي هذا بكل تأكيد بالنهاية الى الافراط بذلك ولن يتوقفوا الا بعد كارثة اقتصادية. لأن الانفاق مصطنع وطباعة الاموال مصطنعة. معدل الادخار ضعيف جدا وحتى الشركات تبيع منتجاتها تضطر للبيع بالاقساط او اعطاء قروض. هذا لا يمكن يدوم للأبد. الآن الحكومة الأمريكية لو توقفت عن الاقتراض افلست. ولو استمرت بطباعة الاموال والاقتراض فبعد اقل من عشر سنوات سيذهب ثلث دخل الحكومة من الضرائب لتسديد فوائد الديون لحالها. عندهم شعور بالقوة يعطيهم غرور ويكابرون ولا يريدون الاعتراف بالواقع وهو انه يجب خفض الانفاق خفض هائل..
لكن كل رئيس يمشي حاله بالقروض الى الرئيس اللي بعده, فكيف يأتي رئيس ببرنامج انتخابي يقول "سنتوقف عن الانفاق ونقطع معونات ونخفض الانفاق العسكري واذا سقطت شركات وبنوك بنتحمل كم سنة وبعدها نستطيع تأسيس اقتصاد جديد وقوي" --- لا الناس بتسمح له, ولا الشركات بتدعمه ماديا حتى يترشح ويفوز.
المشكلة ان أمريكا قد صدرت جميع الازمات المالية والاقتصادية إلى العالم وتعيش عالة على العالم ، الدولار لم يعد قادرا على لعب دور العملة العالمية... أمريكا تقول الدولار عملتنا ولكنه مشكلتكم.
كلامك صحيح وللعلم كتبت برجراف كامل تحدثة فية عن ان ماقامت بة الولايات المتحدة كان قرار صحيح او ما تستدعية المصلحة العامة للولايات المتحدة على الاقل ذلك الوقت لكن حذفتة انما الحديث هنا ليس عن صحة او غير صحة القرار الحديث عن القرار من ناحية تاريخية كيف ولماذا ومن يعرف او من يقف خلف هذا القرار وهل الرئيس الامريكي علي علم مسبق بقدوم البترودولار قبل الغاء الاتفاقية وهل كان وجود كوناللي كان لدعم موقف الرئيس امام ادارتة التي كانت تعارض الغاء المعاهدة مثل وزير الخارجية روجرز مستشار الامن القومي نيكسون والاهم رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي ذلك الوقت ارثر برينز الذي كان يعارض وبشدة التخلي عن المعاهدة اذن كيف ياخذ الرئيس نيكسون براي رجل من حزب منافس و غير معروف عنة علمة بالاقتصاد او المال ويتخذ قرار يعد من اهم القرارات التي اتخذها في حياتة السياسية الا في حالة واحدة (فرضية) وهي ان من يعمل خلف الادارة الامريكية مثل مجموعة بلدربيرغ قد اتخذت القرار مسبقا بالتخلي عن بريتون وودز واحلال بيترودولار كبديل وستخدمت كوناللي كاداة لتحقيق هذا الهدف و لدعم و مساعدة الرئيس الذي ربما يعلم مسبقا بتلك المخططات ولكن يحتاج الي شخصية قيادية وقوية تتولى هذا الامر و تقنع ادارتة بهذا القرار(بامكانك معرفة دور مجموعة بلدبيرج في حرب اكتوبر و رفع اسعار النفط بنسبة 400%وبالتالي الي استحداث نظام البترودولار بالاطلاع على مقالات التالية) 1- هل تكون أحداث الشرق الأوسط تمهيدًا لبداية سياسة نقدية جديدة؟ 2- علاقة حرب اكتوبر وحظر النفط بالدولار الجزء الاول 3- علاقة حرب اكتوبر وحظر النفط بالدولار الجزء الثاني 4- علاقة حرب اكتوبر وحظر النفط بالدولار الجزء الثالث
شراء الذهب في هذا الوقت اعتقد انه امر جيد لحماية عائلتك من المستقبل